الجزائر: مزاعم للجنرال نزار بأن صدام حسين كان وراء مقتل الوزير بن يحيى وأن المقصود كان عبد السلام جلود!

ذكر اللواء خالد نزار، وزير الدفاع الجزائري الأسبق، الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بأنه دبر جريمة قتل وزير الخارجية الأسبق محمد الصديق بن يحيى، و13 جزائرياً آخرين، في حادثة تفجير الطائرة التي كانت تقل الوزير والوفد المرافق في الثالث من مايو / أيار سنة 1980.
وقال خالد نزار في تصريح لموقع “الجيري باتريوتيك” الذي يملكه نجله إن الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد كان يعلم بما جرى وتستر على القضية، وأن المعلومات الخاصة بهذه القضية ستكون ضمن الجزء الثاني من مذكرات اللواء نزار التي ستصدر الشهر المقبل بمناسبة الصالون الدولي للكتاب.
وكان محمد الصديق بن يحيى، وثمانية من كوادر وزارة الخارجية وصحافيون، بالإضافة إلى طاقم الطائرة الرئاسية «غرومان غولفستريم» الذي يضم أربعة أفراد قد قتلوا في تفجير استهدف الطائرة، أثناء عبورها الأجواء بين العراق وتركيا، وذلك سنة 1982، وكان الوفد الجزائري، بقيادة بن يحيى يقود وساطة لوقف الحرب العراقية – الإيرانية.
وعلق الكاتب الصحافي عبد العزيز بوباكير على ما قاله اللواء نزار، مؤكدا أن الأخير كعادته يصمت دهرا ثم ينطق كفرا، وأنه كعادته يتحدث مثل مسيلمة الكذاب عن أحداث لم يكن شاهدا عليها، وأنه كعادته أيضا لا يضيّع فرصة للتحامل على الرئيس الشاذلي بن جديد.
ونشر بوباكير الذي كان كاتب مذكرات الرئيس الشاذلي بن جديد وأحد المقربين منه خلال السنوات الأخيرة في حياته على صفحته بموقع فيسبوك شهادة بخصوص قضية مقتل الوزير بن يحي وذلك في حوار أجراه بوباكير مع صحيفة “الشروق”.
إذ أكد أن بن يحيى كان من بين أهم الشخصيات المقربة من الرئيس الشاذلي بن جديد، حتى عندما كان الأخير رئيسا للجمهورية، وأن الشاذلي بن جديد قال له إنه حزن حزنا شديدا عند وفاته وبكاه بدموع حارة، مشيرا إلى أنه قال لوالدته عندما قصد منزله رفقة حرمه لتقديم واجب العزاء: “إذا كنت أنت قد فقدت ابنا عزيزا، فأنا فقدت أخا وفيا وساعدي الأيمن”.
واعتبر أن حادث وفاة الوزير محمد الصديق بن يحيى كان مأساويا، ففي شهر مايو/أيار 1980 ذكر لي الشاذلي أنّه أوفد بن يحيى إلى “فريتاون”، للمشاركة مع نظرائه الأفارقة في تحضير القمة الإفريقية، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حسب الشاذلي، مؤكدا إنهم فقدوا الاتصال بالطائرة التي كان من المفروض أن تتزود بالوقود في مطار العاصمة المالية باماكو، قبل أن تواصل الرحلة نحو فريتاون.
وذكر بوباكير نقلا عن الشاذلي بن جديد أنه فور إبلاغه بالخبر انتقل إلى الرئاسة وكلّف مولود حمروش، بالتنسيق مع وزارة الخارجية، وأنه بعد تأكدهم من المعلومات، التي كانت تصل من بعض السفارات ومن أبراج المراقبة، التي تفيد أنّ الطائرة تحطّمت بالفعل، وأن الرئيس اغتنم فرصة انعقاد مجلس الوزراء ليطلع أعضاء الحكومة بما توفر لديه من معلومات عن الحادثة، وطلب الاستعداد لإعلان الحداد الوطن.
وفي ذلك الوقت تلقى الرئيس معلومات تقول إن محمد بن يحيى نجا بأعجوبة، لكن حالته خطيرة، إذ نقل إلى أرض الوطن، ثم سافر للعلاج في الخارج، وأسندت مهمة الإشراف على وزارة الخارجية إلى الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، ريثما يتماثل بن يحيى للشفاء، لكن الموت كان قد ضرب له موعدا، إذ توفي بعد سنة.
واستطرد بوباكير بشأن الاحتمالات التي تم تداولها بشأن مصير الطائرة قائلا: “طرحت منذ البداية عدة احتمالات من بينها احتمال تحويل الطائرة عن مسارها من قبل أطراف ليس من مصلحتهم إيقاف نزيف الحرب، احتمال تعرضها لخلل تقني ونزولها في مطار آخر واحتمال عودتها إلى الجزائر، قامت خلية الأزمة التي تم تنصيبها بالاتصال بالإيرانيين والأتراك والسوفييت والسوريين لكن كل المعلومات التي استقتها منهم كانت شحيحة ومتضاربة، تأكدوا بعدها أن الطائرة لم تصل طهران وأنها ربما تحطمت على التراب الإيراني، وذكر الإيرانيون أنّ الطائرة تعرّضت لهجوم جوي من طائرتين مجهولتين، بالإضافة إلى المعلومات التي وصلت أعضاء الخلية والتي تشير إلى وجود طائرتين عراقيتين في الأجواء التي كانت طائرة بن يحيى تمر بها ومعلومة أخرى مهمة هي أنّ القذافي لمّا علم بالوساطة الجزائرية أوفد إلى طهران عبد السلام جلود على متن طائرة من النوع نفسه “غرومان” لإفشال الوساطة. ويشير الشاذلي إلى أنّ السوريين أكدوا أن طائرة من نوع “غرومان” حطت بالفعل في مطار دمشق قبل أن تقلع باتجاه طهران”.
وأشار إلى أن الرئيس شكل لجنة تقصي حقائق ترأسها وزير النقل الأسبق صالح قوجيل، والتي تضم مدنيين وعسكريين، وتنقل أعضاء اللجنة إلى مكان الحادث لإجراء تحقيق ميداني، و تجمع حطام الطائرة والصاروخ الذي أسقطها، واستطاعت اللجنة أن تحصل على رقم الصاروخ وهو صاروخ روسي الصنع، بعد ذلك سافرت اللجنة إلى الاتحاد السوفييتي مكلفة بمهمة لتحصل من هذا البلد على الجهة التي بيع لها الصاروخ. »،، ولكن السوفييت بدأوا يماطلون، وأن الرئيس الشاذلي أبلغ القيادة الروسية أنه في حالة رفضهم الكشف عن البلد الذي اشترى ذلك الصاروخ، فإن الجزائر ستضطر لقطع علاقاتها مع الاتحاد السوفييتي، فاضطرت موسكو للاعتراف أن الصاروخ بيع للعراقيين، ولكن صدام حسين ظل يراوغ ويسعى إلى التملّص من مسؤوليته، رغم أنه كان يعرف أن الصاروخ الذي أسقط الطائرة عراقي، وذلك حتى لا يظهر في أعين الرأي العام العالميّ أنه يريد مواصلة الحرب في وقت كان يعتقد أن كفتها مالت إليه.
=وذكر عبد العزيز بوباكير أن الشاذلي بن جديد قال له إنه التقى بعد ذلك بصدام، وأخبره أن “الشعب الجزائري ما زال متأثرا لحادث موت بن يحيى، ومستاء لأنكم أنتم من طلب الوساطة، ووقعتم في الجزائر أثناء انعقاد مؤتمر عدم الانحياز على اتفاق الجزائر بخصوص “شط العرب”، ثم أعلنتم الحرب وتطلبون منّا أن نقف إلى جانبكم، نحن لا نؤمن بالتضامن العرقي، وشعارنا البادي أظلم”، وأن الشاذلي واجه صدام بالحقائق التي توصلت إليها نتائج التحقيق، وقال: “أنتم من أسقط الطائرة، وأنا أملك الدليل على ذلك، وأعرف أيضا أنكم لم تكونوا تقصدون ذلك. كنتم تريدون إسقاط طائرة عبد السلام جلود، الذي كان يسعى بأمر من القذافي إلى التشويش على الوساطة الجزائرية، أطلب منكم فقط الاعتراف بذلك، والاعتراف فضيلة حتى في السياسة، أرجوكم ألاّ تضعوني في حرج أمام الشعب الجزائري، لأني التزمت أمامه أن أكشف له الحقيقة”، وأن صدام حسين صمت مطأطئا رأسه وهي دلالة على الاعتراف، ثم طلب من الرئيس الجزائري مواصلة الوساطة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here