البشر سفّاك دماء!!

سفك الدماء غريزة متأصلة راسخة في أعماق البشر , وبرغم السلوكيات الجانبية المتنوعة القاضية بقتل المخلوقات الأخرى بصيدها ونحرها وسفك دمائها , لكن البشر يبقى متعطشا لسفك دماء أخيه , وشعوره بالحياة وبوجوده وقوته عندما يقتل شخصا ما من بني البشر , تحت شتى المسوغات والمبررات التي تهدف إلى هدر الدم وحسب , خصوصا عندما لا يناله العقاب القضائي.
إنها حاجة ملحة وقوية , لا تقمعها ما يسفكه البشر من دماء المخلوقات الأخرى , ولهذا فأن الحروب متواصلة منذ الأزل , ولن يهدأ أوارها مهما توهمنا بتقدم حضاري وإرتقاء سلوكي , فهذه الغريزة لا يمكن تهذيبها وتطويعها مهما حاولنا.
وقد عجزت كافة الأديان على الإمساك بها وترويضها , بل أن الكثير منها جعلت في منطلقاتها ما يساهم بممارستها وفقا لتخريجات مروعة وفتاكة , ولهذا فأن الأديان قد ساهمت بأعظم سفكٍ للدماء , فهي التي قتلت من البشر ما لم يقتله أي سبب آخر غير الدين.
ولا يشذ دين عن دين في سلوك سفك الدماء , ولا يوجد دين يخلو من آليات سفك الدماء , والحث على القتل الشديد بإسم ما فيه من المنطلقات.
وفي زمننا المعاصر المدجج بأسلحة فتاكة صار السلوك يمتلك قدرات تدميرية أكبر , ومهارات نحر وسفك للدماء لم تعهدها البشرية من قبل , فالبشر لا يكتفي بالقتل الخالي من لون الدماء , وإنما يريد دما مسفوحا ليرضي رغباته الشريرة ويحقق إرادة أمّارات السوء التي فيه.
“…. أ تجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء….” البقرة 30
ولذلك فالذين يتمنطقون بالرحمة والألفة والأخوة الدينية إنما هم من الواهمين الساذجين , فحتى الدين يقتل المنتمين إليه بأسباب يختلقها ويحقق تلك الرغبة الدموية فيها , فكم قتل المسلمون من المسلمين , وكذلك المسيحيون من المسيحيين وغيرها من أديان البشرية , التي تجد الأعذار والمبررات لقتل المنتمين إليها , بحجة وأخرى , ينطلق بها مَن تمكن من التعبير عن عاهات ما فيه بإسم الدين.
والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تُحصى , ونجدها واضحة في عالم اليوم , كما هو حاصل في مجتمعات المسلمين , التي تحوّلت إلى مجاميع متناحرة وأحزاب متناثرة , القاتل فيها ينادي ألله أكبر والمقتول يقول أشهد أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله , وتلك مأساة دين بدين , وغضبة نفس شريرة على عقلٍ ودين.
فهل سيتمكن البشر من ردع سلوكه المشين؟!!
وهل سيرتقي البشر إلى بعض إنسان لتتحقق السعادة ويعم السلام؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here