جاسم الحلفي
عندما نشخص ازمة النظام السياسي على انها متشابكة ومعقدة وخطيرة، فاننا نعنى بذلك ان الحلول الجزئية لها والبسيطة غير مجدية، ما يتطلب استبعاد كل فكرة لا تعالج جذر الازمة، ووضع سياسات بديلة ترتقي الى مستوى التشابك والتعقيد والخطورة في المشهد السياسي.
وفي الوقت الذي نرى فيه ان ازمة النظام السياسي ازمة بنيوية وهيكلية، وان بنية المحاصصة الطائفية هي حجر اساس الفشل والكوارث التي حلت بالبلاد، فان علينا ادراك ان لا مفر من وقوع ازمة كارثية ، ذات وقع اقوى واعم واشمل من كل ما شهدناه، اذا لم تتم قطيعة كاملة مع نهج المحاصصة.
عندما نحمّل المتنفذين مسؤولية نشوء الازمة وإعادة انتاجها، وترسيخ نهج المحاصصة التي صار سلما يصعده اتباعهم لبلوغ اعلى الدرجات الوظيفية، فان علينا تغيير الوجوه، وعدم التجديد لكل من تصدر الحكم وفق منهج المحاصصة البغيض، وأمسك بالسلطة وأسهم في صناعة الفشل والإحباط وفقدان الامل.
فلا مخرج من الازمة الا عبر مثلث التغيير والإصلاح والتجديد! والسؤال هو: هل افرزت نتائج الانتخابات قوة قادرة على ذلك؟
حينما نحلل النتائج ونتابع سير تشكيل الكتلة الأكبر، وما يرافق ذلك من تشبث واضح بإعادة انتاج منهج المحاصصة مع تخفيف لونه وشكله، مع الإبقاء على الجوهر، ندرك صعوبة إحداث الشرخ المؤمل في جدار المحاصصة الطائفية.
ويتضح جليا ان حركة الإصلاح المجتمعية، التي تعبر عن الحاجة الى التغيير والتجديد عبر حركة احتجاج واسعة متعددة الوسائل ومتنوعة الأساليب، هي اكبر بكثير من تمثيلها السياسي الملموس. بكلمة أخرى، ان حجم التمثيل البرلماني لحركة الإصلاح، اضعف مما هو ضروري لاحداث اصلاح حقيقي! ومن الممكن ان يكبر هذ الفارق يوما بعد اخر، بفعل تشبث المتنفذين بمنهج المحاصصة، في مواجهة شعب غاضب يتطلع الى الإصلاح بوتيرة اسرع من حركة السير نحو الاستحقاقات الدستورية!
السؤال هنا كيف يمكن تفادي عجز البرلمان عن المضي في انتخاب رئاسة مجلس النواب، ورئاسة الجمهورية واختيار مرشح لرئاسة مجلس الوزراء! وتفادي الوقوع في ازمة الجلسة المفتوحة غير الدستورية، ليس بسبب عدم حسم موضوع الكتلة الأكبر فقط، بل ان حمى التنافس المحاصصاتي وصلت هذه المرة الى مستويات خطيرة، حتى بلغ عدد المرشحين لرئاسة مجلس النواب اكثر من 9 شخصيات! فيما سيكون التنافس في اشده على موقعي نواب رئيس مجلس النواب. وسيسري هذا على مناصب رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس الوزراء!
كيف نجنب البرلمان خرقاً دستورياً ونتجنب عدم البقاء في دوامة جلسة غير دستورية مفتوحة لا احد يتكهن بموعد انتهائها؟ جلسة يديرها رئيس السن الذي لا صلاحية له غير الاشراف على أداء القسم الذي انجز، وعلى فتح الترشيحات وانتخاب رئاسة البرلمان.
ان ما نتطلع اليه، وقبل فوات الأوان، هو ان يصعّد الحراك السياسي لحركة الإصلاح والتغيير ضغوطه على القوى المتنفذة، حتى يمكن تحقيق الخروج من المحاصصة وفرض طريق الإصلاح والتغيير والتجديد.
Read our Privacy Policy by clicking here