ومضات خاطفة :استعمال العنف كان ضروريا كرسالة تحذيرلساسة طرشان

بقلم مهدي قاسم

إذا كان النظام الديمقراطي لا يتحمل العنف فأنه يجب أن لا يتحمل مظاهر الفساد المؤدية إلى تخريب و تحطيم حياة الناس و مستقبلهم ..

فالديمقراطية لا تعني أن يتحصن خلفها قتلة وفاسدون كبار ليلعبوا بمصير الشعب كمقامرين مهووسين .

فللنظام الديمقراطي الحقيقي والتعددي الصحيح والسليم مؤسساته الدستورية و القانونية الراسخة التي من خلالها يمكن مساءلة ومحاسبة أكبر و أصغر مسؤول فاسد أو فاشل و مقّصر في مهماته وواجباته الإدارية و التوجيهية ، إذ في هذه الحالة تنتفي الحاجة أصلا إلى حرق مقرات أحزاب بل و لا حتى إلى مظاهرات احتجاجية عارمة ضد الفساد والفشل الإداري و الشلل الخدمي ، لكون القانون أو القضاء المستقل و العادل هو الذي يتحكم في مصير هؤلاء الفاسدين والفاشلين : حيث يدخل المسؤول الفاسد إلى الزنزانة و الفاشل يبعد عن مهماته ، بينما المقصّر الذي تسبب ضرارا مادية أو بشرية بسبب تقصيره هذا سُيحاسب قضائيا هو الآخر …

أما التذرع بديمقراطية واهية وزائفة مهلهة ، لها علاقة بكل شيء ما عدا بالديمقراطية الحقة و من ثم جعلها ستارا وجدار ورديا أو أخضر سميكا ومحصّنا بغية البقاء في الحكم و السلطة لمدة أطول ، للحصول على الامتيازات الملكية من قبل متسكعي الأمس و الحالمين آنذاك بمائة دولار ، و كل ذلك على حساب إفقار الناس ومعاناتهم ، عبر حرمانهم من أبسط مقومات الحياة العصرية وبدون أي حساب و عقاب ، فمن حق الناس في مثل هذه الحالة أن يلجأ حتى إلى العنف إذا اقتضت الضرورة والظروف الاستثنائية ، لكي يفرض إرادته على مسؤولين فاسدين ماليا و فاشلين إداريا ويعاقبهم طالما أن مؤسسات الدولة القانونية أما معدومة أصلا أو عاجزة فعلا ! ، بسبب تسييس القضاء ذاته تارة و تجييره لصالح هذا السياسي المتنفذ أو ذاك تارة أخرى ..

أن مظاهر الفساد قد تكون موجود في كل بلدان العالم قاطبعة وبشكل و آخر ، ولكن المسؤول هناك ، و مهما كانت درجة وظيفته العالية ما أن ينكشف أمر فساده سرعان ما يجد نفسه قابعا خلف الزنزانة ، مثلما حدث لرؤساء دول و حكومات في إسرائيل و كوريا الجنوبية و برازيل واليابان وماليزيا وباكستان و الخ ، أما في العراق فما من مسؤول كبير فاسد قد دخل الحبس أو إُدين قطعا ما عدا” أسماك صغيرة ” فحسب ..

أما أولئك الذين يتباكون على حرق مقرات الأحزاب الفاسدة ( يا عيني على رقة قلوبهم الشفافة كعذوبة نبع من رافضي العنف الغانديين ؟ !!) التي تم حرقها من قبل المواطنين المحرومين من أبسط مقومات الحياة العصرية بما فيها حرمانهم من شرب ماء صالح للاستهلاك البشري ، نقول أن أعمال العنف هذه كانت ضرورة لتكون رسالة تحذير أخيرة لكل هؤلاء الساسة الأوباش الذين أوصلوا الشعب العراقي ــ المتورط بهم ــ إلى هذه الدرجة المتدنية و الحالة المزرية من حياة سقيمة وكسيفة وكئيبة .، حيث حاول الشعب العراقي ومنذ سنوات طويلة وعبر مظاهرات سلمية حاشدة إفهام هذه الطغمة المنحطة أن يضعوا حدا لفسادهم و فشلهم وأن ينزوا جانبا على الأقل بعدما نهبوا خزينة الدولة التي كانت مليئة بمئات مليارات دولارات و أفرغوها حتى أخر سنت ..

ولكن عبثا كانت تلك المظاهرات السلميةالمتكررة عبر سنوات ماضية ..

أذ فلم يفلحوا في تحقيق أي شيء بطرق سلمية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here