حلم الله وحكاية اللص؟

علاء كرم الله
أعتاد رجل دين (سيد) في كل عام من شهر محرم الحرام أن يذهب الى القرى المجاورة لقريته ليحيي ذكرى أستشهاد الأمام الحسين ع بالقراءات الحسينية. وكان أهاي القرية ينتظرونه بفارغ الصبر. وكان السيد يمتاز بصوت رخيم فيه نبرة حزن تأسر القلوب اضافة الى ما يمتلكه من ثقافة دينية جيدة. وفي ختام اليوم العاشر من عاشوراء يكرمه أهل القرية بالعطايا من زيت وسكر زشاي وطحين وأشياء أخرى عينية كأجور مقابل تلك القراءات الحسينية (العزيات)، كما تسمى. وصادف في أحد المرات وبعد أنتهاء مناسبة عاشوراء وهو في طريق عودته الى قريته أن يقطع طريقه أحد اللصوص!، قائلا للسيد : سيدنا عندي لك سؤال هلا أجبتني عليه؟ فأجابه السيد بكل ثقة وطيبة وبراءة، سل ما عندك، فقال له اللص: سيدنا كم يطول حلم الله على السارق والقاتل والجاني والزاني والمغتصب لحقوق الناس وآكل السحت الحرام، حتى يظهر عقابه وجزاءه له؟ فأجابه السيد: أن حلم الله بألف عام، فلم يعجب اللص جواب السيد على سؤاله؟، وظن أن السيد يسخر من سؤاله ويستهزء به أو يكذب عليه. فرد اللص بعد أن خزر السيد بنظرة غضب لا تخلو من وعيد وتهديد قائلا: أتراني طفلا حتى تكذب علي! فأجابه السيد وبشيء من الأرتباك بعد أن رأى الشر يتطاير من عينيه، أبني هذا على حد علمي ومعرفتي. ولكن السيد أدرك سوء نية اللص وما يضمره فأراد أن يخلص نفسه من هذه الورطة والموقف الذي صار فيه فأستدرك قائلا: أن الله يعاقب كل مرتكب للأثم بحق الغير والفاسد ويظهر جزاءه وعقايه له بعد 20 أو 30 عاما. المهم في الأمر يا ولدي أن من برتكب الجراىم بحق الناس لن يفلت من عقاب الله أبدا حتى وأن طال الزمن. وهنا أرتاح اللص وأقتنع بهذه الأجابة!، فقال للسيد ما دام الأمر هكذا، أذا أنزل من حمارك وأترك كل متاعك. فنزل السيد خائفا مذعورا ممتثلا لأمر اللص. لم يكتفي اللص بسرقة الحمار والمتاع الذي عليه، بل طرح السيد أرضا وأشبعه ضربا وسلبه حتى ملابسه ولم يبق عليه غير ما يستر عورته!. وبعد فتره من الوقت صحى السيد بعد أن أغمي عليه من شدة الضرب ونفض نفسه من التراب وهو يأن من شدة الألم ومن الضرب أكله!، وهو في حال يرثى لها، ورفع رأسه الى السماء وتمتم ببعض الكلمات!، وأكمل طريقه الى قريته مشيا وهو حافي القدمين. وبعد مسير بسيط وصل الى نهر قليل الماء وبأمكان حتى الأطفال من عبوره، ولكنه تفاجأة باللص والحمار ساقطين وسط النهر واللص يصرخ متألما من كسر في ساقه من أثر السقوط. وهنا هرع السيد بكل طيبة مسرعا لمساعدة اللص، ولكن اللص قابله بالسب والشتم!، وهو يقول له: لعنك الله أنك والله سيد كذاب فقال له السيد معاذ الله ياولدي لماذا تقول علي هكذا. فأجابه اللص: لقد سألتك متى يظهر الله عقابه وجزاءه لمن يرتكب الخطيئة والأثم ويسرق مال الناس، فأجبتني أولا بأن حلم الله على ذلك بألف عام، ثم أدركت فيما بعد وقلت بعد 20 عاما. فرد عليه السيد قائلا، نعم هي الحقيقة الحقيقة يارجل فأنا لم أكذب عليك، لأن الله ينصر المظلوم ويظهر الحق ولو بعد حين ، فرد عليه اللص قائلا: لماذا أذا ظهرت عقوبة الله (حوبته) بي بعد هذا الوقت القصير من سرقتي لك؟. فقال له السيد لا يا ولدي، أن ما أنت فيه الآن هو ليس بسبب ما فعلته بي! بل بسبب سوء أعمالك السابقة التي أرتكبتها قبل 20 أو 39 عاما. أما جزاء الله وعقابه لك على ما فعلت بي فهذه ستظهر لاحقا وليس الآن. مقصد الكلام من هذه القصة البسيطة هو أن غالبية الناس تفكر بمثل تفكير هذا اللص، خيث يرتكبون الكثير كم الأخطاء والأفعال بحق الغير متوهمين بأن حلم الله عليهم سيطول وأن عقابه لن يظهر بالحال. هذا من جانب ومن جانب آخر أن الكثير من هؤلاء وقعوا تحت تأثير أقوال وأمثلة شعبية وحتى من بعض السور القرآنية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here