إلغاء عطلة السبت أم تقليل العطل الرسمية؟!

بقلم : قصي صبحي القيسي

لا أدري بماذا كان يفكر أعضاء مجلس محافظة بغداد عندما قرروا إلغاء عطلة السبت لجميع المدارس، هل وضعوا أمام أعينهم هدف الإرتقاء بالعملية التربوية الى مستوى كوكب اليابان! أم أنهم لاحظوا النقص الواضح في أعداد علماء الذرة في العراق بسبب الهجرة أو التعرض للاغتيال، فقرر المجلس الموقر إلغاء عطلة السبت لإنتاج المزيد من العباقرة الأفذاذ!

لقد تذرع مجلس محافظة بغداد عند تصويته على هذا القرار البائس بأن معظم المدارس لم تتمكن من إكمال المناهج الدراسية، وهنا نلاحظ الهروب الى الأمام والتغاضي عن كثرة العطل الرسمية وغير الرسمية في العراق والتي هي السبب الحقيقي وراء عدم إكمال المناهج المقررة .

إن مجرد النقاش أو الاعتراض على كثرة العطل في العراق قد يعرض المرء الى ما لايحمد عقباه، والأسباب معروفة، وإذا جئنا الى الواقع سنجد أننا ضيعنا الماضي والحاضر والمستقبل، فلا نحن استثمرنا تراثنا الفكري والانساني العظيم في تربية وتعليم أبنائنا، ولا نحن صنعنا لنا ولهم واقعاً جديداً وفق منظومة تربوية تواكب نظيراتها على الأقل في دول المنطقة وليس الدول المتقدمة، ولا نحن هيأنا الأرضية لمستقبل جيد للأجيال القادمة، باختصار لقد انهارت العملية التربوية في العراق الى حد بيع أسئلة الامتحانات الوزارية واضطرار وزارة التربية الفاشلة الى إعادة امتحان التربية الإسلامية في فضيحة تداولتها وسائل الاعلام العربية والعالمية، فماذا ننتظر بعد هذا الفشل؟!

هل يعلم مجلس محافظة بغداد أن معظم طلبة الثانويات لايجيدون الكتابة بشكل صحيح؟ بإمكان السيد محمد الربيعي وبكل سهولة أن يتفضل بالاطلاع على حسابات أبنائنا الطلبة في الفيسبوك، ليجدهم قد كتبوا (الا) والمقصود (الى) و(لاكن) والمقصود (لكن) و(أرجوا) والمقصود (أرجو) و(الموظوع) و(أحبكي)وووو….. الخ، فهل سيجعل إلغاء عطلة السبت من طلبتنا الأعزاء يجيدون الكتابة مثلاً؟ ولا ألوم أبناءنا الطلبة مطلقاً، لأنهم في النهاية ضحايا عمليتنا التربوية الفاشلة والمخزية.

كان الأجدر بمجلس المحافظة ان يتخذ قرارات اخرى بديلة عن هذا القرار، كالتقليل من العطل الرسمية الى النصف أو أقل، وإلزام الكوادر التدريسية بالدوام وعدم التغيب حتى وإن كان المعلم او المدرس منتمياً الى أخطر حزب أو ميليشيا من الميليشيات التي تسيطر على الشارع العراقي بقوة السلاح، حتى وإن تذرع المعلم بأنه تغيب عن الدوام لأسباب دينية، فمن حق المعلم بعد انتهاء وقت الدوام الرسمي أن يفعل ما يشاء وبكل حرية، لكنه في أوقات الدوام ملزم بالتواجد في مدرسته مقابل الراتب الذي يحصل عليه .

ثمة سؤال بريء يجعل العين تدمع: لماذا نحن العراقيون مازلنا نتخبط في طريق لانرى له نهاية؟ لماذا مازلنا نراوح في مكاننا ولانتقدم أية خطوة، إذا كنا قد فشلنا في كبح جماح الفساد المالي المستشرى في مفاصل الدولة فلا بأس، فليسرق السراق ما تبقى من خيرات هذا البلد التي حرمنا منها، ولكن.. حرام أن تنهار منظومة التعليم بهذا الشكل المروع، اسرقوا كيفما شئتم ولكن دعونا نعلم أبناءنا، ربما بالتعليم الجيد ستتوفر فيهم القدرة مستقبلا على بناء البلد بالشكل الصحيح .

قصي صبحي القيسي

كاتب صحفي وروائي عراقي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here