ماذا تقول دابة الأرض للناس عند خروجها في آخر الزمان؟

إيهاب المقبل

الدابة أو دابة الأرض، وهي من علامات الساعة الكبرى تخرج آخر الزمان قبل يوم القيامة، وقد ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّــــــــــــــةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾، النمل: 82. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول الآيات خروجًا: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى. وأيهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها)، رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد. وبعبارة أخرى، يكون خروج دابة الأرض اما قبل أو بعد طلوع الشمس من مغربها. والدابة: اسم للحي من غير الإنسان، مشتق من الدبيب مثل دبيب النمل، وهو المشي على الأرض ببطيء، وهو من خصائص الأحياء. وقد يكون الدابة اسم جنس تخرج على كل قوم في الأرض لتحدثهم بلغاتهم.

قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾: (قال مجاهد: أي حق القول عليهم بأنهم لا يؤمنون. وقال ابن عمر وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما: إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر وجب السخط عليهم. وقال عبد الله بن مسعود: (وَقَعَ الْقَوْلُ﴾ يكون بموت العلماء وذهاب العلم ورفع القرآن. قال عبد الله: أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع، قالوا: هذه المصاحف ترفع، فكيف بما في صدور الرجال؟ قال: يسرى عليه ليلا فيصبحون منه قفرا، وينسون لا إله إلا الله، ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم، وذلك حين يقع القول عليهم). وبعبارة أخرى، تخرج هذه الدابة في آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق.

وقال الإمام ابن عاشور رحمه الله في تفسير ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ﴾: (وإخراج الدابة من الأرض ليريهم كيف يحي الله الموتى إذ كانوا قد أنكروا البعث. ولا شك أن كلامها لهم خطاب لهم بحلول الحشر. وإنما خلق الله الكلام لهم على لسان دابة تحقيرًا لهم وتنديمًا على إعراضهم عن قبول أبلغ كلام وأوقعه من أشرف إنسان وأفصحه، ليكون لهم خزيًا في آخر الدهر يعيرون به في المحشر. فيقال: هؤلاء الذين أعرضوا عن كلام رسول كريم فخوطبوا على لسان حيوان بهيم. على نحو ما قيل: استفادة القابل من المبدإ تتوقف على المناسبة بينهما).

وقال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير ﴿تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾: (قال ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿تُكَلِّمُهُمْ﴾ قال: كلامها تنبئهم ﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾). وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تخرج دابة الأرض، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان، عليهما السلام، فتخطم أنف الكافر بالعصا، وتجلي وجه المؤمن بالخاتم، حتى يجتمع الناس على الخوان يعرف المؤمن من الكافر”. ورواه الإمام أحمد، عن بهز وعفان ويزيد بن هارون، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، به. وقال: “فتخطم أنف الكافر بالخاتم، وتجلو وجه المؤمن بالعصا، حتى إن أهل الخوان الواحد ليجتمعون فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر”). وبعبارى أخرى، وظيفة الدابة ان تكلم الناس وتقول لهم ﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾، فتخطم أنوف الكفار وتجلي وجوه المؤمنين بعصا موسى وخاتم سليمان، عليهما السلام، ليعرف المؤمن من الكافر، في وقت لا ينفع فيه التوبة، فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف لخروج دخان يغمر الأرض، فيأخذ ذلك الدخان بالمؤمنين كالزكمة بلا خوف ولا عناء، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج الدخان من كلّ مسمَع منه، قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، الدخان: 10-11.

والله أعلم بالصواب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here