حزب الدعوة يصارع للعودة إلى حلبة التنافس على رئاسة الحكومة

بغداد/ وائل نعمة

زاد الاجتماع الأخير لحزب الدعوة الإسلامية الخلاف بين جناحي رئيس حكومة تصريف الأعمال حيدر العبادي وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، على الرغم من أنّ عنوان اللقاء كان الخروج بموقف موحد ومرشح موحد لرئاسة الحكومة الجديدة.

ويصرّ تحالف “النصر” الذي يتزعمه العبادي على ترشيح الأخير لولاية ثانية، لكنّ الشروط التي أعلنت عنها مرجعية النجف لشغل المنصب قد لا تنطبق بشكل كبير على رئيس الحكومة المنتهية ولايته باعتباره “وجهاً قديماً”، ما يجعل موقف النصر مخالفاً لإرادة النجف التي دعت إلى التجديد.
ويخشى “الدعوة “من أن يتسبب استمرار إصرار “العبادي” على الولاية الثانية بضياع المنصب نهائياً من الحزب لأول مرة منذ عام 2005، خصوصاً مع تبني أطراف سياسية فكرة طرح مرشح مستقل لم يشارك في الانتخابات، مثل وزير النفط السابق عادل عبد المهدي.
ولم يخرج اجتماع المتخاصمين الذي عقد يوم السبت الماضي بنتيجة واضحة لاندماج جناحي “الدعوة”. ويقول خالد الأسدي، القيادي في ائتلاف دولة القانون في تصريح لـ(المدى) أمس إن “هناك خلافات وأجوء مشحونة داخل الحزب، وإن الدعوة شأنه شأن بقية الأحزاب لايمكن أن يمنعه أحد من تقديم مرشح لرئاسة الوزراء”.
ويؤكد الأسدي، وهو نائب سابق، أن هناك تفاهمات بين الجانبين (النصر/ دولة القانون)، لكن حل المشكلة يمكن في اتفاق الدعاة الذين أظهروا الخلافات مؤخراً بشكل علني في أزمة حزب الدعوة التي بدأت منذ أن قرر الحزب مطلع العام الحالي عدم خوض الانتخابات وترك الحرية لأعضائه في الدخول بتحالفات أخرى.

خلافات الدعاة
وفي منتصف الأسبوع الماضي نشر 3 من قيادات الدعوة رسالة بدت وكأنها “رثاء” لحال الحزب الذي صار قاب قوسين أو أدنى من الخروج نهائيا من المنافسة على منصب رئيس الوزراء لأول مرة منذ 13 عاما.
وأصدر كل من (الشيخ عبد الحليم الزهيري وأبو منتظر طارق وأبو جعفر الركابي) بياناً جاء فيه “نكتب لكم في هذه اللحظات الحرجة التي يمر بها بلدنا العزيز وتمر بها الدعوة …. منذ انتهاء الانتخابات عقدت القيادة اجتماعا في بيت المالكي وآخر في بيت العبادي وفي كلا الاجتماعين كان رفض العبادي واضحا وكرر أنه لم يوقع على قرار دمج الكتلتين وليس مرشحا عن حزب الدعوة في الانتخابات”.
وأكدت القيادات الثلاثة أنها فشلت في محاولات متكررة لثني العبادي عن موقفه. وقالوا إنهم كانوا يمنون النفس أن “العبادي بعد أن تيقن في الأسابيع الأخيرة استحالة ترشيحه من الأطراف كافة بما فيها سائرون، أن يقدر وضع الدعوة والدعاة ويسحب ترشحه ويعلن تحالفه مع القانون لتتزعم الدعوة كتلة كبيرة تقارب السبعين مقعداً فتكون فاعلة مؤثرة في المشهد السياسي العراقي بكلا شقيه التنفيذي والتشريعي ويحسب لها حسابها في ماراثون التفاوض، ولكن بدا دون ذلك خرط القتاد كما كان فحوى جوابه لنا قبل ساعات من كتابة هذا الإيضاح “.
وختم بيان القياديين الثلاثة بالقول “نضع بين أيديكم الصورة كاملة بعد ان عجزت القيادة بل تم تعجيزها من الوصول الى مرماها في توحيد القائمتين، ولذلك ندعو الى عقد جلسة لمجلس شورى الدعوة وعقد مؤتمر عاجل للدعوة بالأسماء التي حضرت المؤتمر السابق بعد حذف المنقطعين، والعمل من الآن على كل متطلبات المؤتمر”.
وفي نفس اليوم رد العبادي بقوة على رسالة قياديي الدعوة الثلاثة، واعتبرها ضمن حملة التسقيط التي تشن ضده لمنعه من الترشح مرة أخرى إلى رئاسة الحكومة. كما قال إنه كان مضطراً للإجابة لإعطاء “ملخص تاريخي للوقائع والملابسات كما مسجل في سجل اليوميات كي يكون الحكم والتقييم موضوعياً ومنصفاً وفي إطار الحل وليس صناعة الأزمة”.
وفي الرد الطويل حمّل العبادي، زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي مسؤولية شق الحزب بعد أن سجل “الدعوة” في الانتخابات باسمه بخلاف المتفق عليه بين قيادات الحزب، وقال إنه “في يوم السبت ٣٠-٦-٢٠١٨ تم انعقاد الشورى، والمالكي يبلغ الشورى أنه ليس مع اندماج القائمتين، وفي شهري تموز/آب ٢٠١٨ (الوسطاء) يلحون على العبادي للتحالف مع الفتح والقانون وان يكون فقط مرشحان لرئاسة الوزراء، العبادي والعامري، وأكدوا أن فرص العامري شبه معدومة لأنهم لا يؤيدونه وأنهم لن يرشحوا، أحداً آخر مقابل العبادي”.
وسرد العبادي وقائع اللقاءات بين “النصر” وتحالف “النواة” وبقية الأطراف في تحالف البناء خلال الأشهر التي أعقبت ظهور نتائج الانتخابات التي أوضح فيها وجود تنصل من بعض أطراف التحالف الاخير، حتى أحداث البصرة التي اتهم فيها المحافظ أسعد العيداني بالانقلاب عليه والاتفاق مع “البناء” ضده في الجلسة الاسثنائية التي عقدها البرلمان في 8 أيلول الجاري لمناقشة أوضاع البصرة، ووصف ماحدث بأنه “أمر دُبّر بليل”.

العبادي لم يتراجع
وفي يوم السبت الماضي، حاول شورى حزب الدعوة لملمة المشكلة لتجنب خسارة منصب رئاسة الوزراء وإقناع العبادي بالتراجع عن ترشيحه، لكن البيان الذي صدر عقب الاجتماع كان عائماً ولم يتطرق إلى إعلان “اندماج” طرفي الحزب أو تسمية مرشح جديد.
وأوضح البيان أن الحاضرين “أجمعوا على أهمية تجاوز اختلاف الرأي داخل صفوف الحزب بما يعزز وحدة موقفه السياسي وتوحيد رؤية وبرنامج وجهد الكتلتين النيابيتين (ائتلاف النصر) و(ائتلاف دولة القانون)…”. كما أكد أن المجتمعين توقفوا “عند العقبات التي حالت دون تحقيق تلك الأهداف (…) وأجمع الحاضرون على أهمية فتح آفاق التعاون مع الكتل السياسية الأخرى من أجل الإسراع في إنجاز التشكيلة الحكومية التي تنسجم مع توصيات المرجعية العليا”.
وبعد أزمة البصرة الأخيرة، اعتقدت أطراف في حزب الدعوة أن العبادي أصبح مقتنعاً بأنه لن يكون المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الوزراء خصوصا مع رفض مرجعية النجف ترشح المسؤولين السابقين.
وقالت تلك الاطراف لـ(المدى) حينها ان رئيس الورزاء المنتهية ولايته أصبح في أضعف أحواله ،لأنه خسر كل أعضاء تحالفه “ولم يبق لديه سوى 9 مقاعد، واندماجه مع ائتلاف دولة القانون لن يحقق الكثير”.
لكن ندى شاكر جودت النائبة عن تحالف النصر نفت في تصريح لـ(المدى) أمس أن يكون التحالف قد خسر هذا العدد الكبير من مقاعده، وقالت: “بحسب الأوراق الرسمية ما زلنا 42 نائباً ونحاول إعادة المنسحبين مع فالح الفياض”. وشددت جودت على أن تحالف النصر يرحب بالانفتاح على أي جهة سياسية من بينها ائتلاف دولة القانون، وأكدت أن “العبادي مازال مرشح التحالف ومن لديه مرشح آخر ليقدمه ويتنافس على المنصب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here