قصة فتاة كركوكية اجتازت كابوس “زنا المحارم” وبدأت حياة جديدة

نشرت منظمة Internews قصة من إعداد افين فرياد الجاف، تتحدث عن الفتاة مريم، التي تمكنت اجتازت كابوس “زنا المحارم”، وكيف استطاعت تحدي جراحها لتبدأ حياة جديدة.

وجاء في القصة، ان مريم كانت جميلة منذ الصغر، مفعمة بالحيوية، كان حلمها بسيطا جدا، هو الحصول على الحنان الأبوي، الشعور بالأمان، اللعب والمرح مثل قريناتها في الحي، لكن الأيام اختارت لها حياة مريرة مليئة بالحسرة والألم .مريم ، فتاة تسكن محافظة كركوك، تبلغ من العمر ثمانية عشر خريفا مصفرا، بعد أن تركها الربيع وبعد تساقط احلامها الوردية واحدا تلو الآخر.

نشأت مريم في بيت جدها، ولم تذق من الحنان الأبوي شيئا، لذا تواجه صعوبة في تصور “العائلة السعيدة”.

حينما بلغت الـ 15 من العمر، بدأت مظاهر الانوثة بالظهور على جسدها المنهك، فأصبحت حسناء جميلة تحلم بفارس طيب لايشبه أبيها من أجل بناء عيش جميل.

ونظرا لشغفها بالحياة كانت تختار دور الأم حينما كانت تلعب مع الأطفال في الحي.

التجأت أن تترك بيت جدها وتعود لأحضان اسرتها التي يراسها أب لم يحمل مشاعر الأبوة تجاهها، وتدير أمورها أم لم تكن على قدر المسؤولية، وشقيق اصغر منها سنا لاحول له ولا قوة، ومن هنا تحولت حياتها الى كابوس خنقه ونزع روحه وجميع ما كان يحلم بها.

في أحد الأيام خرجت أمها الى السوق لجلب بعض الاحتياجات المنزلية، وكالعادة بقيت مريم في المنزل لتقوم بأعمالها المنزلية الملقاة على عاتقها.

كان والدها ثملا في يومها فاستغل غياب زوجته، ونادى ابنته مريم ودعاها للجلوس بجانبها، وعندما لبت النداء، بدأ والدها بتمزيق ثيابها، وحينما علمت مريم أن المناداة ليست أبوية وتحمل في طياتها نية سوداء بدأت بالمقاومة والصراخ.

لا تفعل هذا.. فأنت أبي .. أنت أبي

اجابها والدها بقسوة قائلا: ومن يقول أنا والدك وأنت أبنتي

قاومت والدها وأرادت منعه، لكن محاولاتها كانت أشبه بمقاومة نملة لفيل قوي وسرعان ما انهارت.

اعتدى والدها عليها، سلب عذريتها، أفرغ رغباته الحيوانية في بنتها، بكل وحشية تاركا أبنته الوحيدة على السرير باكية منهارة مكلومة.

لم تكن تعرف مريم ماذا تفعل بعد أن وقع المحظور، لم تستطع إخبار والدتها بما حصل، لأنها كانت على علاقة حب عاطفية مع أبن عمها، وقد قام بخطبتها عدة مرات، إلا أن رفض العائلة لتلك الخطبة حالت دون الزواج منه، كانت تخشى أن تخبر والدتها بجريمة والدها، فتنكر ذلك وتتهم ابن عمها وخطيبها المرفوض بممارسة العلاقة الجسدية معها، لأنها كانت على اطلاع برغبة الجانبين في الزواج .

لم يكتف الأب الذي كان كثير السكر عند هذا الحد فقط، بل كرر الجريمة واعتدى عليها مرة أخرى، لكن في المرة الثالثة، لم تتحمل مريم المكسورة المعتدى عليها من أقرب شخص لها، هذه الحياة البائسة، لم تعد بمقدورها تحمل هذا القرف، فأخبرت والدتها بما حصل، فكانت ردة فعل والدتها مثلما توقعت هي، كذبتها بسرعة، واتهمتها وخوفتها بقتلها من قبل أبناء عمومتها، ولم تترك أمامها خيارا سوى السكوت وتركتها وحيدة في محنتها المؤلمة.

بقيت مريم وحيدة، ولم تجد أحدا ينقذها من البؤس، فقدت عذريتها ولم تتمكن من إخبار الكثيرين لمساعدتها، لكن أخوه هرع إلى مساعدتها بعد أن عرف بقصة شقيقتها خلسة، في أحد الأيام ساعدها في الخروج من البيت بعد منتصف الليل، فلجأت إلى شيخ العشيرة، ظنا منها أنه سوف يساعدها بدافع النخوة والشهامة.

سردت قصتها للشيخ، فآواها وحماها في البيت. وبدأ بالتواصل مع عائلتها لإيجاد حل لمشكلتها التي لا يمكن أخبار كل أحد بها حفاظا على سمعة العشيرة من العار واللعنة من قبل الخصوم، لكن عائلة مريم أنكرت روايتها جملة وتفصيلا، واتهموها بالفرار من البيت انتقاما من رفض والدها تزويجها من ابن عمها الذي تحبه.

وبعد استفحال الأمر بدأت العائلة بتهديد مريم بالقتل رغم وجودها في حماية الشيخ.

توالت التهديدات فلم تتمالك مريم نفسها أكثر وهربت إلى أقرب مركز شرطة وقدمت شكوى ضد والدها بتهمة سفاح المحارم والاغتصاب القسري نكاية بفقدانها العذرية وطهارة جسدها التي طالما حافظت عليه تحت كل الظروف.

ألقت الشرطة القبض على والد مريم، وأحيلت القضية إلى احدى منظمات المجتمع المدني وهي ( مركز الأمل للأرشاد الأسري مكتب كركوك التابع لجمعية الأمل العراقية ) المعنية بحقوق المرأة والطفل من أجل مساندة مريم التي بقيت وحيدة في مواجهة والدها وعائلتها التي تخلت عنها.

عمل مركز الأرشاد على القضية عبر المعالجة النفسية، وإجراء الفحوصات الطبية من خارج المحافظة لإثبات مصداقية افادة مريم بفقدان العذرية، لأن الفحوصات التي أجريت لها في كركوك في بداية الدعوى اشارت الى بقاء مريم باكرة، تحت تأثير الوساطات والرشاوى والضغوطات بحسب المنظمة التي تتابع حالتها خلافا لفحوصات خارج كركوك تثبت تعرضها للأغتصاب بطريقة وحشية ولعدة مرات .

اصدرت المحكمة قرارها بالحكم على والد مريم بالسجن المؤبد وفق مادة (393 ) من قانون العقوبات العراقية رقم (111) لسنة 1969، وبعد صدور الحكم سعت والدة مريم عدة مرات للقاء ابنتها، لكنها ترفض رؤيتها لأنها تركتها وحيدة في محنتها وليس هذا فحسب بل اتهمتها بالكذب والتلفيق عندما حاولت أن تحمي نفسها من والدها.

لم تجد مريم سندا في قضيتها سوى منظمة مدنية للدفاع عنها، حتى عندما تركتها والدتها التي أنجبتها وأعادت لها جمعية الأمل بعض النور إلى حياتها عبر مؤازرتها ودعمها نفسيا وماديا استطاعت عبرها بناء مشروع شخصي صغير لصنع الأكسسوارات والأعمال اليدوية، وهي الآن تعيش مع عائلة رحيمة القلب تتكون من رجل وامرأة كبار السن يعاملونها بكل رحمة ومودة وحب تحت اشراف المنظمة وبدأت باستعادة حياتها كامرأة قوية تتحدى جراحها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here