حكومة الفضاء الوطني هل سترى الجماهير وتسمع صوتها

الدكتور/علي الخالدي
يعيش وطننا الحبيب مخاضا ليس بالهين على قوى التغيير والإصلاح تجاوزه رغم سعيها المتواصل لتجاوز حالة الٍإستعصاء وإجراء تغيرات جوهرية تدفع بإتجاه تشكيل حكومة تحمل مشروعا وطنيا يلبي حاجات ابناء الشعب وترعى مصالح الشرائح الإجتماعية المغيبة ، وتستقطب أفوا ج العاطلين من خلال توفير فرص العمل ، وفق برنامج حكومي يتجاوز الأداء الإداري والامني الفاشل للحكومات السابقة ، وما حصل من عجز و فساد وتلكوء في المشاريع ، لذا من أهم مهام البرلمان المتابعة الميدانية ، وإتخاذ إجراءات منع أعضاءه عقد صفقات وإبرام عقود وإتفاقات بعيدة عن تحقيق مصالح المواطن في أثناء عقد جلساته وبصورة خاصة في مقهى البرلمان التي خصص لها أموال طائلة ، ادت بعدم سماح المسؤول عن صرفها إلى أن يفقد منصبه ، مما يدل أنه سائر على هدى سلفه بتحقيق مصالح أعضاءه الذاتية .
فكما يبدو ان سرعة إنتخاب رئيس الجمهورية ونكليف رئيس الوزاء بتشكيل كابينته ، ينم عن أن جهودا مضنية تُبذل لتمكين المتحاصصين قيادة بوصلة العملية السياسية ، لتكون قريبة من المحاصصة . لذا إشترطوا إتباع خط سيرها نحو الفضاء الوطني القاضي كما ظهر للجماهير الإبقاء على تقاسم المناصب الرئاسية الثلاث تحاصصيا بشخوص وضع من جرب مرة ثانية في مسؤولية رئيس الجمهورية والوزارة ، الذين إكتفوا كسابقيهم بمحاربة الفساد دون فتح ملفاته السابقة لكون ذلك سيُعرقل مسلك الحكومة الجديدة ويعتبروه تسقيط سياسي يُعرقل تقارب خصوم الأمس ، و بحجة توفير موازين قوى سياسية مناسبة تسند المشروع الإصلاحي ليستُطاع التغلب على المقاومة المتوقعة من جانب قوى ومراكز دول الجوار في الدولة والمجتمع ، بما يضمن مواصلة تحقيق الاحزاب الطائفية مصالحها الشخصية والذاتية، سيما وأن أغلب قادة الكتل المتحاصصة من حاملي الجنسية المزدوجة ، (جاء بهم المحتل ) وفرت لهم أجواء الإبتعاد عن التعايش مع ثقل ومأساة الشعب ، لهذا لم يبذلوا اي جهد لمعالجتها طيلة حكمهم ال 15 عاما . حيث في ظل حكمهم أتسعت رقعة الفقر بين صفوف الناس ، وسيطر الفساد والمحسوبية في مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية ، فتم سرقة المال العام . وما إتخاذ نفس الآليات في تشكيل الرئاسات الثلاث ، إلا دليل على إبقاء ملفات الفساد مستورة وبعيدة عن عيون الشعب وقواه الوطنية ليبقى المسؤولين عن ذلك مصانون من المحاسبة لأربع سنوات أخرى ، ومع إرتفاع أصوات مسؤولي الحكومات السابقة في معارضة خلق البيئة التي تنهض باشكال ملتوية للعودة للمربع الأول ، تشير الدلائل إلى أن جماهير شعبنا الفقيرة المنتفضة لا زالت متمسكة بآمالها من خلال بارقة الأمل الذي فرزته الإنتخابات الأخيرة وما فرضه حراكها السلمي في التظاهر وتصاعد وتيرته في مدينة البصرة مقدما الشهداء قربانا له ، حتى تحظى بتوفير رغيف خبز نظيف يُحضر بمياه صالحة للشرب وكهرباء لتستدل على مواصلة تحقيق حياة حرة كريمة ، وأن لا إتكون والمشاريع التي يحتاجها لتلك الحياة مصدر للنهب المبرمج

إن جماهير شعبنا تنتظر ولادة حكومة تستند على مباديء المواطنة مع حقوق ومسؤوليات وفرص متساوية سيكون بمقدورها الشروع في إصلاحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية عميقة ، تضمن تعزيز التنمية الإقتصادية وتوفير الخدمات وتحقيق مستقبل كريم للشعب العراقي وتصون إستقلاله الوطني ومصالحه من الدول القريبة والبعيدة ، وتخشى الجماهير أن يغيب الإصرار على فتح ملفات الفساد ، ويستمر الإنفلات الأمني وتسود ألافكار المعادية للمساواة بين الجنسين الذي يعتبره البعض شأننا يتعارض والشريعة ( كثرت حملات تصفية الناشطات المجتمعيات في الظرف الراهن )وتزداد خشيتها من أن يُفرض عليها التوازن بين قوى الأجندتين الأمريكية والإيرانية المتواجدة في الدولة والمجتمع ،
لقد خاض شعبنا مختلف اشكال النضال المتاحة للتخلض من نهج المحاصصة الطائفية والأثنية الذي تبنته الأحزاب الحاكمة في الحكومات التي تشكلت طائفيا بعد 2003 وإستطاع الربط بينهما . اذ لم تضع اي منهما في تعارض أشكال الآخر ، رابطا بين نضاله الوطني والنضال الطبقي بالكفاح من أجل ترسيخ قاعدة الديمقراطية ، معتبرا عملية الإصلاح والتغيير عملية نضالية تُلزم مساهمة الجماهير كافة بها ، لذا جاء يؤكد في حراكه مشيرا إلى وضع حد لشروط صندوق النقد الدولي واﻷستمرار بسياسة الإقتصاد الريعي ، بالعمل الدؤوب بعودة العراق الى مصدر للمنتجات الزراعية والصناعية في منطقة الشرق الأوسط ، والمضي قدما بإسترجاع ما نهب من ثروات الوطن خلال حكم الأحزاب الإسلامية والقومية ، مع تبني مطلب الجماهير بتعديل الدستور و إلغاء قنابله الموقوته ، بالإضافة إلى تقانون الأحزاب و الإنتخابات ، و رفض الخصصة و من يعتاش على منطق التكفير وإلغاء الآخر ، ومن يحاول زرع الفوضى والتفكير في فضاء الخطاب السياسي الوطني بكل اشكاله ملتزما بإعتماد خطاب الإستجابة بلغة الأدب والنقد البناء ليتمكن العراق الخروج من موروثات الحكومات الطائفية السابقة وممارسة دور البناء وإشاعة السلام والمحبة في نفوس مكونات مجتمعه

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here