براءة الطفولة والوعي العاشورائي جسّدتها حشود المحبين

لاتلوموني… إنه العشق الفطري، إنها البراءة الحسينية، هؤلاء هُم أطفال المحبة ورسل السلام وأنامل الرحمة، فها هي مواسم الهجرة من جديد، حاملة ترانيم الشوق والحنين، خطتها خفقات قلوب الوالهين وجادت بها مع الأنين إلى حيث الحسين وزينب والأكبر والعباس والرضيع، رسمتها قطرات دمع تناثرت على وجوه المحبين ولهجت بها ألسن الذاكرين “حب الحسين أجنني”

من كربلاء نعيد بناء ما ضاع منا، ومن عاشوراء يعود لنا الزمان شمسًا وضياء وحرية، أجيال تعشق الحرية وتتوق إلى الشهادة تحت راية الحق بنداء يا لثارات الحسين، وعبر العصور المتمادية تتجدد الأجيال ونلحق بالمستقبل الذي ينتظر أطفالنا ليوم لا حياة فيه بدون حسين ولا نهار له بدون عاشوراء.

إنها البراءة الفطرية في مواجهة الفكر التكفيري الإرهابي الذي يستبيح طفولتها ويلتهم دماءها ويشتت اشلائها، فهم يبيعون العالم بتكفيرهم إرهابًا دمويًا ودمارًا تكفيريًا شاملًا، وفسادًا شيطانيًا…

صور من تراجيديا كربلاء تجّسدت بأنامل وصرخات الطفولة، حب الحسين جمعهم… عشق تجسد في شورِ وتسبيحِ وقصائدِ، بين أيد كرست حركتها لكربلاء.

رسالة يوجهها أشبال الشور الحسيني إلى كل العالم أنَّ نهج الإمام الحسين يجسد كل القيم الإنسانية الخيرة في السلام والأمن والحرية والعطاء والبناء.

ومن زاوية الحرص والأمانة لمستقبل أطفالنا وطمعًا لتفعيل دور الطفل في إحياء ذكرى عاشوراء، كانت لهيئات الشور التغطية الكاملة لملحمة الركب الحسيني في مواجهة التطرف والجهل السائد آنذاك والدور الإعلامي كشف ملابسات الجريمة البشعة المقيتة، وشكّل حضور الأشبال والأطفال خلال مواكب المسير لـــ (شور منهج آل الرسول .. تقوى – وسطية – أخلاق) وتحت شعار (الشور تربية على منهج آل الرسول) لمكاتب المرجع الأستاذ الصرخي.

منذ الأيام الأولى لمحرم الحرام 1440 هجرية، لوحة فنية ابداعية معبرة عن الوعي الحسيني الرسالي الذي تجسد في مشاركتهم خلال تلك المواكب وحملهم للشعارات التربوية والأخلاقية والوطنية الهادفة اضافة لتفاعلهم اللافت مع القصائد الحسينية والتزامهم في التنظيم والترتيب الخاص بتلك المواكب والمجالس مما جعل لحضورهم البصمة والتميّز.

ولكي لا تتجرَّد الصورة وتبقى محصورة في التاريخ من المفيد ربط أحداث كربلاء وظروف كربلاء بأحداث الواقع المعاش التي يفهمها الطفل والناشئة ويدركونها، وبهذا يكون الربط بين التاريخ والواقع عاملًا في تقريب الفكرة، ويؤهل المستمع لتبني الموقف الحسيني الذي يرمز إلى الحق والعزة والشجاعة والأخلاق والرضوان الإلهي. هذا الربط بالواقع يحقق الفعَّالية باتجاهين:

الأول من عاشوراء للتأسي بها في واقعنا

والثاني من واقعنا لفهم وإدراك المعاني العاشورائية، ما يجعل الطفل والشبل جزءًا من المسار العام المرتبط بخط كربلاء.

ولهذا أشار المحقق الصرخي في بحثه (الثورة الحسينية والدولة المهدوية) إلى الدور والهدف من غاية كربلاء حيث قال: “لترسيخ الثورة الحسينية وأهدافها في أذهان الناس وقلوبهم ولشحذ المخلـصين وتأسـيس الاسـتعدادات الروحيـة والجسدية وتحقيق التكاملات الفكرية والعاطفية والسلوكية، ولتهيئة القواعد والشرائح الاجتماعية التي تحتضن أطروحة الأخذ بالثأر والمحقق للعدل – عليه السلام – والانتصار له –عليه الـسلام – والثبـات علـى ذلـك، تــصدّى الأئمـة المعصومون -عليهم السلام- لتربية الأجيال وتحقيق الأهداف، وقد جعلوا المنبر الحسيني الوسيلة الرئيسية في تلك التربيـة الرسالية الإلهية، فقد عقدوا المجالس وأرشدوا الناس إلى ما يترتب عليها من آثار في الدنيا والآخرة”.

نعم هكذا نستطيع أنْ نُجسد المعاني الحقيقية لكربلاء، بعد ساعات متواصلة من السير والخطى، تبقى القلوب عطشى إلى قطرة حب من قلبه الكبير.. تروي ظمأ عشقنا، حياتنا،أحلامنا، فتسيل ينابيع صفائناوتزهر وريقات أملنا وتتلألأ أعيننا بأنوار القادم وكي تشرق أيامنا بصباحات الحضور المهدوي.

هيام الكناني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here