فوز الحلبوسي.. يوم حزين في تاريخ العراق

بقلم : قصي صبحي القيسي

لايختلف اثنان على أن المنصب السيادي الأهم والأخطر في الدولة العراقية هو رئاسة مجلس النواب، اذا علمنا أن مجلس النواب هو من يصنع الحكومات ويستوزر الوزراء، وبالتالي كان الشارع العراقي ينتظر بقلق تصويت أعضاء المجلس على رئيس السلطة التشريعية الجديد .

وكالعادة، لايمكن اختيار شخص يتصدى لمنصب بهذا الحجم من الأهمية دون الرجوع الى قطبي المعادلة (أمريكا وإيران) المتنافستين الأزليتين في بسط نفوذهما في العراق، ولما كان المرشح محمد ريكان الحلبوسي هو الاسم المطروح من قبل ممثل إيران في العراق وقائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، فاز الحلبوسي ب ١٦٩ صوتاً بضمنها أصوات نواب من الكتل السنية، ليتبوأ هذا الملياردير الطموح المعروف بعلاقته الوطيدة بالحرس الثوري الإيراني منصب رئيس البرلمان العراقي .

ما المصير الذي ينتظره العراقيون في السنوات الأربع القادمة في ظل سيطرة الحلبوسي على المؤسسة التشريعية والرقابية؟ ما القوانين التي سيشرعها وما الدور الرقابي الذي سيمارسه على السلطة التنفيذية؟ هل يتوفر فيه الحس الوطني والنزاهة والكفاءة والإخلاص لشعبه؟ وهل كان مخلصاً ووفياً للمكون الذي ينتمي له والذي عاش في مخيمات النزوح وعانى حر الصيف وبرد الشتاء وشتى أنواع الظلم والاضطهاد والإهانة؟ من هو محمد الحلبوسي؟ ما هي خلفياته؟ من أين جاء وكيف اقتحم عالم السياسة؟ وما هدفه؟ وقبل ذلك كيف صنع ثروته؟ ثم ماذا سيحدث للعراق في ظل سيطرة السيد الحلبوسي على رئاسة البرلمان للسنوات الأربع القادمة؟! هل هناك خطر محدق بالبلد وهل بدأ العد التنازلي لخراب العراق منذ اليوم الحزين الذي شهد التصويت على الحلبوسي رئيساً للبرلمان؟!

باختصار، لقد اختارت الجارة إيران لهذا المنصب أقرب مقربيها، وهو الذي سيضمن لها تدمير ما تبقى من العراق، تحطيم اقتصاده بالكامل، لاصناعة ولا زراعة، سوق مليء بالبضاعة الإيرانية، بدءا بالخضروات والفواكه وانتهاءا بالطابوق ومواد البناء، فمجلس النواب سلطة عليا تشرع وتقر ما تشاء من القوانين، وبالمقابل، سيصبح الحلبوسي في نظر الإيرانيين سوبرمان الذي سينقذ اقتصادهم من كارثة العقوبات الأمريكية ويساهم في انعاش عملتهم الوطنية التي تتهاوى كل يوم في أسواق المال العالمية، فمن حق الإيرانيين تشييد تمثال أو نصب تذكاري للحلبوسي في ميدان آزادي بطهران باعتباره بطلاً قومياً إيراني الهوى .

وفور فوزه بمنصبه، سارع الحلبوسي – بلا خجل – الى تقديم فروض الطاعة والولاء للجارة إيران، ناسياً في غمرة حماسه أن أمريكا قادرة بكل سهولة على إزاحته من منصبه باستخدام أبسط ملف من الملفات المحفوظة ضده، فقد سارع الحلبوسي للاتصال برئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني، وأعلن موقفه الرافض للعقوبات الاقتصادية على إيران، وأكد أنه سيكون دائما إلى جانب الشعب الإيراني، معرباً عن شكره وتقديره للدعم الإيراني المفتوح للعراق في السابق والآن، لاسيما المساعدة في تحرير العراق من تنظيم داعش (وهذا يعني أن الحلبوسي يؤمن بأن إيران حامية أعراض أهل السنة متناسياً تضحيات العراقيين في ساحات القتال ضد الإرهاب) ، وأضاف أن أعضاء البرلمان العراقي يعارضون ممارسة أي ضغوط وحظر اقتصادي على إيران، معتبرا أن هذه العقوبات غير منصفة .

خلاصة القول، ستمر على العراق أسوأ أربع سنوات منذ عام ٢٠٠٣ ، خراب في خراب، وما هذا المقال إلا مقدمة لسلسلة مقالات قادمة حول الهاوية السحيقة التي هوى فيها العراق بعد وصول ابن إيران المدلل السيد محمد الحلبوسي الى كرسي رئاسة البرلمان .

قصي صبحي القيسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here