عزاؤنا للرسول و آله و صحبه الكرام فنسأل الله الرضا و القبول

شكلت ثورة عاشوراء انعطافة كبيرة في مسار الإنسانية جمعاء، فانعكاساتها إيجابية كانت الأمة في حينها بأمس الحاجة إليها، فقد شقت جدار الصمت، و الرضوخ لسياسة الظلم، و الفساد التي تنتهجها الحكومات الفاسدة في حينها، وكل مَنْ جاء بعدهم إلى كرسي السلطة الدنيوية البائسة في تلك الأيام العصيبة التي عاشها المسلمون، وعلى اختلاف عقائدهم الدينية، وخلال عقوداً من الزمن يمكن وصفها بالسنين العجاف، فحينما بدأت الأمور تتدهور، و بوادر الفساد، و الإفساد تنتشر في المجتمع كالنار في الهشيم، و المسلمون تُقاد الأمة بالسياط، و حدة السيف، و سوء المعاملة، و الإدارة لجميع مرافق الدولة، هنا فقد تحققت المقدمات للنهوض بأعباء الرسالة الإسلامية، و تحمل مشاقها الصعبة التي تطلبت سفك الدماء، و تقديم القرابين لضمان نجاحها، و بالشكل المطلوب الذي يسعى له كل حر، و أبي يرفض مختلف أساليب التعسف، و الطغيان، فكانت ثورة الحسين ( عليه السلام ) الشرارة الأولى لكل الثورات المطالبة بالحرية، و إنقاذ المنظومة الإسلامية من الانهيار، فقد سالت الدماء الزكية لهذا القائد الهمام، و سقطت الأرواح، و النفوس الطاهرة لأهل بيته، و صحبه في طف كربلاء التي لا زالت تحمل ذكريات مشرفة عن تلك الثورة الخالدة بخلود الإنسانية، فالحسين منهجاً إسلاميا بحت، الحسين فكراً إسلاميا خالصاً، الحسين مدرسة تعلم الأخلاق الفاضلة، و تمنح الإنسان كرامته، و عزته، فهذا ما يدفعنا إلى استذكار ثورته الإصلاحية، و يغرس فينا المقدمات الصحيحة للعبادة الخالصة لله سبحانه و تعالى ؛ كي نحقق مراد السماء في إقامة هدفها المنشود الذي صرحت عنه في قرانها الكريم ( وما خلقتُ الجن و الإنس إلا ليعبدون ) نعم هذه هي أهم محاور النهضة الحسينية ماضياً و حاضراً و مستقبلاً، و ستبقى غاية كل إنسان يطمح إلى تحقيق العبادة لخالقه جل و علا، فرغم مرور العقود الطويلة على قيامها فهي لا تزال تشكل انعطافة مهمة في تاريخ البشرية فقد انتصر فيها دم التقيّ على سيف البغيّ، قادها الحسين ضد الباطل بقيادة الشقيّ، وقالها الحسين:هيهات منا الذلة، فقد أعزّ الإسلامَ بتضحيته وعياله، وصحبه، وأذلّ الأشقياء بشجاعته، وربّى البشرية بنصحه، وكلماته، بمعركة أوراقها تُصَفّح في كل يوم تُعلّمنا طاعة الله تعالى، والتقوى، والعزّ والغيرة على الدين، ورفض الباطل أينما يكون، فسلام على الحسين، وعلى أخيه العباس، وأهل بيته، وأصحابه أبطال هذه المعركة التي خلّدها التاريخ بأحرف من نور، و لنتمعن كثيراً في هذه الشذرات التي قالها المحقق الصرخي ببحثه الموسوم ( الثورة الحسينية و الدولة المهدية ) قائلاً : (( لنجعل الشعائر الحسينية شعائر إلهية رسالية نُثبت فيها ومنها وعليها صدقًا وعدلًا الحب والولاء والطاعة والامتثال والانقياد للحسين – عليه السلام- ورسالته ورسالة جدّه الصادق الأمين – عليه وعلى آله الصلاة والسلام- في تحقيق السير السليم الصحيح الصالح في إيجاد الصلاح والإصلاح ونزول رحمة الله ونعمه على العباد ما داموا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينالهم رضا الله وخيره في الدنيا ودار القرار. انتهى )).

https://a.top4top.net/p_993611s81.png

بقلم الكاتب محمد جاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here