واشنطن بوست: البصريّون نظّموا 75 احتجاجاً خلال أسبوع أغلبها في المركز

ترجمة/ حامد أحمد

في مشاهد بدت تعكس انفجار الاحتجاجات في مناطق جنوب العراق خلال شهر تموز الماضي، ظهر فيها احتراق مقرات حكومية ومكاتب ومقارّ أحزاب كما تعرضت القنصلية الإيرانية في البصرة لعملية احتراق أيضاً.
ويقول الباحث الاميركي بينيدكت روبن ديكروز، المختص بالشأن السياسي في العراق والمنطقة، إنه قضى السنة الماضية وهو يتابع أنشطة الاحتجاجات والأحداث الأمنية في المنطقة مركِّزاً على موجات المدّ والجزر للاضطراب المدني الذي أصبح صفة ملازمة للإخفاق السياسي العراقي. وهذه المرة تمركزت الاحتجاجات أكثر في البصرة وانتقلت الى محافظات مجاورة كاحتجاجات متقطعة .
ويشير الباحث الاميركي الى أن الوضع في البصرة بدا أكثر فوضويةً واضطراباً من قبل، وأنه خلال فترة أكثرمن أسبوعين عنفاً في تموز تم تسجيل 46 حالة احتجاج في كل أرجاء محافظة البصرة 15 احتجاجاً منها تمركز في المدينة. وعلى النقيض من ذلك فإنه خلال الأسبوع الأول فقط من شهر أيلول تم تسجيل 75 حالة احتجاج عبر المحافظة، 43 احتجاجاً منها وقع في قلب المدينة، مؤكداً أنّ هذا يشير إلى نمط خطر من التصعيد ضمن الاضطراب المدني .
فضلاً عن ذلك فإنّ المحتجّين استهدفوا بهجماتهم نطاقاً واسعاً من الأهداف هذه المرة. وحدثت احتجاجات في 30 موقعاً داخل مدينة البصرة، إضافة الى وقوع احتجاجات عبر المناطق الأوسع من المحافظة في المدن الصغيرة الواقعة على طول الطريق الخارجي لبغداد وعند منشآت القطاع النفطي وفي ميناء أم قصر وعند المعابر الحدودية. وكانت القوات الامنية عاجزة عن احتواء المشهد الواسع من الاضطرابات .
كانت شرارة الاحتجاجات ناجمة عن أزمة صحية في البصرة. مياه الشرب الملوثة أدت الى انتشار أمراض كثيرة واستقطاب مايقارب 14000 إلى 17500 مريض من أهالي البصرة بسبب المياه. ولكنّ المحتجّين أوضحوا أن استياءهم يشمل أيضا جملة من القضايا تتباين ما بين انعدام الخدمات الأساسية الى انعدام فرص العمل والفساد .
ويقول الباحث الأميركي إنّ هناك عدة أزمات متداخلة أدت إلى عدم الاستقرار، مشيراً إلى أن الحرب على داعش منذ العام 2014 أدت إلى تقليص نشاط القطاع الخاص الذي يشكل 21% من اقتصاد البلد وفقاً لبيانات البنك الدولي، ورافق ذلك أيضا هبوط أسعار النفط الذي يرتكز اقتصاد البلد الريعي على عوائده النفطية بشكل كبير .
بعض التقديرات تشير إلى وصول معدل البطالة في البصرة الى 30% وهو ما أثر على طبقة الشباب في المحافظة حيث أكثر الخرّيجين لم يحصلوا على فرصة عمل. ورافق ذلك أيضا شحّ حادّ في المياه والكهرباء الذي زاد من امتعاض العشائر في المحافظة وسط أجواء من الفساد وعدم كفاءة الإدارة المحلية للمحافظة .
وفي هذه الأثناء هددت عشائر متنفذة في البصرة بحمل السلاح للمقاومة والدفاع عن أهلها في حال استمرار الاحتجاجات ومواجهتها بالقوة المفرطة من الأجهزة الأمنية. وأحد الأمثلة على ذلك ظهرت مجموعة من الرجال في شريط فيديو من عشيرة بني كعب، وهم يعلنون عن استعدادهم للموت في سبيل قضيتهم. جاء ذلك عقب مقتل أحد أفراد عشيرتهم من المحتجّين وهو، مكي ياسر الكعبي، على أيدي القوات الامنية أثناء مشاركته في الاحتجاجات قرب بناية مجلس المحافظة في 3 أيلول الحالي.
ويصف الباحث الأميركي الوضع على أنه ليس “انتفاضة كبرى” أو “ثورة” ضد النظام السياسي. وهي ليست حركة اجتماعية مفردة تقودها جهة ذات أجندة سياسية واضحة. إنّ الوضع هو خليط فوضوي من جماعات ذات استياءات ومحفّزات وأهداف متباينة ليس لها رابط يجمعها. فهي تتطلب وجود منظمات مدنية محلية تحاول توفير تناغم في المطالب وتحويل الفوضى إلى شيء يمثل حركة احتجاج اجتماعية أكثر تأثيراً.
عن: واشنطن بوست

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here