هل المسيح الدجال أعور العين اليمنى ام اليسرى؟

إيهاب المقبل

 

ذكر علماء أهل السنة والجماعة ما يزيد عن خمسين قولًا في معنى المسيح. وقالوا أن هذا اللفظ يطلق على الصدّيق وعلى الضلّيل الكذاب، فالمسيح عيسى ابن مريم الصدّيق، مسيح الهدى، يبرئ الأكمه والأبرص، ويحي الموتى بإذن الله. والمسيح الدجال هو الضلّيل الكذاب، مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيات كإنزال المطر وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق. فخلق الله المسيحين أحدهما ضد الآخر. وقال العلماء في سبب تسمية الدجال بالمسيح: أن إحدى عينيه ممسوحة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لدَّجَّالُ مَمْسُــــــــــــــوحُ الْعَيْنِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ)، رواه مسلم والحديث صحيح.

 

وأتفق علماء أهل السنة والجماعة على ان المسيح الدجال من بني آدم، أي انه مثلنا تمامًا وليس دولة أو حضارة كما يزعم البعض اليوم، ولكنه يختلف عنا بقدراته، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَعْقِلُوا، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُــــــــــــــــــلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْـــــــــــــــــــوَرُ مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ وَلا حَجْرَاءَ فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ)، رواه ابو داود والحديث صحيح. والسؤال الذي يطرح نفسه، هل المسيح الدجال أعور العين اليمنى أم اليسرى؟

 

في الواقع، المسيح الدجال أعور العين اليمنى واليسرى معًا، فكل واحدة منها عوراء أي معيبة، فإن الأعور من كل شيء معيب منقوص، ولا سيما فيما يختص بالعين، فكلتا عيني الدجال معيبة، إحداهما بذهابهما والأخرى بعيبها. وبعبارة أخرى، لدى المسيح الدجال عيب في عينيه، ولكنه يرى، أي انه ليس بكفيف أعمى. مثال على ذلك قول المنافقين كما يخبرنا الله عز وجل: (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ)، الأحزاب: 13. فهل يقصدون ان بيوتهم عمياء أو مهدومة؟ بالتأكيد كلا، فهم يقصدون ان بيوتهم قصيرة الجدران فيها خلل كما قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره.

 

ولذلك دلت الأحاديث النبوية الشريفة ان العين اليسرى للدجال ممسوحة، فعن سمرة بن جندب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله، لقد رأيت منذ قمت أُصلى، ما أنتم لاقون فى دنياكم وآخرتكم، وإنه لا تقوم الساعة، حتى يخرج ثلاثون كذابًا، آخرهم الأعور الدجال، ممســـــــــــــــوح العيــــــــــــــن اليســـــــــــــرى، كأنها عين أبى تحيى، لشيخ من الأنصار)، رواه البخاري وأحمد والترمذي والنسائي والحاكم والبيهقي والحديث صحيح. اما عينه اليمنى كأنها عنبة طافئة كما دلت على ذلك الأحاديث النبوية الشريفة، فعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال بين ظهرانى الناس فقال: (إن الله ليس بأعور، ألا إن المسيح الدجال أعــــــــــــــــــــــور العيـــــــــــــــــــن اليمنـــــــــــــــــــــى، كأن عينــــــــــــــه عنبـــــــــــــة طافئــــــــــة)، رواه مسلم والبخاري وابو داود والترمذي والحديث صحيح.

 

وأخيرًا لابد من الإشارة إلى ان المسيح الدجال لا يدخل مدينتين، وهما مكة المكرمة والمدينة المنورة لحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن الدجّال قال: (وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلا أَدَعَ قَرْيَةً إِلا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلائِكَةً يَحْرُسُونَهَا)، رواه مسلم. ولا يدخل أربعة مساجد: (المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الطور والمسجد الأقصى)، أي انه يدخل مدينة القدس بإستثناء المسجد الأقصى، فعن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: أتيت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له: حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّجَّالِ، فذكر الحديث وقال: (وَإِنَّهُ يَلْبَثُ فِيكُمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يَرِدُ فِيهَا كُلَّ مَنْهَلٍ إِلا أَرْبَعَ مَسَاجِدَ مَسْجِدَ الْحَرَامِ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالطُّورِ وَمَسْجِدَ الأَقْصَى)، رواه أحمد.

 

والخلاصة، الدجال من بني آدم يختلف عنا بقدراته، أعور العينين ولكنه يرى، مكتوب بين عينيه كافر، يخرج من خراسان، أي شرق العراق، ويكون أكثر أتباعه من اليهود، ويزعم في البداية إنه نبي ثم يزعم انه الله، والعياذ بالله، وتستمر فتنته اربعين يومًا، يدخل فيها جميع المدن بإستثناء مكة والمدينة، ويدخل جميع المساجد بإستثناء المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الطور والمسجد الأقصى، فينزل عيسى بن مريم عليهما السلام من السماء الثانية إلىى المنارة البيضاء في الغوطة الشرقية بدمشق، ليقتل الدجال في مدينة اللد بفلسطين. والحكمة من خروج المسيح الدجال، ونزول المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام لقتله، ومن ثم خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم، وحُكم المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام الأرض على الشريعة التي نزلت على النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثم موته عليه السلام، هو ليظهر الإسلام، الذي هو دين الأنبياء جميعا، ظهورا كاملا شاملا على هذه الأرض بعد أن اختلف الناس بعيسى عليه السلام، وتحزبوا لأجله على أحزاب وطوائف يتصارعون ويتقاتلون بإسمه، قال تعالى: (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)، النساء: 159.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here