تنوع المجرمين العقائديين

لم يمر وقت طويل على اندحار ( داعش ) ذلك الفصيل الأسلامي المتشدد و الذي لا يرى في مخالفيه سوى اناسآ خرجوا عن سواء السبيل الذي خطه الله لهم و عصوا امر ربهم فحلت عليهم لعناته و نزلت بهم عقوباته في الدنيا قبل الآخرة و التي سوف تطبقها بهم يد الله الضاربة في الأرض ( داعش ) فكانت تلك المجاميع المسلحة الملثمة و المتشحة بالملابس السوداء المخيفة تجوب الشوارع و تفتش الأزقة و الحارات و تتنصت على البيوت و المنازل عسى ان تظفر بأحد المخالفين او العاصين ( لشرع الله ) .

كان هناك من ضاقت به الأحوال و اطبقت على نفسه الأهوال ان انساق الى كأس من الخمر ينادمه و يزيح عنه و لو قليلآ من تلك الهموم التي جثمت على روحه فكانت شرطة ( داعش ) الأسلامية له بالمرصاد و نصبت المحاكم على عجل و انزل به حكم ( الله ) اما الآخر الذي لم يقرب المسكر او المخدر انما كانت نفثات دخان ادمنه الزمن عليها كفيلة بنيله العقوبة التي طالت ذلك الذي لم تكن لحيته بالطول المناسب الذي يرضي ( الله ) و أنبيائه و رسله و اما عقوبة النساء من الجلد فكانت كثيرة و أثيرة على نفوس الدواعش و بلا حساب ان هي خرجت دون محرم و ان هي اظهرت من وجهها شيئآ آخر غير العينين و ان هي رفعت صوتها ( العورة ) او بان طرف ابهامها او كان كفها ظاهرآ للعيان .

هرب الناس من تلك ( الدولة الداعشية ) و الذين لم يطيقوا تلك القوانين و الشرائع التي لا تصلح لكل زمان و مكان كما ادعى رسل الدولة الأسلامية ( داعش ) و قادتها الا تلك التي اتفق عليها البشر فيما بينهم ضمنيآ و لم تلك الجموع المسلمة الهاربة من جحيم ( الدولة الأسلامية ) و قوانينها الجائرة ان تولي و تفر مهرولة نحو الدول ( الكافرة ) فهناك الملاذ الآمن و الغذاء الوفير و القوانين العادلة التي لا تفرق بين البشر مهما كانت الوانهم او اجناسهم او دياناتهم او معتقداتهم .

كثيرآ ما اتهم ( السنة ) في انهم المفقسة التي كان ( داعش ) و اضرابه من المنظمات الأجرامية القاتلة قد طلعت منهم و تستقي افكارها المتطرفة من تلك المذاهب السنية و بقيت المذاهب الشيعية بعيدة عن العسكرة و التطرف و الأرهاب كونها لا تطالب بقيام الدولة الأسلامية و الزام الناس بالأحكام الشرعية انما ارجعت ذلك الأمر الى ظهور القائد المخلص ( المهدي ) الذي له الحق وحده في اقامة الدولة الأسلامية و تطبيق قوانين و شريعة الأسلام و هو الحاكم العادل الذي سوف يقيم الدولة الحقة التي وعد الله بها عباده الصالحين و حتى وقت ظهوره تبقى احكام الشريعة الأسلامية معطلة وغير واجبة النفاذ عدا تلك التي تخص العبادات و الصلواة .

حتى ظهرت تلك الأحزاب المؤيدة لأيران و نظرية ( ولاية الفقيه ) و هي مدججة بالأموال و السلاح و فتاوي ( الولي الفقيه ) و هي تمشط المدن و الأحياء و تحصي على الناس انفاسهم و حركاتهم و سكناتهم و بدأت بتطبيق الحديث النبوي المتفق عليه سنيآ و شيعيآ ( من رأى منكم منكرآ فليغيره بيده …. ) و هكذا نزلت جحافل الميليشيات بكل ما تحمله من حقد و ضغينة على الحضارة و المدنية و كما فعلت ( القاعدة ) و لاحقآ ( داعش ) في قتل الناس و التنكيل بهم هذه الميليشيات ايضآ قتلت الناس و نكلت بهم و الفارق الوحيد بين هؤلاء القتلة ان داعش كانت تعلن تنفيذ احكام الموت علانية امام الناس في الساحات او على شاشات التلفزيون اما هؤلاء عملاء ( الولي الفقيه ) فأنهم من الجبناء الذين يقتلون الناس غيلة و اغتيالآ .

اوجه التشابه بين الدواعش السنة و اقرانهم من الدواعش الشبعة كثيرة جدآ فالفصيلان يسرفان في القتل حتى خارج تلك الآيات التي تقر بالعقوبة الأخف فأذا كانت عقوبة الجلد تتطلب مكانآ و اسعآ و جمهورآ حاضرآ فأذا ما تعذر ذلك فأن القتل غدرآ يكون اسهل و اوفر جهدآ و مالآ و الأثنان يفضلان القتل ذبحآ و نحرآ عملآ بالسنة النبوية و سيرة الصحابة و الخلفاء في تنفيذ عقوبة الأعدام و ينباهيان بعدد الرؤوس المقطوعة مع الصور ( التذكارية ) مع تلك الرؤوس المجزوزة و التي ان نطقت لأستجارت و استغاثت الى ربها من ظلم و جور هؤلاء .

موقف الفريقان الداعشيان العدائي للفنون عامة و النحت و التماثيل خاصة معروف و اذا كان الدواعش السنة يرون في تلك التماثيل و النصب اصنام قد تعبد دون الله لأن فيها من الجمال و الفتنة ما يغري الأنسان المسلم الذي سوف يترك عبادة الله و سنة نبيه و سيرة الأولياء و الصالحين لمجرد رؤيته تمثال جميل متقن الصنعة اما في الجانب الآخر حيث يقبع الدواعش الشيعة فأن بعض من تلك التماثيل و بالأخص تلك التي تكون نماذجها من النساء و الفتيات فانها تستوجب الهدم و التدمير لأنها و ببساطة شديدة قد تثير الغرائز و تلهي المؤمنين بالموبقات و الآثام .

اتفق الطرفان على ان السرقة من الدولة التي لا تحكم بما انزل الله هي مباحة و متاحة و المؤمنين و المجاهدين احق بها من الكفار و المرتدين و هكذا استولى الدواعش الشيعة على الدولة بكل خزائن الأموال التي فيها و ينابيع النفط و كل موارد الدولة المالية و لم يكن لهم من الدولة الا خزائنها و الأموال التي تحتويها و كان الدواعش السنة قد طبقوا الشئ نفسه حين استولوا على بعض المحافظات العراقية و الكبرى كانت ( نينوى ) فأن اول ما وصلت اليه ايديهم هي البنوك و خزائن الدوائر الحكومية فنهبوها و سرقوا الأموال و البضائع التي فيها .

هؤلاء هم الدواعش لا فرق بينهم في الممارسات و الأفعال هم يختلفون فقط في التسميات و العناوين و التبعية فأعمالهم كلها متشابهة و اساليبهم في الأجرام و قتل الناس و سلب اموالهم تكاد تكون هي ذاتها اما تطبيق شرع الله في الأرض فهما يتخذان من الكتاب ذاته ( القرآن ) دستورآ و آياته بنودآ و يقران بكل ما بين الدفتين من احكام و تشريعات و على هذا الأساس قامت الجمهورية الأسلامية في ايران و وفق ذلك المبدأ تأسست الدولة الأسلامية في العراق و الشام و ما زال القتل مستمرآ .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here