مقتدى الصدر قيادة فوق خط النار..

يوسف رشيد الزهيري

انتجت القوى الاستعمارية في العراق مرحلة سياسية جديدة ابان سقوط النظام السابق حيث بدأت مرحلة التعاون بين السياسيين العراقيين والسلطة الاميركية في خلق نظام سياسي جديد يحكم العراق بصورة مختلفة عن وضعه السابق وبالتحديد منذ قيام الجمهورية عام 1958، وتطبيق نظام قانوني ديمقراطي برلماني يستمد سلطته من الشعب بصورة مباشرة عبر الانتخابات وتأليف حكومة تؤمن احتياجات البلد، وبالفعل تشكل النظام السياسي الذي يحكم المرحلة القادمة ليقود البلاد نحو مرحلة جديدة من تاريخه.

ومن الملاحظ على هذا النظام ان السلطة الاميركية سمحت للاطراف الاقليمية بالتدخل بشؤون العراق ، ومهدت للنظام السياسي في العراق على خلق نظام يؤمن بالطوائف والحصص على شتى المكونات ومهدت كل الطرق والأساليب لهذا المشروع الخبيث بدعم طرف على اخر وتغذية الصراع الطائفي والمذهبي في العراق ومن الملاحظ وفق التجارب السياسية للحكومات المتعاقبة بانه نظام طائفي محاصصاتي في كل مفاصل نظامه التكويني، وهذا بحد ذاته ليس المشكلة، بل المشكلة تكمن بتصديق النظام بفكرة الطائفية والمحاصصة في تكوينه الجديد، وبدأ يؤسس نظامه على هذا النمط الجديد باللفظ والمعنى، واستسلم كما يبدو لنعوت مستفزيه لحقيقة كامنة داخل المجتمع العراقي منذ تكوينه من الاصل. وبدات حصة المناصب والرئاسات متعارف عليها كالعرف العشائري نصيب كل جهة

سياسية وطاىفة .

وفي قراءة لظاهرة التحالفات السياسية والصراعات المتبادلة بين الكتل العراقية في الوقت الحاضر يتطلب قراءة اولية لمفهوم الطائفية السياسية وتشكلها وارتباطها بتعثر الخطاب الديمقراطي والحداثة وضعف المدنية والوقوع في فخ المحاصصات. حيث بدات الظاهرة بتكوين الكتل والاحزاب السياسية وتجييش الجماهير واستقطابها في كل مرحلة انتخابية على اساس المذهب والطاىفة والقومية

في ظل غياب المشروع الوطني والوعي الجماهيري

لارتباط الموضوع بالمعتقد الديني والمذهبي او المتغير الديني حيث ان الدين من اهم المتغيرات الاساسية التي بنيت عليها الطائفية في مجتمع متعدد الاديان مثل العراق، ويعتبر احد معايير التباين بين الجماعات.

حيث ان التنوع الديني في نفس المجتمع لا يكتسب اهمية سياسية الا اذا ترتب عليه تنافس او تنازع او صراع في مجالات القيم او الثورة او السلطة. وبرزت عدة مشكلات خطيرة وتفاقم الصراع وادت الكثير من العوامل السياسية والفوارق الطائفية والصراعات السياسية والطائفية المحتدمة الى نشوب خلافات عميقة وانسلاخ لمكونات المجتمع العراقي وتدهور عام على مستوى اركان الدولة العراقية التي غرقت في الكساد الاقتصادي والفساد الاداري نتيجة الهيمنة السياسية وسوء ادارة البلاد وتعرض العراق الى الغزو الداعشي الاخير نتيجة الفجوة الكبيرة التي خلفتها ازمة الحكم السياسية وتداعياتها الخطيرة .. وما تمخض عنها من نشوب ثورة شعبية عارمة في العراق لرفض السياسات الطائفية والتدخلات الخارجية والنظام المحاصصة السياسية والدعوة الى تشكيل حكومة مدنية مستقلة بعيدة عن التدخلات الاقليمية والدولية وفق اسس وطنية ومهنية والدعوة الى محاسبة الفاسدين من كبار رجال الدولة ومثيري الفتن الطائفية في البلاد . والتي اثمرت عن تقارب القوى المدنية مع التيارالاسلامي المتمثل بالخط الصدري للدخول الى الانتخابات الاخيرة تحت رؤية جديدة ومشروع وطني يساهم في تخليص العراق من ازمة الحكم الطائفية . وقد افرزت نتائج الانتخابات عن فوزالقوى المدنية المتحالفة مع الاسلاميين والتي شكلت صدمة كبيرة للقوى السياسية الأخرى المتهمة بملفات الفساد وسقوط الموصل والتي واجهت فوز القوى المدنية بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالتشكيك بنتائج الانتخابات والتزوير وتكوين كتلة داخل البرلمان المنحل من المعترضين والخاسرين والمتراجعين بالمقاعد الانتخابية في محاولة لاعادة الانتخابات او اعادة العد والفرز اليدوي بعد عملية الطعن بنتائج العد الالكتروني . التي نجحوا في إعادتها لكن بنتائج مخيبة للآمال تمكنوا بعدها من عرقلة جهود تشكيل الكتلة الاكبر المنافسة وتشكيل تحالف في مواجهتها من القوى المتشددة والمؤمنة بالمشروع الطائفي في العراق من كلا الفريقين للمحافظة على مناصبهم ومواقعهم السيادية والحزبية في الدولة ومن خشية الوقوع تحت طائلة المحاسبة القانونية من جراء ملفات كثيرة اهمها ملف سقوط الموصل وملف الفساد وجرائم ارهابية وميليشيوية واستخدام السلطة للمنافع الحزبية والشخصية . ملفات خطيرة وكبيرة تهدد بها نواة الكتلة الاكبربزعامة سائرون والنصر والحكمة وتجعلها نقاط مركزية ضمن ادارتها للسلطة الجديدة في مشهد ارباكي مخيف للقوى الاخرى المتورطة بمشكلات وازمات العراق

لكن المثير بالموضوع ان تشكيلة التحالفات الجديدة وفق الخارطة السياسية الجديدة ومعادلة القوى الاقليمية الجديدة بعد سحب البساط تدريجيا من النفوذ الايراني، انتجت تحالفات وقوى خارج التركيبة المألوفة ضمن التحالفات السابقة التي كانت تجرى بعد كل عملية انتخابية على اسس طائفية ومذهبية وتحت رعاية دولية ودعم اقليمي . فاعداء الامس اللدودين اصدقاء اليوم الحميمين برغم كل الاختلافات الفكرية والعقائدية والايديولوجية والتناقضات والتوجهات السياسية في محاولة لجمع الخصوم لتشكيل كتلة اكبر تحت رعاية اقليمية والعودة مجددا الى مستنقع الظلام والمحاصصة الطائفية وتقسيم المناصب والمسؤوليات بشهية حزبية ونزعة طائفية ..

ومن البديهي والمنطقي جدا وبما انه السيد مقتدى الصدر متصدر مشهد المنافسة السياسية في العراق ومتصدر مسؤولية مشروع الإصلاح الكبير وعلى عتبات تشكيل الحكومة الوطنية المرتقبة بعد اعلان الكتلة الأكبربشكل رسمي من قبل المحكمة الاتحادية بديهيا انه لا يزال تحت خط النار والتاثير الدعائي والسياسي من قبل الذيول والتبعية واصحاب المصالح السياسية والجهات الخارجية والدولية التي تتعارض مشاريعها الطائفية والاستعمارية مع مشروع الاصلاح الوطني بقيادة مقتدى الصدر فقد سخرت كل ماكناتها الاعلامية وجيوشها الالكترونية في اثارة الشبهات حول شخصية مقتدى الصدر ومشروعه الوطني والذي يحاول البعض الصاقه بالمشاريع الخارجية واثارة اجواء الاضطرابات والفتن .

الشعب العراقي اليوم بوعي تام ويعرف الحقائق جليا من هو المتصدي لمشاريع التبعية والاحتلال ومن هو الغارق في وحل التبعية والشيطان والاحتلال ويسعى جاهدا لاغراق شعبه وبلده في وحل اعمق من التبعية والتدمير والفساد من خلال واقع ملموس يراه المواطن العراقي منذ عقد ونيف .الوجوه ذاتها المعروفة بتاريخها ومواقفها وتصريحاتها العلنية وجنسيتها المزدوجة وعمالتها ودورها التآمري على العراق وشعبه .

لقد تمثلت قيادة مقتدى الصدر بسمة الوطنية والجهادية والسلمية والاستقلالية التامة عن كل التأثيرات الخارجية، قيادة حكيمة وطنية تسعى لخدمة العراق رغم كل حلقات التأمر والتهديدات بالتصفية والاطاحة .قيادة لها وزنها على المستوى الداخلي والاقليمي فوق كل الشبهات والاباطيل وفوق خط النار اللاهب المعبأ بالاكاذيب والافتراءات والأراجيف التي يروجها صغار وكبار القوم اللاهثون على هوس السلطة لارضاء اسيادهم. والقيادة التي تمتلك تاريخا وطنيا وجهاديا وجمهورا واسعا على كل المستويات من المستحيل ان تتخلى هكذا قيادة عن دورها ومسؤوليتها التاريخية ونهجها الوطني من اجل مكاسب دنيونية وانية فيها خسارة في الدنيا والاخرة .لكن قد يراها الاخرون زينة الحياة الدنيا من اجل مكاسبهم الدنيوية الزائلة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here