وقفة صراحة : عندما يضاهي الضحايا جلاديهم بالقسوة والوحشية

بقلم مهدي قاسم

كأنما لا تكتفي مدينة البصرة كثرة المعاناة اليومية بسبب شحة الماء النقي ورداءة الخدمات و نسبة الفقر المتفاقمة و ركام النفايات المرتفعة ، فها هي موجات القتل و الاغتيال تجتاحها ، كطاعون مباغت و سريع الانتشار ، في وضح النهار و أمام الأنظار و شهود العيان / حيث يقوم قتلة مأجورون أو ” عقائديون متطوعون من حراس العقيدة ” بتنفيذ سلسلة عمليات اغتيالات وتصفيات ضد متظاهرين و نساء ناشطات في منظمات اجتماعية وثقافية أو فنية ، في سعي واضح وهدف مقصود و رام إلى ترويع الناس و إخضاعهم للأمر الواقع السيء والسائد تحت ظل الأحزاب الإسلامية المتحكمة ، والقبول به بدون اعتراض أواحتجاج أم تذمر..

فما عملية اغتيال معاون طبي في البصرة * في وضح النهار و أمام الأنظارو حركة المرور ، كأخر سلسلة و ليست الأخيرة ـ( سيما أن العملية جرت على طريقة المافيات المستهترة وتقريبا بنفس الأسلوب الإجرامي الذي تمت فيه عملية اغتيال الدكتور سعاد العلي أمام مطعم بنفس الأسلوب الشرس من التحدي) إلا دليلا واضحا على عدم خوف هؤلاء القتلة من المساءلة القضائية و ذلك ــ ربما ــ لحصولهم على ضمانة أكيدة من بعض هذه الأحزاب والقوى المتنفذة والمحرِّضة على صعيد حمايتهم في حالة انكشاف حقيقة جرائمهم ، و ذلك من خلال تمييع معالم هذه الجرائم السياسية في حالة انكشافها مصادفة ..

طبعا ، بغية التستر على المجرمين القتلة الحقيقيين ..

مثلما فعلوا في قضايا مماثلة من قبيل اغتيال المفكر الشيوعي كامل الشياع الذي كان يعمل في وزارة الثقافة و كذلك الناشط المعارض هادي عبد مهدي ، على سبيل المثال و ليس الحصر .

و الذي يقوّي عندنا هذا الانطباع و الاعتقاد هو : أن الضحية الجديدة ما هو غير معاون طبي فحسب ، أي ليس صاحب محل مسّاج أو حلاقة نساء أو ملهى أو دار لأزياء ولا بائع خمور لا بمطرب أو ممثل ، ولكن قد يكون مشتركا في أحدى المظاهرات أو منتقدا لسياسة الأحزاب الإسلامية الفاشلة وممارسة الميليشيات البلطجية المتسلطة على أنفاس مدينة البصرة / و هذا الأمر بحد ذاته كاف لاغتياله ..

يا ترى مَن كان منا سيتصور أو يتخيل بعد سقوط النظام السابق بأن الأموروالأوضاع الأمنية وغيرها ستصل إلى هذه الدرجة السوء و الانحدار و التدهور و الفوضى المنفلتة وسلسلة القتل العلني والمتواصل في الشوارع و على الأرصفة و أمام أنظار الناس ؟!..

ولكن الذي كنا نعرفه و قرأنا عنه أنه قد حدث في تاريخ البشري و أن قّلد الضحايا جلاديهم و تفوقوا عليهم بفنون القسوة والهمجية ..

و هذا بالضبط ما يحدث الآن في العراق أيضا .

فيما يلي رابط لمشهد عملية اغتيال لمعاون طبي في البصرة وعلى الهواء الطلق !! :

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here