كاريزما الزعامة المغيّبة في “الدعوة الإسلامية”

كتبت ميسون الخفاجي

القول بان “الدعوة الإسلامية” هو حزب التضحيات، لا يتخالف عليه اثنان، والفخر بمقارعته العنيدة للنظام الدكتاتوري، فان الحجر والبشر، ينطق بذلك.

في ذلك الزمن الصعب، امتلك الرعيل الأول قلوب الجماهير يوم تدافع شباب العراق إلى الانضمام الى الحزب، منذ تأسيسه في خمسينات القرن الماضي، حتى اعترف نظام صدام نفسه، ان هذا الحزب هو الأخطر، والأقدر على نسف الوجود الدكتاتوري.

لكن كل ذلك آل إلى ماضٍ، ليس إلاّ.. وبات تاريخا منسيّا حتى عند الدعاة انفسهم، فمنذ ان أرْخت انتخابات 2018 سدولها، وما تمخض عنها من انحسار واضح لنفوذ الدعوة الإسلامية، بسبب الانقسام والصراع، تُطرح الأسئلة عن قدرة الدعاة على تجديد دماء الحزب، العريق في الجهاد.

هذا الحزب يعيش اليوم مأزقا تاريخيا، بين تجاوز عنق الزجاجة، والأزمة التي تعصف بوحدته، أو يتحول إلى متحف في التاريخ السياسي.

وفي ظل الافتراق على الوسائل والأهداف، فان مناصري الحزب، وكوادره، ينشدون الخلاص من محنة عصيبة، حيث الجميع أمام لحظة تاريخية، تهدّد بانفراط العقد، منذ النزول الى الانتخابات في قائمتين، الى التزاحم مع الكتل السياسية على الفوز بتشكيل الحكومة.

أحد دوافع احتمال نجاح المشروع التفكيكي للحزب، ان هذا التنظيم الجهادي، فشل في استثمار تجربته الجهادية بعد العام 2003، حين أخفق في الالتفات حول “كاريزما زعيم واحد”، يلمّ الصف، ويقود الجميع الى الأهداف المرسومة.

ومقايسةً بكتل وأحزاب لازالت في مرحلة الطفولة السياسية، بلورت لنفسها “زعامة واحدة” يلتف الجميع حولها، فان أقطاب الدعوة، التاريخيين، باتوا منذ العام 2003 في تنافس “سلبي” على الزعامة سواء داخل الحزب، أو المستوى الحكومي، وقد آل ذلك إلى شق صفّ الدعوة، وإضعافه، وتهميشه في العملية السياسية بشكل فاضح، بغض النظر عن المكاسب الصغيرة.

هؤلاء الزعماء الذين يرفضون التنازل لبعضهم البعض، تناسوا ان الحزب ليس إقطاعية سياسية باسمهم، وان أصحابه ومؤسسيه الحقيقيين هم شهداءه الحقيقيون من الرعيل الأول، والآلاف المؤلفة من الشهداء الذين أعدمهم صدام، وعلّقهم على أعواد المشانق او دفنهم أحياء.

هؤلاء الزعماء، كما يبدو، يتكاسلون عن تقليب صفحات جهادهم، وباتت آذانهم عاجزة عن سماع صرخات الضحايا، وأمهات وأخوات شهداء الحزب، حين انشغلوا عنهم بالتدافع نحو المناصب، وعلى الزعامات.

حان الوقت لكي يستمع هؤلاء القادة إلى هذه التساؤلات التي تسوقها نيّات صادقة عند الذين يشاهدون حزبهم التاريخي يمر بأخطر منعطف في سنينه الأخيرة.

حان الوقت لان يحتكم الدعاة إلى “مركز قرار دعوتي كاريزمي”، يؤسس لبوصلة بيد “قائد”، واحد يولد من رحم التجربة الجهادية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here