احمد جاسم العلي.
في مقهى شعبي جلس رجلان في الخمسينيات من العمر، احدهما يدخن الناركيله.
قال الأول وقد تدلت سبحة من يده.
” والله ما تنفعنا لا الدكتاتورية ولا الديمقراطية. عشنا بزمان الدكتاتورية واليوم نعيش بزمان الديمقراطية.”
قال الثاني بصوت بارد دون أن يرفع نظره عن الناركيله أمامه.
” والحل؟ شنو الحل؟”
سحب نفسا طويلا وعميقا من الدخان بلع نصفه ورفع رأسه ليدفع نصفه ألآخر في الهواء وهو بحالة منتشية، ثم حط نظره على الناركيله مرة أخرى.
قال الأول
” نحتاج إلى نظام حكم دكتاتوري عادل، القانون فيه هو سيد الموقف، يعلو ولا يُعلى عليه ….”
قال الثاني
” لا دكتاتورية عادلة ولا ظالمة. هي تفرج وحدها، ليش صاير عصبي؟”
سأل الأول
” تفرج، كيف؟ فهمني، رحمة الوالديك.”
أجاب الثاني
” لازم فد يوم يجي واحد يخلصنه من هذا الوضع ونرتاح مثل ما جانه واحد وخلصنا من ذاك الوضع!”
سأل الأول
” ها! يعني هم لازم ننتظر مرة ثانية واحد يجي بعد 35 سنة ويخلصنه من هذا الوضع مثل ما جانه واحد وخلصنه من ذاك الوضع قبل 15 سنة؟!”
أجاب الثاني
” إي نعم، أنتظر(المُخَلِّصْ،) صدكني، لازم يجينه فد يوم واحد مثل ذاك الواحد ويخلصنه من هذا الوضع وإحنه كاعدين مثل ما آني اليوم كاعد وياك بالكهوه ادخن نركيله.”
سأل الأول
” وكل شي ما نسوي، ما نتحرك، بس ننتظر واحد يخلصنا من هذا الوضع مثل ذاك الواحد إلذي خلصنا من ذاك الوضع؟ …..”
أجاب الثاني
” لا شلون؟ لازم الناس مثلك يحجون على الحكومة ولازم الكتاب مثلي يكتبون على الحكومة، لازم الجميع ما يسكتون إلى أن يجي واحد ويخلصنه من هذا الوضع!”
سأل الأول
” زين أنتَ تكتب على المواقع الالكترونية وعلى ال(فيسبوك،) راح تبقى تكتب وتنتظر واحد يخلصنه من هذا الوضع مثل ما انتظرنه واحد خلصنه من ذاك الوضع؟”
أجاب الثاني
” نعم، حالي حال بقية الكتاب، يكتبون وينتظرون!”
سأل الأول
” كلهم يكتبون وينتظرون؟”
أجاب الثاني
” لا، بعضهم يكتبون ولكن ما ينتظرون (المُخَلِّصْ!)”
سأل الأول
” لعد ليش يكتبون؟”
أخذ الثاني نفسا قصيرا وضعيفا من الدخان ولكنه لم يستطع أن يبلعه.
” ما أعرف. يمكن يكتبون …..!”
لم يستطع أن يكمل كلامه؛ ارتخى جفناه وأطبقا على عينيه شيئا فشيئا ومال رأسه على كتفه، وسقطت عصا الناركيله من يده. وبدا كالميت في هيئته. …
بغداد.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط