قتلَ 50 شخصاً من عشيرة واحدة وهجَّر آخرين.. داعش يسيطر على قرى نائية بين صلاح الدين وديالى

عادت صور القتلى والجثث إلى واجهة الإعلام بقوة بعدما شهدته محافظة صلاح الدين في الشهرين الماضيين من هجمات لتنظيم داعش قتل واختطف فيها العشرات من أبناء العشائر.
وانتهج تنظيم داعش ستراتيجية جديدة حيث ركز من خلال الأعمال الإجرامية على إفراغ مناطق شاسعة من المحافظة من ساكنيها غير الموالين له أو المتعاونين مع الأجهزة الأمنية .وبهذا يضمن وجود أماكن الاختباء والتدريب ومرونة في التخطيط لهجماته انطلاقاً منها.

ويحاول التنظيم إفراغ القرى الواقعة في تلك المناطق والسيطرة عليها ، إذ تعدّ معاقل سابقة ومخابئ مهمة وساحات للتدريب والهروب وإعادة التنظيم لتنظيم القاعدة سابقا ومن ثم داعش استغلها في المدة التي سيطر فيها على المحافظات العراقية منتصف 2014.
أبرز تلك المناطق جبال حمرين وجنوب شرق سامراء الممتدة مع محافظتي ديالى وكركوك ومناطق غرب قضاء الشرقاط شمال تكريت وشرق قضاء الطوز.
رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد الكريّم صرح لـ(نقاش) ان “الوضع الأمني قلق وغير مطمئن وهناك تصاعد ملحوظ في وتيرة هجمات داعش على شرق وغرب محافظة صلاح الدين، ونتوقع أعدادهم بالمئات، والتنظيم حاليا هو من يختار زمان ومكان الهجمات التي غالباً ما تكون مقارّ أمنية أو طرقاً ستراتيجية أو استهداف العشائر التي أصبحت موالية للحكومة والنظام”.
ويعزو الكريّم أسباب التدهور الى “تعدد القيادات الأمنية في المحافظة وضعف دعم الحكومة المركزية للقوات المحلية أو تقديم الخدمات وتعمير المدن المحررة، إضافة إلى ضعف الاستخبارات والدعم الجوي من طائرات الاستطلاع أو المروحيات”.
الأساليب الجديدة التي استخدمها التنظيم في موجة الهجمات الحديثة تتركز على استهداف الرعاة العزّل بالاختطاف والقتل وحرق مزارع الحبوب ومصادرة الماشية ومن ثم تفجير البيوت بتهم الانتماء أو مساعدة الحشد العشائري.
في الجانب العسكري اعتمد التنظيم على أسلوب زراعة العبوات الناسفة كطعم لاستقدام الدوريات الأمنية الى كمائن أخرى وعبوات أكثر تدميرا أعدت مسبقا، والأسلوب الآخر هو نقاط السيطرة الوهمية على الطرق المهمة في أوقات متأخرة من الليل أو ساعات الفجر الأولى، كما حصل على طريق كركوك- بغداد حين تم اختطاف وقتل العديد من المارة وسائقي الشاحنات وأفراد الأمن.
الشيخ علي ثائر الفرحان العبيدي مسؤول الحشد العشائري لمناطق جنوب شرق سامراء التي تشهد اشتباكات شبة يومية مع عناصر داعش راح ضحيتها عشرات المدنيين ومقاتلي العشائر يشرح المشكلة من وجهة نظره الشخصية.
يقول العبيدي لـ (نقاش) إن هناك بين (150 ــ 200) عنصر من داعش يتمركزون في المناطق الممتدة بين محافظتي صلاح الدين وديالى ويستخدمون أسلوب إفراغ المناطق من سكانها عبر التهديد ومن ثم مصادرة الأملاك وان لم ينفع يستخدمون الاختطاف ومن ثم التصفية وبحجج جاهزة إذ يتهمون أبناء العشائر بمساندة الحكومة.
العشائر الساكنة في تلك المناطق معظمها تعتمد على رعي المواشي والزراعة وخاصة عشيرة شمر التي سجلت مقتل واختطاف أكثر من خمسين عنصرا في الشهرين الماضيين على أيدي عناصر تنظيم داعش.
يروي سعد الشمري وهو بدوي من سكنة غرب مدينة سامراء قصة اختطاف سبعة من أقاربه من قبل التنظيم ومن ثم قتلهم. ويقول لـ (نقاش) انه “في عصر أحد أيام داهمت قوة من أربع سيارات تشبه قوات الحشد العشائري قريتنا التي تسمى المالحة وعند دخولهم القرية تبين أنهم من داعش ولكن بعد فوات الأوان”.
ويضيف “تمكنوا من السيطرة على القرية وبدأوا ينادون على أسماء شبابها في قوائم كانت معهم واقتادوا سبعة من الرجال أبلغوا ذويهم أن لديهم استفسارات وسوف يعودون إلا أنهم عثروا عليهم في صباح اليوم الثاني في مكان مهجور قريب من القرية وقد أعدموا بعد تقييدهم وعصب أعينهم مع إطلاقات في الرأس والصدر”.
رئيس مجلس شيوخ عشيرة شمر في صلاح الدين الشيخ علي النواف الحسان يقول لـ(نقاش) إن “الوضع الأمني في مناطق البادية في صلاح الدين وجنوب غرب الموصل وأطراف ديالى وكركوك في تدهور مستمر والتنظيم أعاد ترتيب نفسه وبدأ بمهاجمة قبيلتي التي راح ضحيتها أكثر من مئتي فرد”.
ويضيف الحسان أن “المخاطر حقيقية وإذا بقي الوضع من دون حل حقيقي ستسقط مدن وتقطع طرق مهمة بيد إرهاب داعش، ومعالجة الأمر قد يتم بطريقتين إما قوات نظامية حكومية تمسك المناطق الرخوة او أن يصار الى تسليح وتجهيز العشائر تحت غطاء رسمي حكومي يحميهم من المساءلة ويحفظ حقوقهم”.
مئات العائلات من البدو الرحل والمزارعين تركوا مناطق غرب وشرق سامراء وسكنوا في المدينة بعد أن أصبحت الهجمات عليهم شبة يومية كما سجلت الحكومة المحلية تفجير وحرق أكثر من (230) منزلا وأربع مدارس ومركزيين صحيين من قبل عناصر داعش خلال السنة الحالية.
وبرغم التأكيدات الأمنية من مسؤولي الأمن في صلاح الدين على أن الوضع الأمني مسيطر عليه، وأن الاختراقات في مناطق نائية وبعيدة عن مراكز المدن، إلا ان ذلك لا ينعكس على أرض الواقع حيث انخفض عدد المسافرين بشكل خطير على طريق بغداد – كركوك وطريق تكريت – كركوك وطريق تكريت -الطوز.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here