المرجع الخالصي: المحاصصة في تشكيل الحكومة عادت من جديد وبنفس الاسلوب السابق.

أكد المرجع الديني المجاهد سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد الخالصي (دام ظله)، الجمعة، على ان المحاصصة في تشكيل الحكومة عادت من جديد وبنفس الاسلوب السابق، ودعوات رفض المحاصصة ورفض الفساد أثبت عكس ذلك، فيما خاطب المشاركين في العملية السياسية: كذبونا ولو مرة واحدة وقوموا بالإصلاح الحقيقي، ودعا الجماهير الرافضة للإنتخابات ان تتوحد في جبهة معارضة شعبية لرفض العملية السياسية وافرازاتها، مؤكداً انه لا جدوى من اعطاء الفرص للحكومة في اثبات صلاحها، وأدان التفجيرات الأخيرة في البلد مؤكداً على ان هذا مسلسل يجري دائماً في الوقت الذي يراد منه تمرير بعض القضايا.

وقال المرجع الديني سماحة آية الله العظمى الشيخ جواد الخالصي (دام ظله) خلال خطبة الجمعة في مدينة الكاظمية المقدسة، بتاريخ 25 محرم الحرام 1440هـ الموافق لـ 5 تشرين الأول 2018م: تبقى قضية الجمعة الجامعة محوراً دائماً ومؤكداً لتطبيق الإسلام ودعوة الامة إلى الوحدة، ونحن نؤكد على المسلمين الحضور في صلوات الجمعة دون إبطاء أو تأخير، فضلاً عن صلاة الجماعة.

وأضاف: في ذكرى الإمام زين العابدين (ع) نستلهم مجموعة من الدروس التي نحتاجها في هذه المرحلة، فالإمام زين العابدين (ع) عاش فترةً من حياته مع جدة أمير المؤمنين(ع)، وعمه الحسن(ع)، وأبيه الحسين (ع)، وشاهد معركة كربلاء بكل ما جرى فيها بالتمام والكمال وبكل آلامها.

وبيّن معاناة الإمام زين العابدين (ع) من تسلط الحكّام الظلمة وأدعياء الجاهلية الذين عادوا تحت غطاء الاسلام من جديد، وشاهد شيوع أمراض الجاهلية في المجتمع الإسلامي من جديد، خصوصاً بعد موجة الفتح الإسلامي التي جلبت الكثير من الثروات، فوقف مع شدة المحنة والآلام التي تحملها ليعالج هذه الحالات الطارئة التي طرأت على العالم الإسلامي، ووجد ان التربية الروحية والتزكية هي الوسيلة الأهم لمجابهة هذه الحالات، مشيراً إلى وجود ذلك في أدعية الصحيفة السجادية وما فيها من كلام في غاية الأهمية، وخاصة ما روي عنه (ع) في أدعية الصباح والمساء : (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَوَفِّقْنَا فِي يَوْمِنَا هذا ولَيْلَتِنَا هذِهِ وَفِي جَمِيعِ أيّامِنَا لاسْتِعْمَالِ الْخَيْرِ وَهِجْـرَانِ الشَرِّ وَشُكْـرِ ألنِّعَمِ وَاتّبَـاعِ السُّنَنِ وَمُجَانَبَةِ البِدَعِ وَالأمْرِ بِـالْمَعْرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَحِياطَةِ الإسْلاَمِ وَانْتِقَاصِ الْبَاطِلِ وَإذْلالِهِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَإعْزَازِهِ ، وَإرْشَادِ الضَّالِّ ، وَمُعَاوَنَةِ الضَّعِيفِ وَإدْرَاكِ اللَّهِيْفِ). وما روي عنه (ع) في دعاء الثغور: (أللَّهُمَّ وَأَيُّمَا مُسْلِم أَهَمَّهُ أَمْرُ الإِسْلاَمِ وَأَحْزَنَهُ تَحَزُّبُ أَهْلِ ألشِّرْكِ عَلَيْهِمْ فَنَوَى غَزْواً أَوْ هَمَّ بِجهَـاد فَقَعَدَ بِـهِ ضَعْفٌ أَوْ أَبطَأَتْ بِهِ فَاقَةٌ، أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ حَادِثٌ، أَوْ عَرَضَ لَهُ دُونَ إرَادَتِهِ مَانِعٌ، فَاكْتُبِ اسْمَـهُ فِي الْعَابِدِينَ وَأوْجبْ لَهُ ثَوَابَ الْمُجَاهِدِينَ وَاجْعَلْهُ فِي نِظَامِ الشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ).

واوضح ان الإمام زين العابدين (ع) أراد من التربية الروحية ان لا يفسد المجتمع ويصيبه الترف المادي، أو التحلل الأخلاقي، وهذا ما نحتاج إليه في هذه الفترة، خصوصاً اما المغريات الحالية، فيما حذر من مخاطر انتشار الإشاعة الخطيرة، وانتشار المخدرات، والجريمة الالكترونية، مؤكداً على ان التربية الروحية هي التي يمكن ان تحصّن الشباب والمجتمع، فيما انتقد ما أصاب التعليم في العراق من أضرار وفساد ورشاوي، وفساد الدروس الخصوصية وغيرها، مشيراً إلى مخاطرها الجسيمة وانها مسائل تهلك الناس والمجتمع.

ودعا سماحته للاستعداد لاستقبال ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، معتبراً اياها مناسبة مهمة لأبناء الشعب العراقي لكي يجتمعوا على مبادئ الحق وإحياء ثورة الحسين (ع)، ومجانبة وفضح وكشف الوسائل السيئة التي تريد الإساءة لهذه الذكرى، ومنها محاولة ايقاع الفتن بين المسلمين كافة، وخاصة بين العراقيين وبين الدول الإسلامية، وخاصة الدعوات التي تطلق الآن بالإساءة إلى الزوار الذين يقدمون من دول العالم الإسلامي وخصوصاً إيران، معتبراً سماحته ذلك من الوسائل المشبوهة لإيقاع الفتنة من جديد بين المسلمين.

واكد على ان الاربعين هي مناسبة مهمة لاجتماع المسلمين من كل الاطياف، وندعو المسلمين من كافة انحاء العالم الإسلامي إلى الحضور ودون تفرقة بين طائفة وطائفة اخرى، لأن الحسين (ع) هو سبط رسول الله (ص) وهو للأمة كلها، مشدداً على ان تكون المشاركة واعية، ولكن يتوجب على الجميع من العراقيين والزوار القادمين بالذات، ان يتأدبوا بأدب الإسلام، وان يتجنبوا البدع والخرافات والوسائل السيئة، أو الاستفزاز الذي يمكن ان يجري، أو إثارة الطائفية وإثارة الفتن كما كان يريد البعض ان يفعل بأمر الاحتلال وعملاء الاحتلال.

وفيما يخص الجانب السياسي قال المرجع الديني الشيخ جواد الخالصي (دام ظله): ان ادعاء تجاوز الطائفية ورفض المحاصصة والإصلاح، تبيّن انه قد جرى عكسه تماماً وتثبت ذلك، فالمناصب وزعت بالطائفية، والفساد واضح في توزيع المناصب، وأموال كثيرة اهدرت، وتدخل أجنبي واضح وصريح، وعدنا على نفس الإسلوب السابق من المحاصصة الأولى التي دمرت البلد واوصلته إلى هذا الحال.

وتابع: فهذا المنصب للكرد من هذا الحزب، وهذا المنصب للشيعة من هذا الحزب، وهذا المنصب للسنة من فلان حزب، فتشكيل الحكومة سيكون بهذه الطريقة ايضاً، وبذلك لا الفاسد سيحاسب، والمحاصصة باقية، والشعب العراقي في نفس الازمة، وستتفجر الأوضاع من جديد، لافتاً إلى التبذير الحاصل في صرف الاموال وغيرها في البرلمان وفي باقي مرافق الحياة الأخرى، معتبراً ذلك سرقة علنية ونهب لأموال الشعب العراقي.

وأكد على عدم جدوى ان يعطى فرصة أو مهلة لهذه الحكومة الجديدة وأنه أمرٌ غير عملي، وذلك يؤدي إلى الضعف والبوار، فخطة الحكومة يجب ان تتضح من البداية لا ان ننتظر مدة من الزمن، وننصح المشاركين في العملية السياسية بالخروج منها الآن، وان يروا المشهد من الخارج حتى يروا تماماً ما يجري داخلها.

وقال: مع ذلك، وحتى لا نكون سلبيين، سنقول للذين تولوا المسؤولية الآن: كذبونا ولو مرة واحدة!!، قوموا بالإصلاح، حاربوا بعض الفاسدين، ارجعوا بعض الحقوق للشعب العراقي، إضافة إلى قضية الاستقلال الوطني بالقرار، ولا تكونوا تابعين للجهات التي تقف خلفكم أو جاءت بكم، موضحاً بأننا نحن ليس عندنا شيء سوى اننا نريد ان نطبق هذا الإصلاح، فأصلحوا الأوضاع.

وأضاف: مع ظننا بعدم امكانية الإصلاح في ضمن هذه العملية السياسية وفي هذا الفساد، وبتسلط المحتل الأمريكي وعملائه والتدخل الأجنبي، مع ذلك هم يستطيعون ان يثبتوا عكس كلامنا، إذا تمكنوا من ذلك، وان لم يتمكنوا من ذلك، فموقفنا واضح، هنا يتوجب على الجماهير التي رفضت المشاركة بالانتخابات ان تنتقل إلى مرحلة عملية، وهي ان تشارك في ايجاد البديل، ولا ينتظروا من أحد شيئاً، ونحن بالنسبة لنا ماضون في هذا الخط، وعليها ان تتوحد في جبهة معارضة شعبية لرفض العملية السياسية القائمة في البلد وكل افرازاتها، والتجربة القادمة ستثبت ذلك.

وتابع: إذا تمكن المشاركون في العملية من الإصلاح، فستكون هذه المرحلة تحتاج إلى اعادة النظر في العملية السياسية القائمة، وإذا لم يتمكنوا وهذا هو المرجح عندنا، فعدنها يجب ان يكون الشعب العراقي مهيئاً لأخذ زمام المبادرة، ونحن معه ان شاء الله بالحق وبالإيمان.

وشدد على ان تكون الحكومة من أولى اولياتها ان تقوم بمتابعة امور الضعفاء والفقراء، وان تقوم بعمل مباشر وسريع على الفساد، فهناك عوقٌ كبير في تقديم الخدمات، وتخلفٌ كبير في البُنى التحتية، وهذا يجب أن يعالج، فقضية الكهرباء مثلاً يمكن معالجتها خلال مدة اقصاها ثلاثة أشهر، فضلاً عن موضوع المياه وباقي الخدمات الأخرى.

ومن جانب أخر أدان سماحته موجه التفجيرات الأخيرة التي طالت عدد من مناطق بغداد، وبعض محافظات العراق، مؤكداً ان هذا المسلسل يأتى به في الوقت الذي يراد به تمرير بعض القضايا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here