لا بديل عن الاصلاح!

محمد عبد الرحمن
ينتظر الحكومة القادمة الكثير من العمل ومن السعي الى معالجة ما تراكم من معضلات وازمات، وفِي المقدمة اصلاح النظام السياسي ومكافحة الفساد وتحريك عجلة الإعمار والبناء وتوفير الخدمات والحياة الكريمة للمواطنين، وقبل هذا وغيره توفير الأمن والاستقرار، واطمئنان المواطن على حياته وممتلكاته، وكونه لا يدفع ضريبة على رأي او موقف يتبناه ويصرح به بأية وسيلة.
ومن المؤكد ان تحقيق ذلك سيعتمد على عوامل عدة مترابطة. وتبرز خصوصا اهمية البرنامج، الذي سوف تتبناه الحكومة وطاقمها، ونوعيته وقدرته على اداء مهامه، ومدى قناعة الطاقم بضرورة مغادرة الأساليب التي ثبت فشلها في إدارة الدولة، وتبني منهج إصلاحي واضح، هدفه الاول والأخير هو الانسان العراقي وانتشال غالبيتهم من حال البؤس الذي هم فيه الان.
ومن رأينا في هذا السياق ان يحسم الجدل بشأن من يشارك في الحكومة لصالح ذوي الكفاءة والنزاهة والمهنية والوطنية، والقدرة على العمل ضمن فريق واحد ينشد الاصلاح والإعمار وعلى استعداد كاف لتحمل المسؤولية ووضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار آخر. فاذا توفرت هذه الشروط والمعايير، صار سيان ان يأتي الوزير من التكنوقراط المستقل او من المنتمين سياسيا.
ان من المهم ان لا ينسينا هذا الجدل اصل القضية، وهو عملية الاصلاح والتغيير المطلوبين، اللذين تزداد القناعة بأهميتهما حتى لدى عناصر وأقسام من الكتل السياسية، التي هيمنت على الحكم طيلة السنوات الماضية وكانت مسؤولة عما آلت اليه الامور من تدهور.
وفي بلد كبلدنا وبحكم الموقع الذي يحتله رئيس مجلس الوزراء، وبالنظر الى مهامه وصلاحياته الدستورية، فان وتيرة الانطلاق على طريق الاصلاح ستعتمد كثيرا على قناعته هو اولا، وعلى الدعم المطلوب لتحقيق ذلك ثانيا. ويقينا وكما تبيّن التجربة، لا يكفي الدعم وحده ، بل لا بد من توفر الإرادة السياسية لتحقيق ذلك.
وعلى هذا فليس هناك دعم مفتوح بقدر ما يفترض ان يؤمّن دعم مشروط بتحقيق إنجازات، او على الأقل الأقدام على خطوات تعكس جدية وعزما على المضي في هذا الطريق، وان لا رجعة عنه او توقفا في منتصفه.
وتتوجب الإشارة هنا الى ان هذا الطريق ليس مفروشا بالورود، ولا احد يتوقع ان يملك رئيس الوزراء عصا سحرية لتحقيق كل ما هو مطلوب بضربة واحدة. الا ان الزمن – في الوقت عينه – ليس مفتوحا، بل ولابد ان يكون هناك زمن للقياس والمراجعة والتقويم. ولا مكان هنا بالطبع لشعار “كل شيء او لا شيء”.
وفي المقابل هناك قوى ستسعى بكل ما يتيسر لها الى عرقلة عملية الاصلاح ووأدها في المهد، بل والحؤول دون انطلاقها أصلا، حيث ان الاصلاح بعناوينه الكبيرة والأساسية يمس مصالح هذه القوى واستمرار هيمنتها ونهبها للمال العام.
وفِي عملية الاصلاح المطلوبة كان للحراك الجماهيري والاحتجاجي والمطلبي ويبقى دوره الضاغط والمحفز وايضا الداعم والمساند لكل اجراء إيجابي، يقرّب تحقيق طموحات الناس والحركة الاحتجاجية وتطلعاتهم.
وفي العملية الإصلاحية تبرز ايضا الحاجة الى المزيد من التعاون والتنسيق بين الرئاسات الثلاث، ومعالجة حالات الاختناق الحاد بل والتقاطع في احيان كثيرة، في الصلاحيات والمسؤوليات كما هو معروف وشائع.
ويبقى ثمة دور حاسم وكبير لمجلس النواب في هذه العملية، ولسعي أعضائه الى دعمها عبر أداء كفوء لدورهم التشريعي والرقابي.
والأمر الآخر المهم يتعلق بقدرة السلطة القضائية على ان تؤدي دورها الإيجابي، وان تتحلى بالمهنية والحيادية وتبعد الفساد عن مؤسساتها، وتبتعد في الوقت نفسه عما شاب عملها سابقا، ورأى فيه مراقبون ومعنيون بالشأن القضائي ميلا الى جانب السلطة بغض النظر عمن يتصدرها. وهناك الى جانب هذا مهمة القضاء الاخرى التي ستزداد أهمية عند التوجه الفعلي الى مكافحة الفساد، التي يبقى الأمل كبيرا في عدم غلق ملفاتها بذريعة “عدم كفاية الأدلة ” الجاهزة للاستعمال.
ان اوضاع البلد العامة تفرض المباشرة بعملية اصلاح حقيقي، والا فلن ينتظرنا غير مواصلة السير من سيئ الى أسوأ، حتى وان ارتفعت أسعار النفط !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص2
الاحد 14/ 10/ 2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here