الانسان وفضائل الاخلاق !

* د. رضا العطار

صحيح ان معظم السلطات الاخلاقية قد لقيت في الايام الاخيرة الكثير من اسباب الضعف والانحلال، فاصبح الناس يميلون الى اعتبار (الاخلاق) مجرد مجموعة من (المواصفات)النسبية المتغيرة. ولكن هذه (الظاهرة الحضارية) التي عملت على انتشار الرأي القائل بالنسبية لا تمنعنا من التميز بين مبادئ الاخلاق وقواعد السلوك.

والواقع ان ميل الكثيرين قد افضى بهم الى القول بانه ليس ثمة معايير على الاطلاق وانه ليس هناك بالتالي (خير في ذاته) او (شر في ذاته) ثم جاء عجز البعض عن التمييز بين المبادئ الثابتة والتعبيرات المتغيرة عن تلك المبادئ، فدفع بهم الى العمل على اجتناب مشقة التفكير في الامور لحسابهم الخاص. ومن ثم فقد أدى بهم الى خلع قيمة مطلقة على بعض العادات الجمعية او الاساليب العامة في التصرف دون ان يفطنوا الى ان امثال هذه العادات والانماط من السلوك لا تملك سوى شرعية نسبية.

ولكن فلاسفة الاخلاق لم يلبثوا ان ادركوا خطورة هذا المسلك، فراحوا يدعون المربين والمصلحين الى مساعدة النشئ على ادراك المبادئ التي تكمن من وراء قواعد السلوك حتى يفطن ابناء الجيل الحاضر الى وجود (قوانين الاخلاقية مطلقة) تكمن من وراء شتى المواضعات الاجتماعية المتغيرة. ولعل هذا ما عناه احد فلاسفة الاخلاق حينما يقول : (انه لا بد للقائمين على شؤن التربية من الاخذ بيد النشئ من اجل مساعدتهم على التمييز بين السلوك التي يمكن – بل يجب – ان تتغير بتغير الظروف (وهي تلك القواعد التي نقول عنها انها نسبية) وبين تلك المبادئ التي – ان صدقت – لا بد من ان تتماشى في كل زمان ومكان.

· مقتبس من كتاب فلسفة الحياة د. زكريا ابراهيم – جامعة القاهرة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here