الحوار وفق المنظور القرآني لا منظور الجهل

نعيم الهاشمي الخفاجي

نتعرض لحوارات بعضها على القضايا السياسية الدائرة بالعراق وبعض الحوارات مع الفئات المتطرفة التي تكفرنا بدون دليل وبعض الحوارات تدور بين الاهل والاقارب وابناء العشيرة وللأسف تجد الكثير يقحم نفسه بالحوار وهو يفتقر ﻷبسط مقومات المعلومة والثقافة والاخلاق والقيم، يثير اتهامات وعندما تواجهه بالحقيقة يهرب هروب الجرذان، وبصفتنا كمسلمين القرآن كتاب الله المقدس نظم طريقة تعامل الانسان مع بيته وجاره ومجتمعه وسائر بني البشر، غاية الدين تنظيم سلوك بني البشر وفق ظوابط قرآنية لكن بني البشر يسيء استخدامها بل وفي اسم الدين يرتكب الموبقات ويقتل ويستبيح دماء من يخالفه حتى في وجهة النظر اشار الله عز وجل في كتابه الحكيم الى اﻵية المباركة: [ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ] [النحل125] هذه اﻵية اعطتنا قاعدة قوية في طريقة حسن الأدب عند الحوار والإقناع واتساع صدر الآخر لبيان الصواب أو الخطىء، إن ذلك دليل على معان سامية عالية منها : حسن الظن بالآخر ، ومنها آدب الحديث ، ومنها سلامة الصدر ، ومنها ، استخدام القول السديد ، ومنه احترام الآخر ، ومنها تأليف القلوب وصفتها ، ومنها معاملة الناس على قدر الاستيعاب ، ومنها التواضع ، ومنها، تنزيه النفس من الانتصار لها، إلا ما كان لله ، ومنها محبة الخير للسلم ، كل ذلك دلالة وعلامة وبرهان على حسن الخلق وكان من دعائه : (( اللهم !اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق؛ لا يقي سيئها إلا أنت “. رواه النسائي وغيره بسند صحيح، (739).وكان يستعيذ بالله من منكرات الأخلاق فكان من دعائه : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأخْلاقِ وَالأعْمَالِ وَالأهْوَاءِ.)) ت . صحيح الجامع : 1298ومدح الله نبيه بقوله : ) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم 4عَنْ جَابِرٍ tأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rقال : ((إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاقًا، وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ )) قالوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ ؟ قال: ((الْمُتَكَبِّرُونَ))رواه الترمذي .صحيح الترمذي : 2018 . وَالثَّرْثَارُ : كَثِيرُ الْكَلامِ تكُلَّفًا، وَالْمُتَشَدِّقُ الَّذِي يَتَطَاوَلُ عَلَى النَّاسِ فِي الْكَلامِ وهذه بعض الفوائد التربوية في أدب الحوار والإقناع أولا: قواعد في أدب الحوار : • الصدق وطلب الحقومن صوره : 1. إخلاص النية وطـــلب الحــــق.2. التسليم بالخطأ وعدم التعصب.3. عدم الانتصار للنفــــــس.4. التأصيل الشرعي لدرء النزاع .5. عدم الترفع عن قول لا أعلم.6. لا تنفي ولا تثبت إلا بدليل . • الاستعداد الذهني ومن صوره : 1. يكون المحاور عالمًا بالمسألة .2. يفهم ما عند الطرف الآخر قبل الرد .3. عدم اقتحام أمر لا يعلـــــمه.• احترام الطرف الآخــــر ومن صوره: 1. استخدام ألطف العبارات وألينها.2. إنزال الناس منازلهــــــــــــم .3. التواضع عند الحـــــوار.4. الرفق والحلم أثناء الحــــوار.5. عدم الاستئثار بالحــــديث. • مراعاة حال المحاور : ومن صوره : 1. الحوار على قدر الاستــيعاب.2. لكل مقام مقال ولكل حادث حديث .• البدء بالأولويات : ومن صوره : 1. البدء من نقطة الاتفـاق.2. تحديد نقاط الاختلاف بدقة ثم الترتيب حسب الأولوية . 3. التفريق بين الفروع والأصول .ثانيًا : قواعد في الإقناع وكسب الآخرينأ/ قبل إقناع الآخرين تذكر :• وجهات النظر لدى الناس مختلفة .• لست مسؤولاً عن تغير قناعات الآخرين .• الأفكار ليست ملكاً لأحد .• الصواب ليس حكراً عليك .• لا يمكن أن يكون الإقناع لكل الناس .• الصبر مطلب مهم فلا تتعجل النتائج.• إقناع الناس 7% في الكلمات، 38 % في الأسلوب 55 % في حركات اليد والبدنب/ معوقات الإقناع : * العنف . * الجدل .* الانتصار للنفس. * السخرية والاستهزاء.* سوء الفهم .ج/ من أساليب الإقناع :* القصة . * القدوة الحسنة.* الموعظة الحسنة.* التعابير الطبيعية.* الترغيب والترهيب. * ضرب المثل.* البرهان والحجة.* الحور الهادئ.

هناك فرق بين الحوار والجدل، متى يكون الجدل باطلاً؟! “عندما يفتقر إلى قوّة العلم وسلطان الحجّة، ويكون بطريقة انفعاليّة ناشئة من عقدة الكبر الكامنة في النّفس”.”لا يريد الإسلام أن يتحوَّل الحوار إلى ما يشبه اللّعب بالألفاظ أو القفز على المشاعر، أو تسجيل النِّقاط على الآخر، وهذا ما يطلق عليه القرآن الكريم اسم الجدل الباطل: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً}”].عندما يكون الحوار مجرّد جدل باطل، فلا مخرجات حقيقيّة له أبداً. على سبيل المثال كان المرحوم السيّد فضل الله يركز على قوّة العلم وسلطان الحجّة والجديّة والتّواضع، وهذا من أهمّ قواعد الحوار الموضوعي العلمي، أن نتحاور “بعقل بارد”، بعيداً من الانفعالات والاتهامات ورمي الألفاظ وتسجيل النقاط.وهذا، فالحوار مع أيّ كان لا بدّ من أن يكون ضمن هذه الدائرة، أن لا نطلق مثل هذه الكلمات الّتي تجعل من الجوّ الحواريّ مفتقراً لأيّ احترام للآخر، فمن يطلق كلمات الكفر والضّلال بوجه الآخر، فهو في الحقيقة لا يملك الحجّة الّتي تفرض نفسها، فمن يملك الحجّة، ينطلق في حواره على هذه الأسس الرصينة التي ذكرها المرحوم السيّد فضل الله؛ يملك القوّة في العلم، وسلطان الحجّة، والجديّة في إيجاد الحقيقة، وأن يتواضع في حواره مع الآخرين، هذا رسول الله (ص) وهو يقول للمشركين:} وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}،خلال حواراتنا نكتشف حقيقة

، “إنّ الغالبية غايتهم ليس البحث عن الحقيقة والتي هي ضالة المؤمن كما يقول الامام علي ع اين يجدها يأخذها، بل تجدهم يستعملون اسلوب الكذب والافتراء والغاية التفكير بمنطق الغلبة وحتى لو كان باطل، على سبيل المثال الامام الصّادق(ع) عندما حضر جلسة حوار بين أحد أصحابه ومن يخالفه في المذهب، وكان صاحبه قد تغلّب على محاوره بحديثٍ ربما كان بعيداً عن الحقّ، قال له الإمام(ع): “لا تمزج الحقّ بالباطل، وقليل من الحقّ يكفي عن كثير من الباطل”.فالإسلام “يرفض الأساليب الجدليّة التي تبتعد عن الحقّ وتعتمد التلاعب بالحقائق، في محاولةٍ لإخفاء ضعف المجادل على ممارسة الموقف القويّ ضدّ الباطل، بعد هذه المقدمات تجد للاسف من يحاورك يتخفى في اسم مستعار وهذا الكلام ليس بالضرورة على المستوى السياسي او الديني بل يصل على مستوى القبيلة والعشيرة والعصبة الصغيرة، عصبة الرجل هم الاقارب والاعمام كما عرفها ابن منظور، لاتهمنا سهام المرجفين افتخر انني عندما قررت معارضة صدام خرجت يوم 28 كانون الثاني عام 1991 من بيتي مودعا والدتي رحمها الله واخوتي وابناء عمومتي واعلنت لهم اني ذاهب خارج العراق وفعلا ودعت زملائي الضباط وقلت له توكلت على الله ما ان غابت شمس يوم 29 كانون الثاني وبلغت ضابط رذيل جبان اسمه سامي من اهالي الثورة انني قاصدا الاراضي السعودية واخجر قادة الجيش وتبعوني بفوج مغاوير وهناك حقيقة من كان مع الله كان الله معه آمر الفوج اسمه الرائد محمد الشمري من ديالى شيعي المذهب طلب من الجنود فسح المجال الى ان عبرت رغم نحن كنا متسلحين ولايمكن ان نستسلم واغرب نكته اسرت ضابط سعودي اسمه ملازم اول فيصل العتيبي قام يبكي قلت له يارجل انا جئت لاجئا قال لي اقسم بالله هههه قلت له تفضل هذا سلاحي انهار من البكاء، ووصلت ودخلنا سجون بني سعود واضطهدوني للاسف لاسباب طائفية، الى ان فرج الله علينا وقبلتنا مملكة الدنمارك كلاجئين والحمد لله انقذنا الله العزيز الجبار، املنا بالمتحاور ان يكون مؤدب ومهذب يؤمن بالحياة للجميع وليس يتظاهر بالمساواة وهو يخفي حقده الطائفي والقومي بل وحتى على المستوى القومي والقبلي.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here