هل حان موعد السقوط ؟

د. غالب الدعمي

أتذكر أن مدير مدرستنا الابتدائية في مطلع السبعينيات كان ينادي بأسماء الطلبة واحداً تلو الأخر عند توزيع الشهادات، فيقول: فلان الفلاني أنت ناجح، وفلان الفلاني أنت(ساقط)، ومع الأيام تم منع استخدام هذه الكلمة لما لها من مدلولات سلبية، وما أعنيه في هذا المقام هو السقوط الذي يسبقه سقوط ويتبعه سقوط، فحين تسقط في نظر المجتمع لابد أنك سقطت أولأ في أخلاقك، وفقدت قيمك السلوكية، وعلى هذا المنوال نحن ننعت الغواني (بالساقطات) لأنهن مارسنَّ عملاً ساقطاً من وجهة نظر المجتمع، كما نصف اللصوص بالساقطين لانهم مارسوا سقوطاً جعلهم يسقطون من نظر الناس.

وعلى وفق مؤشرات الواقع فأن سقوطاً بدأ يلوح في الافق يرتبط بالاحزاب الحاكمة في العراق فعلياً قد يؤدي إلى إبعادها عن المشهد السياسي في العراق نهائياً بعدما سقطت جماهيرياً، وبات هذا المطلب شعبياً لفشلها في معالجة أبسط المشكلات التي تواجه المواطن العراقي، وكان يمكن أن يتحقق هذا الأمر لو أن الناخبين خرجوا جميعا وعبروا عن رأيهم الرافض للطريقة التي تدار بها الدولة من قبل هذه الاحزاب، لكن أغلب الرافضين لوجودهم تقاعسوا ولم يشاركوا في الانتخابات مما عزز وجودهم في المشهد السياسي، وهذا جزء يتحمله الناخب قبل غيره لأنه لم يسهم في تغييرهم بتصويته في الانتخابات.

وأصبح في حكم المؤكد أن سقوطهم دخل حيز التطبيق وما هي إلا مسألة وقت لا أكثر، وربما سنشهد في مقبل الأيام خلو المشهد السياسي العراقي من الاحزاب التي أرتبط اسمها بالفساد وسوء الإدارة وتقديم مصالح الدول الأخرى الراعية لوجودهم على مصالح بلدهم الذي تربوا على إرضه وشربوا من مائه.

وأول تلك المؤشرات يرتبط بالفساد الهائل الذي يمارسه رؤساء الاحزاب السياسية وأعضاءهم من دون خجل، وبشكل مريع عن طريق عمولات كبيرة يحصل عليها تجار السياسة مقابل منح العقود والمقاولات، والمؤشر الثاني للسقوط يتمثل في الصراع الكبير والمتفاقم بين هذه الأحزاب في السيطرة على مصادر القرار في الحكومة العراقية وما يتبعه في السيطرة على ثروات البلد بواسطة ترشيحهم شخصيات فاسدة مطيعة لأحزابهم.

والمؤشر الثالث لسقوطهم المحتمل فقدانهم الحاضنة الشعبية التي كانت توفر لهم الغطاء الشرعي، وفقدان هذه الحاضنة المهمة يضعف من تأثيرهم في المجتمع ويجعل من وضعهم يقارب وضع النظام السابق في أيامه الأخيرة.

والمؤشر الرابع فقدانهم التأييد الدولي الذي يعد عاملاً مهما لبقائهم بالمشهد السياسي العراقي، فضلا عن فقدانهم التأييد الأهم المرتبط بالمرجعية التي غلقت الأبواب بوجوههم، ولم تعد تهتم بهم أو حتى تستقبلهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here