هل كتاب اﻷحزاب يؤثرون بالمجتمع ايجابيا أم سلبيا

نعيم الهاشمي الخفاجي

الكاتب المثقف يلعب دور مهم ورئيسي في نشر الافكار النيرة ﻷجل سعادة وطمأنانية المجتمع الحاضن له، عبر تاريخ البشرية لم يكن البشر على مستوى ثقافي واحد، ولايوجد شخص ولد وهو مثقف بإستثناء حالات نادرة جعلها رب العالمين كآيات للبشر مثل ولادة عيسى ع وحديثه مع الناس في نفس يوم ولادته، القرآن حث البشر على القراءة والكتابة واول آية نزلت على رسول الله محمد ص كانت اقرأ بإسم ربك اﻷكرم، وردت ايات قرآنية حثت كل طائفة او جماعة ان يتفقه عدد منهم في الدين لتعليمهم قومهم امور الثقافة الدينية للناس، في استطاعة أي انسان ان يطور نفسه من خلال الدراسة ومهما تقدم الانسان في العمر، التعليم يبدأ من مرحلة الطفولة ويستمر الى الموت، في الغرب تجد طلاب جامعات واعمارهم تجاوزت الستين او السبعين عام، مجتمعاتنا العربية واﻹسلامية مجتمعات بغالبيتها فاشلة ولايمكن للمجتمعات الفاشلة ان تخرج لنا ساسة اذكياء محترمين يعملون على سعادة المواطن، عندما نشأت وترعرت بالعراق على ضفاف نهر الغراف في مدينة قضاء الحي شاهدت الكثير من البسطاء اذا اصبحت عنده 100دينار فهو اما يتزوج زوجة ثانية على زوجته ويجلسهن معا في صريفة او بيت طيني وتبدأ معارك التحرير من الزوجة اﻷولى على الزوجة الثانية والتي تمثل قوات محتلة لزوجها أو صاحب البيت اذا مايتزوج يشتري له بندقية ويقتل شخص ويدخل السجن، وقد كان محقا هنري فوستر في اطروحته الدكتوراة التي حصل عليها من جامعة لندن عام 1932 نشأة العراق الحديث عندما قال ثقافة العرب مبنية على التهرب من دفع الجبايا الضريبة ومعتاد على القتل والسلب ولايمكن الى بريطانيا نقل تجربة ديمقراطية للشعوب العربية مثل ما فعلت في الهند حيث اقرت لهم دستور اسس اساس رصين لحياة برلمانية رائعة في الهند، المجتمعات العربية بغالبها غير معتادة على حكم انفسها بنفسها، العرب منذ سقوط العباسيين الى احتلال الانكيليز والفرنسيين للعراق والجزيرة العربية والشرق الاوسط لم يحكموا انفسهم وانما كانوا محكومون من الاخرين وبالذات من الاتراك والامة الفارسية، مضى على ولادة العراق الحديث 99عاما ونحن نراوح في مكاننا ورغم عائدات البترول لكننا نعيش في حياة بدائية مليئة في القهر والظلم والفقر، مجتمع القوي يأكل الضعيف وينطبق عليهم قول عبدالله بن عمر صاحب المقولة الشهيرة نحن مع من غلب، للاسف تقف الشعوب العربية مع الحاكم الجائر الضالم المستبد، بعد حكم حقبة البعث الظلامية واجرام صدام وسفكه لدماء ملايين البشر يفترض بعد اسقاط صدام نستفيد من اجرام صدام واخطائه ويؤسس الساسة الجدد قواعد رصينة لضمان عدم تركرار مآسي ومظالم حقبة البعث، لكن للاسف ساستنا حكموا البلد بطريقة عجيبة غريبة بحيث يصبح صاحب السلطة التنفيذية واجبه يجمع ملفات سافكي دماء الشعب والواجب الانساني والاخلاقي والديني يوجبه في ضرب هؤلاء القتلة وتأديبهم من خلال دعوة الجماهير لسحقهم، خلال ال 15 سنة الماضية لاحظنا ان لدى الاحزاب اعداد هائلة من الكتاب والصحفيين والمحللين يوميا يكتبون مقالات وتستضيفهم القنوات الفضائية والمحلية وتعطيهم ساعات طويلة لتسويق آرائهم واعتقاداتهم، المتابع يكتشف ان هؤلاء الكتاب يدافعون عن ساستهم فقط بالحق والباطل، تجدهم يتغابون عن قول الحقيقة وهم يعرفونها لكن امراضهم الحزبية تمنعهم من قول كلمة الحق ونشر الثقافة الجيدة التي بلا شك كلمات الكتاب والمحللين يفترض تخلق رأي عام شعبي جيد يتحرك لوضع حد لمسلسلات التفجير والتفخيخ والقتل وسرقة المال العام، مانشاهده ان كتاب ونشطاء التواصل اﻹجتماعي وكلامي يشمل الغالبية ويستثنى أفراد قليلة منهم، أن هؤلاء غير مؤهلون لنشر ثقافة واعية ويخلقون رأي عام شعبي داعم لابناء الشعب في تصحيح مسار العملية السياسية المتعثرة، للأسف الشديد وإنه أمر محزن عندما ترى كاتب تجده يشتم ويسيء الى قاده احزاب من مكونات اخرى مجرد يرى زعيم حزبه جلس مع الذين كانوا مختلفين معه تجد هذا الكاتب ينقلب 360 درجة وكأن شيئا لم يقع ويبدأ يذكر فضائل من كان يشتمهم في اﻷمس القريب، الاخ الاستاذ مهدي قاسم كتب مقال حول الاصلاح قال لايمكن لهؤلاء المصلحين المتحزبين ان يبنون مرحاض واحد صالح للاستعمال، فعلا كيف نرجوا اﻹصلاح بمن يفكر بمصلحة حزبه؟ الساسة هم نتاج مجتمع مريض فكيف بالمجتمع المريض ينتج لنا ساسة اذكياء او طبقة مثقفة تعمل على توحيد الكلمة، الحاكم فاسد والتابع له يفوقه في الفساد، في الختام ارتئيت ان اختم مقالي هذا بموقف للامام علي ع كيف كان يراقب ولاته ويحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة، لقد كان الامام علي عليه السلام شديدا في مكافحة الفساد في دولته الى درجة انه كان يضع العيون على ولاته يتحسسون احوالهم فلو بدرت من احدهم بادرة سوء يبرقونها اليه ويخبرونه بها وقد وصل التشدد به الى درجة انه وبخ احد عماله وهو عثمان بن حنيف الأنصاري و كان عامله على البصرة لانه لبى دعوة اثرياء مدينته لموائد الطعام دون الفقراء، هو لم يخالف القانون ولم يأخذ الرشوة مقابل اطلاق سراح سجين او اعفاء احدهم من مال الخمس او الزكاة بل كانت جريمته ان علاقته كانت بالاثرياء دون الفقراء. وفي مجال توظيف الاشخاص للعمل في الدوائر الحكومية فرض على المدراء الالتزام بمعايير الكفاءة والخبرة وان لايوظفوا الاشخاص على اساس المعروفية والمحسوبية والقرابة فأوصى واليه على مصر مالك الاشتر بما يلي” ثُمَّ اُنْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اِخْتِيَاراً اِخْتِبَاراً وَ لاَ تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً وَ أَثَرَةً فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ اَلْجَوْرِ وَ اَلْخِيَانَةِ وَ تَوَخَّ مِنْهُمْ أَهْلَ اَلتَّجْرِبَةِ وَ اَلْحَيَاءِ مِنْ أَهْلِ اَلْبُيُوتَاتِ اَلصَّالِحَةِ وَ اَلْقَدَمِ فِي اَلْإِسْلاَمِ اَلْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلاَقاً وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً وَ أَقَلُّ فِي اَلْمَطَامِعِ إِشْرَافاً إِشْرَاقاً وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ اَلْأُمُورِ نَظَراً ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ اَلْأَرْزَاقَ فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اِسْتِصْلاَحِ أَنْفُسِهِمْ وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ حتى يقول … وَ تَحَفَّظْ مِنَ اَلْأَعْوَانِ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اِجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ اِكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ اَلْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ وَ أَخَذْتَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ عَمَلِهِ ثُمَّ نَصَبْتَهُ بِمَقَامِ اَلْمَذَلَّةِ وَ وَسَمْتَهُ بِالْخِيَانَةِ وَ قَلَّدْتَهُ اَلتُّهَمَة، في الختام متى نراجع انفسنا ونحاسبها حسب قول الامام علي ع حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here