مرشحة الرئاسة التونسية ليلى الهمامي في حوارها : أنا المرأة الحديدية

مرشحة الرئاسة التونسية ليلى الهمامي في حوارها لـ”هن”: أنا المرأة الحديدية

عام واحد ربما يفصل المجتمع التونسي عن الانتخابات الرئاسية لعام 2019، وبثقة عالية في الفوز بالرئاسة أعلنت الدكتورة ليلى الهمامي، عن عزمها لخوض الانتخابات التونسية، حيث رأت أن المرأة العربية لديها القدرة على إدارة شؤون العالم وليس شؤون دولة فقط.

وفي حوارها مع “هن” تحدثت الهمامي، عن دوافعها للترشح في الانتخابات الرئاسية، ورؤيتها للمشهد السياسي الراهن في تونس، وعن أبرز الملفات التي تتبنها في برنامجها الانتخابي، وعن التحديات التي تواجهها خاصة كونها امرأة.

– في البداية.. ما الذي دفعك للترشح لانتخابات الرئاسة التونسية لعام 2019؟ 

مازالت سيادة الثقافة الذكورية التي جعلت السلطة حكرًا على الرجال، متأصلة في العالم العربي الذي يعيش حالة من “التخلف” المزمن منذ عقود، ولم يكن “تحرير المرأة” في أهم مناطق العالم العربي إلا ضمن سياق التأقلم مع النمط الرأسمالي المفروض من الدوائر الغربية، ورغم التطور الذي شهدته بعض التشريعات إلا أنها بقيت  تطورات شكلية، فالثقافة الاجتماعية بقيت مرتهنة بمحرمات الماضي.

لذلك، فإن ترشحي للانتخابات الرئاسية هو أعمق من أن يوصف بالسياسي، فهو يحمل رسائل ومعان ثقافية تؤكد بأن المرأة العربية اجتازت أدق وأصعب المهام والاختصاصات فهي قادرة اليوم على قيادة الأمة، وهي ليست أقل سلطة أو أدنى معرفة من نظيراتها في الغرب، فأنا باحثة وخبيرة في الشؤون الاقتصادية تحملت مسؤوليات ضمن أهم المؤسسات المالية الدولية ومراكز البحث والجامعات، وأرى أن هذا الظرف الزمني هو ظرف القطع مع الثقافة الرجعية بمختلف مظاهرها، التي لا تقبل الاختزال في تيار أو حركة بعينها.

– هل الانفتاح الذي شهدته المرأة التونسية خلال الفترة الاخيرة يعزز من دعمك بالفوز في الانتخابات؟

الأمر لا يتعلق بانفتاح بقدر ما يتعلق بحالة انفصامية ووضع منقسم وفجوة متزايدة بين شعبين داخل الشعب الواحد، لذلك، إيماني قوي بأن الأغلبية من نساء تونس ستدعمني في هذه المعركة من أجل التحرر والتقدم، كما أنني لدي قناعة شديدة بأن النخب المثقفة من رجال تونس تعي جيدًا أن الحسم في هذه المرحلة سيكون تحت عنوان المرأة، فالجرأة ستكون العنوان الأبرز لحملتي، من أجل تقدم تونس والعالم العربي.

– تقدمتي بأوراق ترشحك للانتخابات الرئاسية لعام 2014.. فلماذا لم يجري قبولها؟

ترشحي للانتخابات الرئاسية عام 2014 كان بمثابة جس نبض وامتحان لساحة سياسية مخترقة من محاور دولية وإقليمية، ولم تكن لدي أوهام عما يدور في الكواليس وعن حجم الاختراقات التي وقعت في تلك المرحلة.

كما إنني كنت أدرك بأن ترشحي خارج حسابات القوى الغربية المهيمنة على الساحة السياسية التونسية والعربية في تلك المرحلة، لذلك لم أباغت بإقصائي من طرف هيئات قادتها شخصيات أعرف جيدًا حجم ارتباطاتها بالدوائر الغربية ومستوى التزامها بمخططاتهم.

– برأيك.. كيف تري الوضع السياسي على الساحة التونسية حاليًا؟

باختزال شديد أرى أن الساحة السياسية بتونس أصبحت مشهد سريالي مطبوع بالهشاشة والتناقض وعدم الاستقرار، باستثناء حركة النهضة التي لا تزال تحيا طور الجماعة الإسلامية، وإن معظم الأحزاب السياسية تشهد تقريبًا حالات تفكك وانقسام وعدم استقرار، انعكست على المشهد البرلماني وأفضت إلى تفكك كتل، وتشكل كتل أخرى لأحزاب لم تشارك في انتخابات 2014.

فالمشهد مأزوم أفضى إلى نظام سياسي هجين كان فيه رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب محدود الصلاحيات، ورئيس الحكومة المعين حاملًا لمعظم صلاحيات السلطة التنفيذية.

– هل حدث تراجع في المشهد السياسي منذ الثورة التونسية لعام 2011؟

شهدت تونس منذ سقوط النظام السابق حالة من الانحلال والفوضى، حيث أفرزت الأوضاع الجديدة حالة من الارتباك على مختلف الأصعدة، أمنيًا واقتصاديًا، إضافة إلى احتدام الصراع السياسي حول مواقع النفوذ، وذلك في ظل التساوي النسبي للقوى، حيث لم تبرز قوى سياسية غالبة قادرة على حسم الصراع في اتجاه معين.

كما أنه حدث إهمال أيضًا للملف الاقتصادي، مما ووضع تونس تحت سلطة المؤسسات المالية الدولية وسيطرتها على جزء كبير من القرارات التي تتعلق بالسياسات الأولى في البلاد، فهو وضع أفرز حالة من الاحتقان الاجتماعي المتعاظم جراء ارتفاع المديونية والتضخم المالي وعدم تراجع نسب البطالة والفقر.

– ما هي أبرز الملفات التي تتبنيها في برنامجك الانتخابي، خاصة الملف الاقتصادي؟

تونس محتاجة لنقلة نوعية في مختلف المجالات، لكي تصبح ضمن الدول المتقدمة، وهذا أمر ممكن تحقيقه، حيث تحتاج لأمرين أساسيين، أولاهما ضمان الأمن الشامل، وهو الأمن في معانيه الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وآخرها المعنى البوليسي.

وثان الأمرين، هو تحرير المبادرة من أجل ضمان إمكانية تحقيق حلم النجاح للشباب، حيث ينمي لدى الشباب التونسي روح المبادرة بعد ضمان تكوينه وتأهيله لبعث المشاريع الخاصة وتيسير سبل الحصول على التمويلات الضرورية لمشاريعه.

وفيما يخص ملف الفقر والبطالة فتونس تواجه أزمة اقتصادية خطيرة، من أهم مؤشراتها ارتفاع نسبة الدين الداخلي والخارجي وانهيار قيمة الدينار واحتياطي العملة الأجنبية، لذلك تحتاج تونس للإفساح في مجال الاستثمار الخاص الداخلي والخارجي، بالإضافة لتطوير البنية التحتية وتوفير التكوين المهني والتقني المناسب لاحتياجات سوق العمل، وخاصة إصلاح المنظومة الإدارية.

– ما التحديات التي تواجهك في الترشح لانتخابات الرئاسية التونسية لعام 2019، خاصة كونك امرأة؟  

توجد الكثير من التحديات، لكن أستطيع مواجهتها، منها استخدام أساليب الإقصاء الإعلامي لتقليص حظوظ المنافسين للقوى المدعومة من الأطراف الغربية، وأيضًا اتباع أسلوب المال السياسي، وهو من أهم الإشكاليات المطروحة في إحداث المنافسة غير الشريفة بين المترشحين للانتخابات الرئاسية 2019.

وفيما يخصني كامرأة، فأنا أوصف نفسي بـ”المرأة الحديدية”، ولا يمكن لأي طرف مهما كان حجمه أن يشككني في أهدافي أو قناعاتي أو في ثقتي بنفسي، فأنا أنتمي إلى المجاهدات اللاتي صنعن ذواتهن بإرادتهن وذكائهن، لذلك مستعدة لكل المعارك وإيماني راسخ بأن الرأي العام العربي سيناصرني.

– هل المرأة العربية لديها القدرة لإدارة شؤون البلاد وأن تصبح رئيسة دولة؟

المرأة العربية قادرة على إدارة شؤون العالم وليس إدارة شؤون الدولة فقط، فهي تمكنت من اعتلاء أعلى المناصب الاكاديمية وامتهان أدق وأصعب الاختصاصات والاختراعات، فهي بذلك تؤكد أنها قادرة على النجاح في أدق المهام السياسية، حيث تتحلى بالشجاعة والإرادة والمعرفة العلمية الواسعة، غير أن الظروف الصعبة التي مر بها العالم العربي أكدت بأن المرأة هي عنوان الصمود ورمز للقيادة سواء في التاريخ القديم والمعاصر.

– في حال فوزك في الانتخابات الرئاسية.. ما الذي تضيفيه للمرأة التونسية؟

ما أضيفه للمرأة التونسية هو انتزاع الاعتراف لها بالكفاءة والجدارة لاعتلاء أعلى المناصب في الدولة، وأيضًا اعتراف العالم لها بكفاءتها لاعتلاء مناصب القيادة، فترشحي للانتخابات الرئاسية هو بمثابة اخراج المرأة التونسية من وضع الديكور إلى وضع الذات الفاعلة وتحريرها من سجن الفولكلور السياسي الذي اختزل حضورها في رمزية باهتة، فمازالت الكثير من الوزارات السيادية مثل الأمن والدفاع والعدل ذات اختصاص رجالي فقط.

– ماذا عن دعم عائلتك في الترشح لانتخابات الرئاسة التونسية؟

رغم أنني قضيت نصف حياتي في الدول الغربية، لكني أحظى بدعم من حولي في المجتمع التونسي المؤمن بقدراتي، حيث أمتلك الصداقات في تونس والمنطقة العربية ما يدعم إرادتي ويثبتها لأكون أكثر من مرشحة لانتخابات رئاسية، لأصبح رمزًا لرسالة حضارية وثقافية مضمونها العدالة والتقدّم من أجل الأجيال الصاعدة.

في حال فوزك بالرئاسة التونسية.. كيف توفقين بين حياتك الاجتماعية ومهامك الرئاسية؟

الرئاسة لن تغير شيء في نمط حياتي فمسيرتي الاكاديمية ودراساتي العليا استوجبت مني كل التضحيات، لا فقط في مستوى علاقاتي الاجتماعية والشخصية، بل أيضًا في نطاق حريتي، لذلك فأنا أجد نفسي طبيعيًا مستعدة لهذا النمط من الحياة خاصة وأن زوجي ينتمي إلى عالم الأعمال وعلاقتنا قائمة على العقلانية والرقي، فهو يدعمني ويتفاعل معي يجادلني ويحترم إرادتي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here