الخبير الأمني سعيد الجياشي يكشف عن خفايا جرت لخلق “قتال عجيب” في البصرة ويفصح عن “حقيقة مؤلمة” بشأنها

أعلن الخبير الامني سعيد الجياشي، عن حصول شيء وصفه بأنه “غريب” يتعلق بـ“داعش” واعتماد تكتيك جديد للتعامل مع التنظيم الإرهابي، وفيما كشف عن حقيقة ظهور هتافات تمجد النظام السابق في أحداث البصرة الى جانب خفايا حصلت لخلق فتنة وقتال “غريب عجيب”، لفت الى أن هنالك اعترافات وتفاصيل حقيقة “مؤلمة لعمليات التخريب” التي حصلت في المحافظة.
وقال الجياشي في حوار مع “ملتقى الاخبار الوطني” الذي تشارك فيه صحيفة “الزوراء”: إن الاشاعة تعاملنا معها طيلة فترة عمليات التحرير ضد عصابات داعش الارهابية، وفي هذه الفترة استثمرت من قبل جهات متعددة لتضليل الرأي العام، مؤكدا التعامل مع هذا التحدي بشكل مباشر طيلة فترة العمليات العسكرية من آب 2014 ولغاية اليوم، وكان الجهد موجها لتفكيك وسائل “داعش” الارهابية ومواجهتها، وهي انتقلت الى مراحل اخرى على مستوى الانتخابات تتنافس الجهات السياسية وتستخدم هذه الاساليب، وعلى مستوى الاحداث وما حصل في البصرة خير شاهد على ذلك، حيث كشف الكثير من التضليل والشائعات التي روجت اثناء التظاهرات والاحداث في المحافظة.

وأضاف الجياشي: أن حرب الشائعات تعد من الاسلحة المؤثرة التي استخدمت بشكل مباشر ومؤثر وحققت نتائج واضحة، وهي احد اساليب العمليات النفسية التي استخدمتها تنظيمات وعصابات “داعش” الارهابية، ومن هذه الامثلة نجد الكثير من الشائعات التي روجت بخصوص احداث معينة او عمليات ارهابية معينة او تضليل للرأي العام، فتم التعامل معها بمنهجية علمية دقيقة جدا هي رصد وتحليل هذه الشائعات للوصول الى دقة اعدادها من قبل الفرق المكلفة في انتاج هكذا شائعات في الضفة الاخرى واقصد بها فرق العصابات او التنظيمات الارهابية المكلفة بنقل الشائعات وكان الواجب الاساسي هو ان نتعامل بمهنية لرصد واحصاء هذه الشائعات والرد على بعضها، مبينا أن الاشاعة تعتمد على نقطتين اساسيتين، هما الغموض والاهمية، وفي مبادئ علم النفس فإن الرد او النفي على الشائعة هو اثبات، لذلك يجب اعتماد منهجية دقيقة واختيار شائعات محددة وتم ترك الحقائق التي حاولت تلك الشائعات تزييفها او تضليلها وتطرح للرأي العام بشكل واضح.
وتابع الجياشي: نجحنا في كشف كذب اخبار “داعش” وزيفها في العمليات الارهابية التي تنتج لها اصدارات مرئية وتقارير اعلامية مبالغ بها، وخصوصا الاخبار التعبوية التي حاول التنظيم من خلالها ارباك الرأي العام وتعزيز الثقة بالإرهابيين على انهم قادرون على تنفيذ عمليات نوعية كبيرة ومتعددة وبقواطع مختلفة وبهذا الشكل مضى ما تبقى من عام 2014 و 2015 و 2016 و2017 الى ان تحقق النصر الكبير، وكانت هناك نقلة نوعية بالعمل.
الجياشي: العراق أخذ جرعة اللقاح اللازمة ضد داعش
واستطيع ان اشير الى ما حصل في عام 2018 شيء غريب بعد ان تم تصنيف اخبار داعش الى ثلاث الوان: الاخبار الحقيقية والكاذبة والمضللة، وهذا تكتيك جديد اعتمد الاخبار بمنهجية جديدة، فالاخبار الكاذبة واضحة ولا اساس لها من الصحة والاخبار الصحيحة هي اخبار لعمليات حقيقية لعمليات ارهابية، ولكن وجدنا شيئا جديدا وهي الاخبار المضللة وهي تتبنى عمليات واحداث جنائية تنسبها لها من اجل اعطاء كثافة في الاعلام لدورها وتعزز رسالتها الاعلامية بهذه الاخبار وهذا العدد الاضافي لها، ظنا منها انها قادرة على ان تصنع رسالة مؤثرة او تعطي تصورا معينا، مؤكدا أن، الشائعات خطرة جدا ومربكة ويجب ان تتصدى لها النخب، فاليوم مثلا على الكروبات نجد الكثير من ينقل القصة والخبر او بعض الامور التي هي غير دقيقة ويقع ضحية ويكون جزءا من نشاط النشر لهذا الخبر الكاذب سواء من حيث يعلم او لا يعلم.
وأشار الجياشي الى أن العراق اخذ جرعة اللقاح، فالمجتمع اليوم يرفض داعش سواء في الموصل او صلاح الدين او الانبار، وسبب الانجاز والنصر هو ان المجتمع اصبح يرفض داعش، مبينا أن التنظيم الإرهابي يستثمر اي خلاف سياسي او بيئة مرتبكة او ثغرة او تراجع امني او تراخٍ في الاجراءات ولذلك تجدون داعش يظهر في المناطق الرخوة، موضحا أن الحقيقة اذا واجهت الشائعة يكون لدينا رصد دقيق وحقائق سريعة ووضوح في معالجة اي خبر او شائعة تتكلم عن حالة معينة، فاذا كانت امنية يجب ان يكون الاعلام الامني بمستوى الدقة والسرعة والوضوح، واي نوع من انواع الشائعات يجب ان يواجه بالحقائق.
الجياشي: الدولة لا تبذل جهدا لمواجهة سموم شبكات التواصل الاجتماعي
وبخصوص الدولة ومؤسساتها وما وضعته من آليات لمواجهة الاكاذيب والسموم في شبكات التواصل الاجتماعي، قال الجياشي: ليس هناك جهد كبير على مستوى الوطني لمواجهة هذا الشيء، ولدينا تقنية السلام وهم شباب ينفذونها وهناك جهد نشرف عليه يساهم في هذا الاتجاه وهناك وعي عند البعض للمساهمة، ولكن كجهد دولة ومؤسسات معنية تراقب وتوضح لم نصل الى هذا المستوى، موضحا أن هناك جهودا تخصصية كانت الوجهة الاساسية لها هي مكافحة الارهاب والشائعات التي تنتجها هذه التنظيمات الارهابية، واليوم عبرت هذه المهمة الى مساحة اخرى والتي هي حماية الرأي العام من التزييف.
وفيما يتعلق بالملف الامني في البصرة ومطالب المتظاهرين باقالة هذا القائد واعفاء ذاك، قال الجياشي: إن الامن عبارة عن عالم رياضيات، مشيرا الى أن عملية اقالة القيادات الامنية هي ثغرة امنية بحد ذاتها، حيث أن القيادات الامنية يجب أن تخضع للمعايير والضوابط ووفق معادلة المهام والتخصص الموجود، ووفق تقييم نتائج وحقائق اخفاق يؤشر بشكل واضح، فكان التعامل بشكل مباشر ورئيس الوزراء عقد سلسلة من الاجتماعات ووجه الكثير من التوجيهات لمعالجة الضعف الموجود او الملاحظات التي تأشرت ولكن عندما وجد ان هنالك مشكلة اتخذ القرار بتبديل القيادات الامنية في المحافظة.
وأكد الجياشي: أن المتظاهرين في البصرة اوصلوا رسالة بليغة حركت العراق من اقصاه الى اقصاه واستنفرت الجهد الحكومي بشكل كامل وكشفت حجم الفشل الموجود داخل البصرة ووضعت الحكومة امام التزامات مباشرة، وبالتالي لو يتم حساب حجم الاجتماعات التي حصلت في بغداد على مستوى الحكومة والوفود واللجات والتصريحات والقرارات تجد انه لم تحصل مشكلة سابقة تحظى بهذا الاهتمام، موضحا أن رسالة المتظاهرين وصلت بشكل واضح وتم اتخاذ اجراءات بمستوى تلك الرسالة ولكن الدولة بطيئة بآلياتها، وهنالك نتائج ستظهر على المستقبل القريب.
وقال الجياشي: إن أحداث البصرة بدأت بسبب فشل الخدمات وتلوث وتسمم بالمياه في المحافظة حيث خرج الناس للتعبير عن احتجاجهم وغضبهم ظنا انهم قادرون على ايصال رسالة معينة تحصل من خلالها على تحسين الخدمات وخصوصا الماء وموضوع التواصل الاجتماعي دخل في الصفحة الثانية، فاحداث البصرة واحتجاجاتها كمن يعمل بصناعة مادة بمواد طاهرة حقيقية ولكن يضيف اليها بعض السموم لتكون ذات استخدام آخر، مؤكدا ان موضوع البصرة تراكمي، وهناك قصور وتقصير طيلة الفترة الماضية ولم تضع الحكومات المتعاقبة الاسبقيات بشكل صحيح سواء المحلية او الاتحادية.
الجياشي: بعض التظاهرات غريبة وفيها تصعيد
وأشار الجياشي الى أن هناك الكثير من محركات التصعيد فيها غرابة، فاليوم المتظاهر الذي لديه فعلا مطالب واضحة، توجد مساحة واتجاه ومؤسسات حكومية للتظاهر عليها وشخصيات سياسية لانتقادها، ولكن ان اذهب إلى مؤسسة نفطية واحاصر هذه الشركة والشركة “س” من أجل ايقاف تصدير النفط او بعض المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية، فهنا كمن يلعن نفسه، فالمتظاهر يعلم أنه في حال توقف هذا المشروع لن يكون هناك ماء او خدمات، فهذا ليس متظاهرا فطريا واتى بعفوية، فهنالك ملاحظات كثيرة.
أكد الجياشي: أن مشكلة من مشاكل البصرة تم تشخيصها بالعين المجردة ولم نعتمد على اي فريق آخر، فوجدنا ان سبب شحة المياه في البصرة هو ليس بسبب قلة كمية الماء، وانما بسبب حجم التجاوز على انابيب الماء وبالامكان شرب الماء مباشرة من البدعة، فهي مياه عذبة وينقل الى منطقة الارض زيرو التي هي بالبصرة يوجد ثلاث احواض بمساحة 750 الف متر مكعب لاثنين، ومليون متر مكعب للاخر، وهو يغطي نسبة 60% من حاجة البصرة باستثناء شمال البصرة، وراينا خطوط نقل الماء من الارض زيرو التي هي 12 خطا الى مناطق البصرة عليها تجاوزات لمشاريع عبارة عن مسابح ومغاسل غسل وتشحيم ومطاعم وبحيرات ومعامل تعبئة ماء، لافتا الى أن اصحاب هذه المشاريع هم مسؤولون في الحكومة ومتنفذون من ابناء البصرة وقادة اجتماعيون، ولو رفعت هذه التجاوزات يحصل ابناء البصرة على ماء عذب من خط البدعة، فهذه واحدة من المشاكل، وطلبنا اسماء المتجاوزين واردت ان اعلنها، ولكن هنالك خوف من قبل الجميع وتعطى لنا إشارات عن المتجاوزين بدون أسماء.
الكشف عن “فبركات” جرت صياغتها وخلق فتنة واثنيات وقتال غريب عجيب
وبين الجياشي: أن حرق المؤسسات ليس له تفسير ايجابي، وحتى الرأي العام كنخب لا تتكلم بوضوح، والمتظاهر له حق ولكن المتظاهر الذي يحرق مركز علاج للحرجى وحرق القنصلية ومجلس المحافظة والدخول الى بيوت وحرقها ومقرات حكومية ويحرقها، فهل هذا مقبول؟، ونحن في الاجهزة الامنية لدينا هذا خرق وتقصير ويجب على القوات المكلفة بحماية مقار او مشروع ماء او مستشفى او قنصلية ان تحاسب، والموضوع اخذ بعدا آخر، مؤكدا أن ابناء البصرة لم يخرجوا ليحرقوا مدينتهم او يسيئون لضيوف المدينة او يتجاوزون على بيوت فيها عوائل، فبالتالي فإن عملية التقصير والحرق التي حدثت تعاملنا بشأنها مع بعض المؤسسات ورصدنا بعض التسجيلات الفيديوية التي تسيء الى البصرة وبعضها تقول “بروح بالدم نفديك يا صدام”، والصوت مركب على الفيديو، وتسجيلات اخرى تسيء الى ابناء الغربية في محاولة لخلق مشكلة بين ابناء البصرة واهل الانبار ويقال فيها “هذه هدية للغربية” ووجدنا ايضا الصوت مركب ولا يوجد هكذا فيديو، وصور تنتج تبين ان “داعش” حرق مقرات المقاومة الاسلامية في البصرة او مقرات الحشد الشعبي وتنشر، ونجد ان داعش غير موجود ولم ينشر هذا الشيء، ووجدنا برامج معالجة للصور، فهنا اتساءل من يعمل هذه الامور؟ فهل من يعمل هذه الامور هدفه تحسين الماء والخدمات؟ اكيد كلا، ولكن الهدف من هذه الفبركة والتضليل هو خلق مشاكل اجتماعية وربما يريد ان ينسف اواصر ضحت من اجلها البصرة بخيرة شبابها بمعارك التحرير وخلق فتنة واثنيات وقتال غريب عجيب، وهذا كله تم كشفه وبعضه دفع للرأي العام.
وتابع الجياشي: أن مطالب الفقراء والناس هي التزامات وحقوق وامانة وعلى كل مسؤول تنفيذي في الدولة وهي ليست شعارات سياسية يجري استثمارها في الاعلام ليخرج المسؤول كأنه فارس همام، فاليوم الناس تريد من يسعى لانصاف الحقوق، وتريد الصدق معها ومطالب المواطنين هي التزامات وحقوق، مبينا أن مفاهيم الامن الوطني الحديثة تقول كلما تكون سلة حقوق المواطن سليمة يكون الامن سليما وليس بعدد الدبابات والطائرات والبنادق، فكلما كانت سلة حقوق المواطن رصينة وبها حقوق واضحة يعني أن لديك امنا وطنيا حقيقيا، وعكس ذلك فاجمع كل الاسلحة والدبابات ويبقى الامن الوطني هشا.
ولفت الى وضع خطط امنية جديدة بعد احداث البصرة تتسم بالمرونة ويجري تحديثها وليست خططا جامدة وإنما قابلة لاي نقاش من قبل المختصين وهناك تقييم لهذه الخطط، والمؤسسة الامنية العراقية قادرة على التعامل مع التحديات، مؤكدا وجود معتقلين قيد التحقيق وربما سيدفع ببعضهم الى الاعلام، وهنالك اعترافات وتفاصيل حقيقة مؤلمة لعمليات التخريب التي حصلت في البصرة.
ويؤكد الجياشي: أن العراق الآن يتعافى ولديه فرق لخوض حرب الشائعات ومواجهتها، وبالنسبة لمكافحة شائعات الارهاب فإن الفرق العراقية اصبحت ضمن المستوى العالمي وموضوع البصرة خصص جهد له وتوجهت الى البصرة والغاية لكشف الاكاذيب الموجودة سواء على مستوى الشوشرة التي تنقل الاحاديث البينية والمبالغات والقصص الغريبة، او على مستوى النشر في وسائل التواصل الاجتماعي ، والغاية هي حماية المجتمع وترصينه، وأي مواطن ينجرح او يتألم فهذا نعتبره خسارة ويجب ان لا يحصل في ظل وجود هذه الاجهزة التي من واجبها حماية المواطن والمؤسسات على حد سواء .
ويلفت الجياشي الى أن هيئة الاعلام والاتصالات هي الجهة المسؤولة عن تنظيم الاعلام واعطاء الترددات، ومتى ما تقوم باصدار عقوبات على وسائل الاعلام التي تفبرك وتكذب وتضلل سنكون وضعنا اول خطوة بالاتجاه الصحيح للتنظيم واذا لم نجد عقوبات ومحاسبة حقيقية معلنة لهذه القنوات سيبقى الرأي العام العراقي يعاني من التضليل، مبينا أن بعض الفضائيات تعلن عواجل لا اساس لها من الصحة، وهناك انفجاران في بغداد في حين يعلن عن تسع انفجارات، وفضائية تقول انقطع الخط السريع وقتل 60 شخصا، وهو كذب، وانا لست مع تكميم الفضائيات او محاسبتها وتقييدها ولكن ضد الفبركة والتضليل، فهذا يجب ان يحاسب، أما النقد الإعلامي فهو صحيح ويتناول الضعف في الحكومة فهذا عمل شرعي للاعلام.
ويشير الجياشي الى أن الاعلام مؤسسة، وهي رسالة ذهنية ويجب ان ننتقل الى اعلام الدولة، فالاعلام الحكومي له وسائله المعينة، وهو اعلام مسؤول يحافظ على المجتمع والامة والثوابت والقيم ويدافع عن الدولة والوطن ومصالح الامن القومي الاستراتيجية في العراق وليس الدفاع عن نشاط حكومي هنا ونشاط حزب هناك وشخصية هنا وشخصية هناك، مبينا أن التظاهرات يجب ان يتناولها اعلام الدولة على حقيقتها واذا حدث تخريب يجب ان يعكسه الى الرأي العام، حتى تتبين للناس الحقيقة ولدينا تظاهرات في البصرة ننقلها ولدينا تخريب نقول هذا حجم التخريب الذي حدث ولدينا ايضا جرحى نعكسها للرأي العام، حتى المحافظات والنخب والرأي العام تقيم الفعل الذي يحصل فهل هو فعلا ايجابي ومقبول او سلبي او نافع، فهذا مهم لاعلام الدولة وحتى على مستوى العلاقة مع الدول الاخرى والشراكات الاقتصادية وتشكيل الحكومة والاداء السياسي ، واعلامنا وصفه الاعلام الكويتي وقال (انتم تتهاوشون … ناس تتهاوش بناس، وعندما نشاهد القنوات الاعلامية العراقية نرى عملية الجلد و الاشتباك بينها وبين شخوص وكل قناة لها شخوصها وكل برامج لهم فيها اهداف).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here