نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ أبداً/2!

سكينة وأربعمائة عود عطر حول قبرها
…أمل الياسري

ثورة تلهب الضمائر، وسيرة ملحمية تستمد قواها من عالم الغيب، لأن الإصلاح الذي توجه به الإمام الحسين (عليه السلام)، نحو أمة جده كان صحيح الأهداف والأدوات والآليات،رغم أنالإمام أطاعه نفر قليل وخذله جمع غفير، إلا أنه صنع حدثاً خالداً، لتطهير البلاد من تأثير الإستبداد، وأمست نار المقاومة مشتعلة، لحماية مشروعه الإصلاحي، حتى بعد مرور أربعة عشر قرناً،وإشترك في هذا المحفل العاشورائي، نساء صنعنَ ثورات لن تنطفئ حرارتها.

المقاومة تكبر بقادتها رغم مرارة الجرح الكربلائي، لأن الجيل الذي ظل حياً بعد واقعة الطف، كابد الأسى والجور في رحلة الصبر والصمود، للنساء السبايا من الغاضرية، فالشام وحتى المدينة المنورة، في ظل طغيان السلطة الأموية، التي نشرت أجواء الرعب والقتل بين أوساط الناس، وأشاعت قيماً متوحشة، لتوهم العالم بأن الحسين خرج على إمام زمانه، فأنبرت نساء بني هاشم لتولي هذه المسؤولية، فهن جيل لا يشغله شيء، سوى خلود قضية كربلاء!

السيدة سكينة بنت الإمام الحسين،أخذت قضية والدها سيد الشهداء، بأن إفتتحت روعة عطائها، ليس بماتمتلك بل بمامنحته، لنساء الطف من عَبرة وعِبرة،وكان يجب أن تكون قوية وشجاعة للعيش من أجلها، فثمة أشياء لايمكن تقاسمها مع أحد، وتبقى ملكهم وحدهم وهي سرحريتنا وبقائنا، والطريق الذي قطعته السيدة مع عماتها وأخواتها، لايقل أهمية عن المكان الذي ستصل إليه، فكربلاء الحسين ومدينة جده المصطفى، كلاهما قطعة من الجنة والمدن لن تموت.

مسيرة حزن ممزوجة بالألم والإنتصار،لكن أرقى أنواع الحياة وأقدسها، عاشتها السيدة سكينة حيث مثلت صوت المظلومية، أثناء السبي من الكوفة الى الشام، رغم أنها معروفة بهدوئها وسكونها، فقد كانت على درجة عالية من قوة الموقف والمبدأ والعقيدة، حين تنقلت بين رعاية أبيها الحسين، وأمها الرباب، وأخيها زين العابدين (عليهم السلام أجمعين) وشاركت النساء مصائب السبي، وما جرى على عمتها زينب الحوراء، وأختها رقية، وأخيها الرضيع عبد الله( عليهم السلام).

مرتزقة من رواة السوء، وحثالات بني أمية حاولوا إلصاق التهم بهتاناً، بسيدات البيت العلوي، لكنهم ينسون أنهن من بيت أبُعدعنهم الرجس وطهروا تطهيراً، حيث دسوا أحاديث مسمومة عن هذه السيدة الجليلة، بمجالستها لأرباب الشعر وتعدد أزواجها، حاشاها ذلك كبُرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً، وسأرد على هؤلاء الجبناء بقول الإمام الصادق عليه السلام:(ما أمتشطت فينا هاشمية ولا أختضبت، حتى بعث إلينا المختار، برؤوس الذين قتلوا جدي الحسين)!

عقيلة قريش حفيدة يعسوب الدين والزهراء البتول، عمها السبط المجتبى، وأبوها سيد شباب أهل الجنة(صلواته تعالى وسلامه عليهم أجمعين)كانت ذات بيان وفصاحة، نبيلة الفعال جميلة الخصال، وقضت عمرها حزناً وألماً على واقعة الطف، التي فرقت بين البنت وعمها صاحب اللواء، وكافل العائلة العباس(عليه السلام)،بقصة عطش وشهادة، وعندما قضى نحبها أمر الإمام زين العابدين، بوضع 400 عود عطر من البخور، ليكون قبرها فيما بعد مزاراً، يؤمه المؤمنون من كل حدب وصوب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here