عراقيات يروين قصصهن مع “أكثر السرطانات انتشاراً”

في قرية البو جواد، الواقعة على بعد 80 كيلومتراً جنوب تكريت عاصمة محافظة صلاح الدين في العراق، تقطن سمية عبد الله (39 عاماً)، وهي مدرّسة لغة إنكليزية، مع أطفالها الأربعة. منذ نحو عام، اعتادت ترك أطفالها في منزل شقيقها للاعتناء بهم أثناء تنقلاتها بين بغداد وأربيل والهند، للعلاج من سرطان الثدي الذي أصيبت به عقب إنجابها طفلتها الأصغر مريم.

تقول أم سمية للعربي الجديد “اكتشفت المرض بعدما وضعت طفلتي الرابعة مريم عام 2016. كانت الصدمة كبيرة، واعتقدت أنني سأموت. لكن من أجل أطفالي، صرت أبحث عن العلاج الأنسب. أمّن زوجي مبلغ 6 آلاف دولار لأتمكن من السفر إلى الهند، واستدنت مبلغاً إضافياً من أهلي، وبعت ما أملك من مجوهرات. سافرت برفقة شقيقتي إلى الهند وخضعت لعلاج مكثف أستكمله في العراق. شهرياً، أدفع 300 دولار لتأمين العلاج، خصوصاً أن مستشفيات العراق تفتقر إلى أبسط الاحتياجات. ويعاني المرضى بسبب الخدمات السيئة والمعاملة غير الإنسانية. لذلك، من يملك القليل من المال، يبحث عن العلاج في مستشفيات أخرى غير حكومية، وإن كانت ليست بالمستوى المطلوب.

في السياق، تقول الطبيبة النسائية تقوى فرحان إن مرض سرطان الثدي تمكن السيطرة عليه إذا ما اكتُشف في وقت مبكر. تضيف: “يساعد اكتشاف المرض مبكراً في القضاء عليه والحد من انتشاره. لذلك، يجب القيام بالفحص الذاتي. وإذا ما شعرت المرأة بأي تغيرات غير طبيعية، يجب أن تذهب إلى الطبيب المختص لأنّ هذا يساعد في الشفاء أو تحجيم المرض بنسبة لا تقل عن 80 إلى 90 في المائة”. وتبين أنّ التاريخ العائلي له دور في ظهور مرض سرطان الثدي، وأنّ الوقاية منه قد تُقلل خطر الإصابة بشكل ملحوظ، مشددة على ضرورة اتباع نظام غذائي صحي لتجنّب الإصابة بالمرض. تتابع أنّ اختيار الأطعمة الغنيّة بمضادات الأكسدة لها دور في مقاومة المرض. كما أن ممارسة الرياضة والرضاعة الطبيعية، من الأمور الأساسية لحماية الأم من خطر الإصابة بسرطان الثدي.

سعاد منتصر (42 عاماً) كانت قد شفيت من السرطان، لتكتشف إصابتها مجدداً. تقول منتصر التي تتحدر من محافظة ديالى “لدي ثلاثة أبناء. كنت سعيدة معهم على الرغم من الفقر والنزوح، إلى أن أصبت بسرطان الثدي”. تتابع: “شعرت بتغيرات في جسدي، وأكد لي الطبيب إصابتي بمرض سرطان الثدي، وأنه يتوجب علي إجراء عملية لاستئصال الورم بالكامل. كان الموقف صعباً وكدت أفقد قواي. كما لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة إلى والدتي التي كانت ترافقني. في البيت، أطلعت زوجي على الأمر، وصرنا نفكّر في كيفية إجراء العملية الجراحية. بعنا كل ما نملك من مجوهرات وأثاث إضافة إلى قطعة أرض صغيرة. كلّ أحلامنا تبخّرت مع ظهور هذا المرض الذي أثر سلباً في دخلنا الذي لم يعد يكفينا”.

وتوضح سعاد أنها أجرت العملية عام 2015، وقد تعافت من المرض بعد عام من المتابعة والعلاج. وكانت كلفة العلاج شهرياً نحو 450 ألف دينار (نحو 400 دولار)، “ما شكل عبئاً كبيراً على زوجي الذي يعمل بأجر يومي كمحاسب لدى أحد تجار الجملة”. تضيف: “تولى زوجي وأهلي رعايتي، وكنت محظوظة لأنه ليس لدى بعض المرضى من يهتم بهم، ما يؤثّر في نفسية المريض بشكل كبير. وبعد مضي أكثر من عام على شفائي من المرض، أخبرني الطبيب بإصابتي مجدداً بسرطان الرحم، والذي تمكن السيطرة عليه من خلال إجراء عملية جراحية لاستئصال الرحم. كان الخبر صاعقاً، وصرت أفكر في مصير أولادي الثلاثة. لكن من أجلهم تحملت المرض وكلفة علاجه التي تزداد صعوية يوماً بعد يوم. وبالفعل، أجريت عملية استئصال الرحم، وبدأت مرة أخرى علاجاً كيميائياً لمنع انتشار المرض في أماكن أخرى”.

وكانت وزارة الصحة قد أعلنت في وقت سابق أن نسبة المصابين بمرض السرطان تبلغ سنوياً 25 ألفاً، كما أن نسبة سرطان الثدي تشكل 22 في المائة من نسبة المصابين بالمرض. وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السرطان، إلّا أن المتحدّث باسم وزارة الصحة سيف البدر، يقول إن معدّل الإصابة بأمراض السرطان في العراق هو ضمن المعدّلات الطبيعية العالمية، ولم يسجّل أي ارتفاع. كما تشير الإحصائيات إلى أن العراق يسجّل 20 ألف إصابة بالسرطان، وهو ضمن المعدلات الطبيعية المسجلة في المنطقة المحيطة بالعراق بالنسبة إلى عدد السكان، وحتى بعض الدول الأوروبية. ويعدّ سرطان الثدي أحد أكثر السرطانات انتشاراً. ويشير إلى أن وزارة الصحة تعمل على توفير العلاجات الكيميائية لمرضى السرطان، وقد خصصت الوزارة المال لتأمينها. لكنّ الأمر يحتاج إلى وقت لإبرام عقود مع شركات، لافتاً إلى أن كل ما يتعلق بعلاجات الأمراض السرطانية يتطلب وقتاً للاستيراد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here