تنسيقيّات البصرة غاضبة من جلسة البرلمان وتُحدِّد موعداً لاستئناف التظاهرات

بغداد/ وائل نعمة

على خلاف ما كان مخططاً لها، أغضبت الجلسة الثانية “الاستثنائية” لمجلس النواب الجديد المحتجين في البصرة الذين توعدوا بمزيد من التظاهرات، بعدما اتضح بشكل جلي عمق الخلافات السياسية التي غطت على الجلسة وتقصير الحكومتين المحلية والاتحادية.
وأعطت “جلسة البصرة” التي أظهرت أداءً غير كفوء لرئيس حكومة تصريف الاعمال حيدر العبادي، الضوء الاخضر للمسؤولين المحليين في المحافظة الغنية بالنفط، للانضمام الى حملة المطالبات باستقالة العبادي لاستحالة الحل في ظل حكومته.

وشهدت البصرة يوم السبت ونهار الأحد هدوءاً لأول مرة منذ اندلاع التظاهرات في تموز الماضي، حيث أعلنت”تنسيقيات الاحتجاج”تعليق نشاطها لعدة أيام لحين عودة الامن، بعدما حدثت عمليات حرق طالت نحو 20 مبنىً حكومياً ومساكن لمسؤولين.
ورجّح أحمد ستار، مسؤول تنسيقية الشباب المدني في البصرة في اتصال مع (المدى) أمس، عودة الاحتجاجات يوم الجمعة المقبل، فيما قال ان”التظاهرات ربما ستأخذ منحىً تصعيدياً إذا استمر إهمال البصرة”.
وعقب جلسة السبت الاستثنائية التي عقدها البرلمان لمناقشة أوضاع البصرة، قال ستار إن”الاوضاع تذهب الى التأزيم أكثر منها الى الحل، حيث انحرف مسار الجلسة الى تصفية حسابات سياسية”. وأشار الى أن الجلسة كشفت للمحتجين أن الحكومتين المحلية والاتحادية تتحملان المسؤولية عن التقصير.
ومع افتتاح الجلسة، قال العبادي أمام 172 نائباً حضروا من أصل 329، إن”البصرة عامرة وتبقى عامرة بأهلها (…) والخراب فيها هو خراب سياسي”، في محاولة منه للإشارة إلى أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة سيطرة أحزاب عدة على مفاصل الحياة اليومية في المحافظة ذات الغالبية الشيعية.
وأضاف رئيس الوزراء إن”مطالب أهل البصرة هي توفير الخدمات، ويجب أن نعزل الجانب السياسي عن الجانب الخدمي”، لكن سرعان ما أتته الإجابة من محافظ البصرة الذي ردّ بالقول إنّ”الحديث الذي سمعته وكأنه لا يوجد شيء في البصرة. إذن لماذا نجلس هنا؟”.
وأضاف العيداني الذي تسلّم منصبه منذ عام تقريباً أن”البصرة تحترق (…) بيوتنا احترقت ومنشآتنا احترقت. المحافظة مديونة بـ160 مليار دينار، حتى اليوم لم نسدد الديون”.
وعاد العبادي ورمى الكرة في ملعب العيداني قائلا إن”فشل المحافظ ومجلس المحافظة ذريع”.
بدوره قال النائب عن البصرة عبد الأمير المياحي في تصريح لـ(المدى) أمس إن”الجلسة كشفت انه لا يمكن لحكومة حيدر العبادي أن تحل مشكلة البصرة، لذا عليها الاستقالة فورا”.
وبيّن النائب الجديد أن العبادي طلب تشكيل لجنتين وزارية وبرلمانية لحل المشكلة في البصرة، واضاف:”أغلب النواب لم يقتنعوا بكلام رئيس الوزراء”.

بعد حريق البصرة
وجاء عقد الجلسة البرلمانية الأخيرة، بعدما اشتدت وتيرة الاحتجاجات في البصرة بشكل غير مسبوق. وهوجمت وأحرقت مقرات تابعة لفصائل الحشد الشعبي والقنصلية الإيرانية أيضا. وقال المياحي:”اجتمع نواب البصرة مع رئيس الوزراء في يوم الثلاثاء الماضي (قبل 4 أيام من الجلسة) وحذرناه من وجود خلايا نائمة ستحرق المدينة، لكنه نفى تلك المعلومات”.
وكان نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي (المعزول) أبو مهدي المهندس قال مساء السبت الماضي، إنه يمتلك صورا ومعلومات كاملة بالاسماء والعناوين عمن يدير الامور في أحداث البصرة.
وأضاف في مؤتمر صحفي عقده في بغداد:”سنقدم الأدلة والمعلومات الكاملة عن تورط القنصلية الأمريكية في البصرة (..) الامريكيون تركوا العراق في وقت كاد فيه أن يسقط ولم يقف معنا سوى إيران”.
وبدأت منذ أمس عمليات التنظيف وإزالة الانقاض في مبنى محافظة البصرة التي أحرقها محتجون 3 مرات. وقال أحمد عبد الحسين عضو مجلس محافظة البصرة في اتصال مع (المدى) أمس:”عدنا الى العمل، بعد أيام قضيناها نشعر بالتهديد”. واضاف قائلا إن”الحل في البصرة يكون بإقالة حكومة العبادي والإسراع في تشكيل حكومة جديدة”.
وكشف المسؤول المحلي عن تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة لمبنى المجلس الذي حرق بالكامل الى الامن لمعرفة الفاعلين.
وعلق نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي على أحداث البصرة في بيان له أمس قائلا انه”لا يكفي أن توقف أعمال التخريب والحرق بل يجب فتح تحقيق رسمي وشعبي لمعرفة من منح العصابات حرية الحركة والتخريب ولماذا، وما هي الأهداف الشريرة التي تقف خلفها”.

ملاحقة المحتجين
وبدأت منذ أيام حملات لملاحقة المتورطين بأعمال التخريب، فيما نفت أمس، عائلة صباح شعلان المشرفاوي من سكنة قضاء الزبير غرب البصرة الاتهامات التي تم توجيهها الى ابنهم بمشاركته في أعمال الحرق والتخريب، ونشرت صوره في مواقع التواصل الاجتماعي على انه من أهالي الانبار ومطلوب بتهمة الإرهاب.
وقالت والدة المعتقل في تصريحات نشرت على مواقع أخبارية، إن ولدها يعمل سائق أجرة منذ عدة سنوات وانهم من سكنة قضاء الزبير/ منطقة حي المعلمين، مبينة ان ولدها صباح ألصقت به تهم كاذبة دون دليل ولم يشارك في التظاهرات.
و دعا أمس، شيوخ ووجهاء شمال محافظة البصرة، في وثيقة وقعوا عليها، شباب المحافظة المتظاهرين والقوات الامنية لضبط النفس والتزام الهدوء بما ينسجم مع التعاليم الإسلامية والقانونية، مستنكرين الاعتداء على المؤسسات الحكومية والمدارس ومقرات الحشد والهيئات الدبلوماسية.
وكان وزير الداخلية قاسم الاعرجي قد قال خلال جلسة البرلمان الاخيرة، إن لدى وزارته نية بإجراء تغيير في بعض القيادات الامنية من أجل إعطاء فرصة لاستيعاب الموقف، مشدداً الحرص على حماية السفارات والقنصليات العربية والدولية.
ونفت السلطات أمس، قرار استبدال قائد عمليات البصرة جليل الشمري المتهم بضرب المتظاهرين بالفريق رشيد فليح، ولم تقدم الحكومة المحلية إجابة واضحة عن تلك الإجراءات.
واعتبر أحمد ستار مسؤول تنسيقية شباب البصرة أن السبب وراء ذلك”المحاصصة السياسية”. وأكد أن المحتجّين سيعودون للمطالبة بإقالة الشمري ومحاسبة من قتل وضرب المتظاهرين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here