عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٨)

نـــــــــــزار حيدر
عندما قَالَ الإِمامُ الحُسين الشَّهيد السِّبط (ع) {هَيْهَات مِنَّا الذِّلَّة} كان يقصدُ ذَلِكَ على وجهِ الدقَّة والتَّحديد! فلم يُكن شعاراً يتناقض والواقعِ أَو لقلقة لسانٍ خاليةٍ من الجَوهر!.
يَقُولُ تعالى {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.
فكلُّ شيئٍ في الإِمام الشَّهيد يحكي عن قصَّة العزِّ والشُّموخ والإِباء.
حتى طريقة إِستشهادهِ تحكي لنا العزِّة الأَبديَّة!.
أَمَّا نَحْنُ فنُردِّد الشِّعار بِلا معنى ونُكرِّرهُ بِلا وعيٍّ ونتغنَّى بهِ على الرَّغمِ من أَنَّهُ يتناقض مع الواقِع الذي نعيشهُ جُملةً وتفصيلاً!.
وإِلَّا..
بالله عليكَ عن أَيَّة عزَّة نتحدَّث وشعبُنا يفتقر إِلى أَبسط أَسباب الحياة الحرَّة الكريمة!.
عن أَيَّة عزَّةٍ نتحدَّث وأَغلب الشَّباب في البلاد عاطِلونَ بِلا عملٍ؟!.
عن أَيَّة عزَّةٍ نتحدَّث والنَّاس تُهوِّس للمسؤُول وهي تعلم عِلمَ اليقين أَنَّهُ فاسدٌ وفاشلٌ ولصٌّ؟!.
عن أَيَّة عزَّةٍ نتحدَّث ونِسبة الأُميَّة والفَقر والمرَض في تزايُدٍ باستمرارٍ يوماً بعد آخر؟!.
عن أَيَّة عزَّةٍ نتحدَّث وَنَحْنُ لازِلنا نثق بنفسِ الوُجوه السَّوداء والكالِحة التي لم تجلِب الخَير للبِلاد؟!.
وأَخيراً.. أَيَّة ذلَّةٍ هذه التي ننفيها عن أَنفسِنا وَنَحْنُ تحت سُلطة [العِصابةِ الحاكمةِ] التي أَفسدت كلَّ شيئٍ في البلاد واستأثرت بخيراتها دُونَ الشَّعب؟!.
أَلا ترانا نطلبُ العِزَّة من غيرِ الله تعالى ثم نتحدَّث عنها؟! وَاللّهُ تعالى يَقُولُ {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ۚ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ۚ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ۖ وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ}.
أَو ترانا نطلبُها من غيرِ أَهلِها والله تعالى يَقُولُ محذِّراً {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}؟!.
نَحْنُ إِمَّا أَن نرفع شعار {هَيهات مِنَّا الذِّلَّة} وَنَحْنُ نعرفُ ماذا يعني؟! ونعرفُ ماذا نقصدُ بهِ! أَو أَن لا نرفعهُ أَبداً فذلك أَفضل! على الأَقلِّ لنحترِمَ عقولنا ولا نضحكَ على ذقونِنا!.
إِنَّهُ شِعارُ الحُسين الشَّهيد الذي مثَّلَ العِزَّة بأَبهى صورِها وأَعمق معانيها!.
إِنَّ للعزَّة والكَرامة مقاييسٌ ثابتةٌ ينبغي خلقَها في واقعِنا لنلمسَها في حياتِنا اليوميَّة! أَو أَنَّها الذلَّة بعينِها حتى إِذا لم نعترف بها ونرفُض تسميتَها! أَو أَلبسناها لَبوس العزَّة!.
فإِذا كانَ الدِّينارُ والدِّرهم يبيعُ ويشتري دينَنا ورأينا ومواقفَنا فتأَكَّد بأَنَّنا أَمَّةٌ ذليلةٌ!.
وإِذا كُنَّا ضُعفاء أَمام الباطِل وأَقوياء على الحقٍّ فتأَكَّد بأَنَّنا كذلك!.
أَلا ترانا نجتمعُ حَول موائِد الفاسدِينَ والفاشلِينَ ونغيبُ عن مجالسِ المظلومِين والمستضعَفين؟! فعن أَيِّ عِزَّةٍ نتحدَّث؟!.
ومن علاماتِ العِزَّةِ؛
*{العِزُّ أَن تذلَّ للحقِّ إِذا لزِمكَ} الصَّادقُ (ع).
*{العِزُّ إِدراكُ الإِنتصارِ} أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع).
*{الصِّدقُ عِزٌّ والجُهدُ ذُلٌّ} الصَّادق (ع).
*{شرفُ المُؤمنُ قيامهُ باللَّيل وعزَّهُ كفِّ الأَذى عَنِ النَّاس} الصَّادق (ع).
*{حُسنُ خُلقِ المُؤمن مِن التَّواضع وعِزَّهُ ترك القال والقِيل} الصَّادق (ع).
*{لا عِزَّ أَرفعُ مِن الحُلم} أَميرُ المُؤمنِين (ع) و {لا عِزَّ كالحُلم}.
*وما أَعظم قَولُ الباقرِ (ع) {أَطلب بَقاء العزِّ بإِماتةِ الطَّمع}.
*ولا يفوتُنا قولُ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) {أَلا إِنَّهُ مَن يُنصِفُ النَّاسَ من نفسهِ لم يُزدهُ الله إِلَّا عِزاً}.
*وقولُ رَسُولُ الله (ص) {مَن عفى عن مَظلمةٍ أَبدلهُ الله عِزّاً في الدُّنيا والآخرة}.
*وأَخيراً فعنِ الباقرِ (ع) {ثلاثةٌ لا يزيدُ الله بهنَّ المرءُ المُسلمُ إِلَّا عِزاً؛ الصَّفحُ عمَّن ظلمهُ، وإِعطاء مَن حرمهُ، والصِّلة لِمن قطعهُ}.
بهذهِ المقاييس الثَّابتة يُمكنُنا أَن نعرفَ مدى قُربِنا وبُعدِنا عن العِزَّة قبل أَن نظلَّ نُكرِّر شِعار {هَيهات مِنَّا الذِّلَّة}.
١٧ أَيلول ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here