وجها لوجه ..أمام قاتل أبيه..!

يوسف رشيد الزهيري

يدان ترتجفان ،شفتان مطبقتان ،عينان شاخصتان ،تبادل نظرات عميقة وهواجس غريبة نظرة قاتل يختبئ خلف تيجان الملوك ونظرة ابنا لأب مقتول لم يقم الجنازة ، ولم يواري جثمان أبيه بالتراب،نظرات غامضة فيها عشرات علامات التساؤل والتعجب !؟

وعشرات من حروف الكلمات المتلعثمة التي تحاول تجميع صيغة السؤال هل أنت قاتل أبي؟ ثأر يسري في العروق والشرايين لكنه سرعان ما يتلاشى أمام نظرة الحارس الشخصي القاسية وحركاته المتأهبة على كلتا يديه التي تقبض على زر السلاح . فتتملكه هواجس الصمت الدفين والخوف من ذات المصير المغلف بالاسى والحزن المرير.

فيدور في مخيلته الحزينة شريط اخبار الوكالات العالمية في وهلة من الزمن المشحون بالذكريات الاليمة التي يستعيد صورها وتقاريرها ومشاهد محاكاتها لجريمة تقطيع جسد الى اشلاء وتعبئتها في حقائب السفر المجهول . مشهد مثير من الشفقة والحزن حيث يقتاد الابن قسرا الى قصر قاتل أبيه ليقوم بتعزيته ويتلوا على اوصال جثة مفقودة صلاة جنازة الغائب!

لا اعرف بالضبط من هذه المناورة الوقحة والساذجة ماذا تعني في سياسة التخبط والذعرالسعودي في محاولات بائسة وفاشلة للخروج من عنق الزجاجة ومن محاصرة الرأي العام العالمي لجريمتها النكراء التي طالت الصحافي المعارض جمال خاشقجي وتقطيع اوصاله في قنصلية بلاده من قبل فريق اغتيال كبير من شتى الاختصاصات الأمنية والاستخبارية السعودية حيث لاتزال الروايات المتضاربة والمعلومات المضللة التي تحاول تفسيرها السياسة السعودية تجاه جريمة العصر المروعة والمرعبة من دون جدوى .

فالسعودية ضليعة بدور جنائي مباشر وهي متهمة اليوم بجريمة انسانية تضاف الى تاريخ جرائمها الدموي في تمويل شبكات الإرهاب والتطرف العالمي كما ان التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية متهم ايضا بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، من بينها جرائم حرب، في اليمن.

وان التحالف العسكري بزعامة منشار العصر واصل طوال العام الماضي قصف المناطق التي تسيطر عليها قوات الحوثيين وحلفاؤهم أو التي تتنازع السيطرة عليها، وهو ما أدى إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى المدنيين، وكانت بعض الهجمات عشوائية، أو غير متناسبة، أو موجهة مباشرة ضد المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك المدارس، والمستشفيات، والأسواق، والمساجد.

وكانت بعض هجمات التحالف تبلغ حد جرائم الحرب، واستخدم التحالف ذخائر وردتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من بينها قنابل عنقودية محرمة دوليا تتسم بطبيعتها بالعشوائية، وتمثل خطرا مستمرا على المدنيين ،وكانت القرارات السابقة التي اصدرتها المراسيم الملكية بتوقيف الأمراء والمسؤولين السعوديين البارزين، باسم لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، ويبدو عدد الموقوفين بأمر تلك اللجنة، في تزايد مستمر منذ ذلك الوقت، في حين لا يستبعد مراقبون للشأن السعودي، أن تنضم أسماء أخرى للقائمة حسب مايراه منشار العصر

وان المسار السياسي للمملكة العربية السعودية حاليا، أن كل ما يتخذ من قرارات حاليا، لا يستهدف سوى التخلص من أي تهديد محتمل من قبل أطراف سياسية، ربما تعارض تولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السلطة، والذي يقول كثيرون إنه بات قاب قوسين أو أدنى، وأن الخطوة الأخيرة بتوقيف هذا العدد الكبير من الأمراء والمسؤولين النافذين في البلاد، لا يمثل إلا مرحلة من مراحل إخلاء الساحة لولي العهد السعودي، لتولي سدة الحكم في البلاد، ولكي يصبح الملك القادم للسعودية دون منازع

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here