بين العمالتين…

حسن حاتم المذكور

1 ـــ نحن جيل ثورة الرابع عشر من تموز 58, والقيم الوطنية للزعيم عبد الكريم قاسم, ربما لا نفهم متغيرات الواقع الجديد, وقيم المتصدرين للعمل السياسي والثقافي والأعلامي الراهن, السياسة عندهم “فن الممكنات” بلا حدود, والثقافة “حشر مع الناس عيد” والأعلام “الياخذ امي يصير أُبوي” ويمكن عصرنة التبعية والعمالة لتكون ابرز سمات المرحلة ويجب عولمتها, الهوية الوطنية العراقية, اصبحت متعبة لا تفضي للمكاسب المريحة ويجب تجنبها, تلك المفاهيم, احترفتها النخب السياسية والبعض من الثقافية والأعلامية, نهجاً وسلوكاً وممارسة, فتحت الأبواب واسعة امام مشاريع تقسيم العراق والغائه (كيان غير ضروري!!).

2 ـــ في الأنتخابات الأخيرة, كان ليقضة الوعي العراقي حضوراً, انتفاضة المقاطعة الباسلة ابرز تقاسيمها, حيث سحبت نسبة الـ 80% كامل الشرعية عن احزاب الأسلام السياسي, لكن جهابذة فن الممكنات, استطاعوا الألتفاف على ارادة الرأي العام بعملية تزوير فاضحة, انتجت كيانات مهجنة, نُسجت خيوطها من دمج البعثي بالأسلامي, والقومي بالطائفي, وتوافقت عليها عواصم الأرتزاق, ودفعت بأتجاه الكتلة الأكبر, لتصميمها نموذجاً لمحاصصة اسوأ مما كانت عليه, كيان نصفه امريكي ونصفه الآخر ايراني, وجمهوره السياسي والثقافي والأعلامي, يجترون اوجاع الناس, بلا ذوق ولا ملل.

3 ـــ كانت الأنتفاضة الباسلة, في الجنوب والوسط, قد رفعت الأقنعة عن وجوه العمالة, بفريقيها الأمريكي الأيراني, هنا جماعة امريكا وهناك جماعة ايران, كل يهتف على ليلاه, وبلا حياء غيروا ولائهم لغير العراق, ففقدوا احقية الأنتماء اليه, المصابون بجنون قيم الأوائل, يناطحون صخرة التقسيم بلا قرون, وارادات مهمشة, هناك من يحاصرهم بأرزاقهم, وقبضات مليشياته تمسك بأعناقهم, وقوات أمنية تؤدبهم بالذخيرة الحية, وتصطاد أشواقهم في حدود الوطن, او تشهر في وجوههم مراسيم جمهورية قديمة معطرة بأبخرة افتاء شديدة المفعول, وبأجنحة الوطنية العراقية المكسرة, يواصلون التحليق الى القمة متعبون.

4 ـــ فقدنا الكثير من سياسيي ومثقفي واعلاميي جيلنا التموزي, وبأصابع مقطوعة, نواكح تيار الفساد والأرهاب, تدعونا انتفاضة الجنوب والوسط للأمساك في عروتها, لا لأنها خالدة الأشتعال في الضمير العراقي, بل ولان العراق لازال يتنفسها ويزفر بين اضلاعنا دروس التاريخ “كم سحقت ارضنا جزمات الطغاة, لكنها سُحقت عليها” وبئس لمن لا يصدقون, عراقنا لا زال حياً وشعبه كامل الأرادة, تجري في شرايينه دماء التغيير والأصلاح, هنا وبعد رمي تيار العمالتين على قارعة التاريخ الوطني, سيصبح الرهان على المتبقي من البقية, وطنيون يحترمون الحقيقة ويقولون الحق, فليس لديهم ما يخسروه اكثر مما خسروا.

15 / 09 / 2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here