بيت الأربع غرف

بقلم : عضيد جواد الخميسي

البيت المكوّن من أربع غرف ، والمعروف أيضاً باسم “بيت إسرائيل” أو “بيت الفناء” ،عثر عليه في المرتفعات الوسطى من أرض كنعان في ” تل بطش ” الذي يرجع تاريخه إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد استجابةً للاحتياجات البيئية والاجتماعية -الاقتصادية . إذ لم تتبلور فكرة البيت المكون من أربع غرف كتصميم معماري حتى القرنين الثاني عشر – الحادي عشر قبل الميلاد على الرغم من ميزاته العملية ، إلا أن المؤرخ الاسرائيلي ” زيوني زيفيت ” يقول لنا : ( على الرغم من أن “العصر الحديدي” شهد بناء المنازل ، فإن “البيت المكون من أربع غرف” ليس نمطا اسرائيليا فريداً من نوعه ) ( ص 32 ) .

يتألف التصميم النموذجي للمنزل بمساحة مستطيلة منتظمة ، المكون من أربع غرف بأشكال هندسية ثلاث منها متوازية والرابعة متعامدة وعادة ما تكون في الجزء الخلفي من المنزل . يتم عزل أو فصل الغرف بصف أو صفين من الأعمدة الحجرية ( جدران ) مع بوابة رئيسية تطل على الباحة الداخلية وعادة ما تكون في الوسط ( الممشى أو المدخل الرئيسي ) والذي يؤدي إلى الجزء المركزي للمنزل وهو غير مسقف ، أما الفضاءان اللذان على جانبي الممشى فهما مسقفين . قد توجد تباينات في تصميم بعض المساكن ، حيث يمكن إضافة اجزاء إضافية أو تقسيمها حسب الحاجة ، لكن الخريطة الأساسية تتبع الوصف أعلاه.

كان يوجد داخل الباحة على ما يشبه حوض أو خزّان عميق للماء، وكذلك فرن يعمل لطهي الطعام وفخار الطين في صناعة الطوب ، وذلك لصيانة سقف المنزل الطيني الذي يتعرض لأضرار بالغة بسبب هطول الأمطار في فصل الشتاء. كما يشار إلى أن غالبية المهام المنزلية تجرى في الهواء الطلق ، لا سيما أن الغرف الجانبية ( الفضاءان المسقفان) والتي يعتقد بأنها تستخدم لإيواء الحيوانات في الغالب وذلك بسبب وجود الأرضيات المرصوفة بالحصى ، ولربما لأغراض التخزين أيضاً . وقد تم الكشف عن هياكل بناء مفردة ومزدوجة وربما ثلاثية الطبقة ، مما يوحي بأن السكان ينامون ويأكلون في الطوابق العليا بمعزل عن الحيوانات. ومن المرجح أن تمتلك المنازل سقوفاً مستوية تُستغل لتجفيف المواد الغذائية و للتخزين الإضافي .

ولحماية المنازل من السرّاق و اللصوص والحيوانات المفترسة في أوقات الليل ، يلجأ أصحابها الى بناء جدران عالية تحيط بها من كل جانب ، كما هو الحال مع أكثر من 300 منزل عثر عليها في ” تل بطش” بوقت لاحق . ويعتقد أيضا بأن الباحة الداخلية للمنزل قد يستغلها ساكنيها كمأوى للماشية في فصل الصيف القائظ ، وهي ممارسة تتماشى مع نمط الحياة الزراعية – الرعوية لدى الإسرائيليين.

يتيح المنزل المكون من أربع غرف إمكانية الوصول بسرعة إلى أية غرفة من خلال الباحة المركزية حيث تتصل الغرف ببعضها عن طريق ممرات بشكل “أشبه بالشجرة” ، وقد يعكس التصميم العمراني هذا ، السبب في عدم المساواة بين أفراد المجتمع ، كالمخاوف التي تحدث بشأن طهارة النساء مثلاُ ، وفق ما جاء في سفر اللاويين ( و كلّم الرّب موسى قائلاً ، كلّم بني اسرائيل قائلاُ إذا حبلت امرأة و ولدت ذكراً تكون نجسة سبعة أيام كما في أيام طمث علتها تكون نجسة ) (اللاويين 12 :2،1) إذ يفرض على المرأة الوالدة وتلك التي يأتيها الحيض ، بالبقاء في الغرف المنفصلة الى حين اعلان طهارتها ، في حين لا يطلب من هؤلاء النسوة مغادرة المنزل بسبب ذلك .

استمرت شعبية منازل الأربع غرف بين الإسرائيليين حتى نهاية العصر الحديدي الثاني و بالتزامن مع الغزو والسبي البابلي على يد الملك نبوخذنصر الثاني 597 ق.م .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زيوني زيفيت ـ الديانات الاسرائيلية القديمة ـ اكاديمية بلومسبري للنشر ـ 2003 .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here