تقرير يفضح عمليات تهريب نفط البصرة

على مدى مئات الكيلومترات، تمتد شبكة نقل النفط في محافظة البصرة التي تشكل مركز صناعة النفط في العراق. ورغم تواري معالمها تحت الأرض، فإن ذلك لم يمنع “مافيات” تهريب النفط من الوصول إلى هذه الشبكة.

انتعشت عمليات تهريب النفط بعد سقوط النظام السابق عام 2003 وضعف سلطة القانون، مما شجع أسرا محلية على إدارة عمليات تهريب النفط، حسبما صرح به مصدر أمني فضل عدم كشف اسمه.
فهذه العائلات -كما يقول المصدر- “تتخذ من ضفاف شط العرب مستقرا لها، خاصة في قضاءي الفاو وأبي الخصيب، وتتمتع بحماية مسلحين ينتمون إلى أحزاب”.
ويضيف أن “إحدى هذه العائلات تستقر بجوار الأنابيب النفطية الممتدة، وتستغل وجودها في الحصول على النفط الخام الذي تهربه على مسمع ومرأى السلطات المحلية هناك”.
ورغم صدور العديد من مذكرات القبض بحق أبناء هذه العائلات فإنها لم تُفعّل بسبب ضغوطات من جهات عليا، إضافة إلى عدم توفر الإمكانات لدى الشرطة المحلية للتصدي لعمليات التهريب.
ويرجح المصدر أن عدد هذه العائلات يتراوح بين خمس إلى سبع، وهي تشكل واجهات اقتصادية لجهات حزبية ومسؤولين حكوميين.
ماذا عن الإمارات؟
عضو مجلس محافظة البصرة أحمد عبد الحسين لا ينفي وجود شبكات ومافيات تعمل في هذا المجال، مؤكدا “وجود منظومة شبكات لنقل النفط الخام من مواقع متعددة إلى موانئ التصدير، وبالتالي فإن السيطرة على هذه الشبكات بالطريقة التقليدية أصبح أمرا صعب التحقق”.
ويصف “سيطرات حماية المنشآت” النفطية بأنها “عبارة عن مفارز لا تتوفر لها أبسط الإمكانات وتنتشر في أماكن متباعدة”.
يقول سلام علي -وهو مهندس لدى شركة نفط دولية في البصرة وناشط مدني مهتم بمكافحة الفساد- إن “الشبكات الناقلة للنفط في الأماكن النائية تعد مصدرا للمهربين، إذ يتم التجاوز على تلك الشبكات بشكل مستمر”.
ويضيف أن “عمليات التجاوز على أنابيب النفط تؤشر على أن المهربين ربما حصلوا على خرائط الشبكات النفطية مما سهل عملهم بعيدا عن أنظار السلطات”.
وذكر المهندس علي أن “عمليات تهريب النفط تتم في الغالب عبر زوارق خشبية لصيد الأسماك تتواجد في مياه شط العرب وتكون وجهتها المياه الدولية في الخليج العربي”، مضيفا “هناك تغاضٍ من السلطات الإماراتية في التعامل مع النفط العراقي المهرب”.
ولفت إلى أن تهريب النفط ألحق أضرار بيئية سواء بمياه شط العرب أو بالأراضي التي يتم التجاوز فيها على شبكات الأنابيب.
توقعات بالمزيد
ويتوقع الخبير الاقتصادي فاضل الأسدي أن الفترة القادمة ستشهد زيادة في عمليات تهريب النفط العراقي من البصرة، مع ارتفاع أسعار الخام في الأسواق العالمية.
وبينما لا تتوافر بيانات دقيقة عن كميات النفط التي تهربها كل مجموعة وحجم عائداتها المالية، يقول الأسدي إن مقدار النفط المهرب يصل نحو عشرة آلاف برميل يوميا.
وذكر أن تأثير عمليات التهريب يبقى محدودا مع حجم كميات التصدير من النفط العراقي التي تجاوزت 3.5 ملايين برميل يوميا، لكنه يرى أن هذه الأعمال تعكس حجم الفساد في العراق، الذي نتج عنه عزوف الشركات الأجنبية عن دخول البلد، في حين فرضت الشركات الدولية العاملة فيه أرباحا كبيرة لما يترتب على حالات الفساد من عمولات ورشاوى زادت من كلفة الإنتاج، حسب الأسدي.
يشار إلى أن أراضي محافظة البصرة تضم ثلثي احتياطي النفط في البلاد، وتحتضن حقول نفط عملاقة، وتشكل صادراتها النفطية نحو 90% من مجمل صادرات الخام العراقي.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here