دولة الرئيس أول القصيدة كفر!؟

علاء كرم الله
بعد التي واللتيا كما يقال وبعد مخاض عسير وصراعات ونفاق سياسي وأنتخابات برلمانية جرت في 12/5/2018 أثارت جدلا ولغطا كبيرا على كافة المستويات السياسية المحلية والأقليمية والدولية حتى عدت من أسوء الأنتخابات التي تجري في النظم الديمقراطية في العالم، لما شابها من تزوير كبير وواضح وكان أحد مشاهده حرق صناديق الأقتراع وتقييد الحادثة ضد مجهول!؟ ثم العودة الى العد والفرز اليدوي، أضافة الى التدخلات الأقليمية والدولية للتأثيرعلى نتائج الأنتخابات، الى نهاية المسرحية المعروفة والممجوجة التي ضحك وسخر منها حتى الطفل والمجنون!. فمن الطبيعي بعد كل هذا وبعد هكذا أنتخابات وبكل ما شابها من فساد وتزوير وترتيبات وصفقات مالية ستفرز حكومة تحمل كل صور التشوه والضعف، وهكذا كان تماما ومتوقعا!، فقد بدأ وللأسف رئيس الحكومة (المهدي) مشواره السياسي مع الشعب والشارع العراقي بكذبة بائسة ومفضوحة!،حيث أن كابينته الوزارية غير المكتملة والمؤلفة من (14) وزيرا التي قدمها للبرلمان وتم التصويت عليها يوم 24/10/2018 على أمل أن تكتمل الوزارت (8) الباقية فيما بعد، لم يكن بين (14) وزير أحد من خارج منظومة الأحزاب السياسية للسلطة والمتنفذة بأمور البلاد والتي جرت العادة عليها في كل الأنتخابات البرلمانية السابقة!، حيث لم نقرأ أسم وزير جاء عبر التقديم الألكتروني الذي وعدنا به رئيس الحكومة (المهدي) والذي أبتدع هذه الفكرة الجهنمية!، والتي أثارت أستغراب العالم أجمع وليس العراقيين فحسب، حيث لم يسبقه اليها أحد من قبل!، حيث وصل عدد المتقدمين فيها الى أكثر من 60 ألف شخص!!، ولا ندري لماذا شغل الرأي العام بهذه البدعة ولماذا لم يأخذ بها؟ فقط كانت (لغوة وهوسة ودوخة راس،كما لايخلوا أنشاء موقع ومتابعة موظفين من صرف أموال، كلها ذهبت بلا أية نتيجة!)، حتى علق الشارع العراقي عليها قائلا (صدكتوا أنتوا أكو وزير يجي من خارج الوسط السياسي وأحزاب السلطة ، عمي دكتور عادل نصب عليكم!!). نعود الى كابينة (المهدي) الوزارية، التي أثارت لغطا كبيرا داخل قبة البرلمان قبل التصويت عليها!، لكون الأسماء التي تم التصويت عليها خضعت لتوصيات سياسية من هذا الحزب أو ذاك، وقسم منها عليها مؤشرات فساد سابقة ومطلوبة لأجراءات المسائلة والعدالة!، وهذا ما صرح به الكثير من النواب والسياسيين عبر اللقاءات الأعلامية والفضائيات ومنها برنامج (بالحرف الواحد) الذي يقدمه الأعلامي (أحمد ملا طلال) عبر فضائية الشرقية.أضافة الى ما سبق وتلك الطامة الكبرى هو أن كل التخصصات العلمية والأكاديمية للوزراء كانت بعيدة عن عمل الوزارات التي أستوزروها ولا تمت لها بصلة!، أستثناء من وزارة النفط والصحة، فمثلا (وزير المالية تخصصه أدب أنكليزي، وزير التخطيط مهندس ميكانيك، وزير التجارة مهندس مدني، وزير الخارجية تخصص أحصاء، وزير الكهرباء علوم سياسية، وزير الرياضة والشباب تخصص فيزياء)!!، كما أن غالبية الوزراء الذين أستوزروا سبق لهم وأن عملوا وشغلوا مناصب أدارية وغيرأدارية مختلفة وخاضوا التجربة السياسية مع الحكومات السابقة عبر أشتراكهم في اللجان والمؤتمرات الوزارية والسياسية!، عكس ما أتفق عليه بين الأحزاب السياسية وما أشارت وأكدت عليه مرجعية النجف ( بأن المجرب لا يجرب)، بما فيهم رئيس الحكومة نفسه (الدكتور عادل عبد المهدي) الذي سبق وأن جرب في ثلاث مناصي سيادية سابقة!.لقد شعر غالبية العراقيين بالأحباط الكبير وخاصة الطبقة الثقافية والمتعلمة بعد أعلان الكابينة الوزارية المهدوية!،بعد أن تبين بوضوح بأنه لم يتم أستيزار أي وزير عبر الموقع الأكتروني الذي أبتدعه (المهدي)!، الذي صرح وأكد في أكثر من مناسبة بأن كابينته الوزارية ستكون من (التكنوقراط المستقلين) غير المنتمين للأحزاب السياسية، وهذه هي كذبة معيبة من قبل رئيس الحكومة بحق الشعب العراقي!. أن غالبية الوزراء الذين تم أستيزارهم جاءوا من رحم الأحزاب السياسية الملوثة بالفساد والتي لم تحظى برضا وأحترام وثقة الشعب بها منذ بداية العملية السياسية ولحد الآن. لقد أستطاعت الأحزاب السياسية أن تفرض ما تريد على رئيس الحكومة الذي يبدوا أنه سيكون أكثر ضعفا من سلفه (العبادي)!، كما أن الدولة العميقة!؟ فرضت ما تريد عكس ما صرح به رئيس الحكومة بأنه سيتخلص من أرادة الدولة العميقة!،فالمشهد الوزاري لم يخرج من رحم المحاصصة السياسية والطائفية والقومية! التي أقرتها الأحزاب السياسية والتي باركتها أيران وأمريكا منذ بداية العملية السياسية في العراق من بعد سقوط النظام السابق وأحتلال امريكا للعراق ولحد الآن!!، المحاصصة المفروضة رغم أنف الشعب العراقي المسلوب الأرادة. وبودي هنا أن أشير بأني لم أكن متفائلا بشخص الدكتور (المهدي) أصلا! عندما تم تكليفه لرئاسة الحكومة، وقد وضحت ذلك في مقالي المنشور في صحيفة صوت العراق بتاريخ 14/10/2018 بعنوان( السيد عادل عبد المهدي وتحدي الوجوه القديمة)، وأن عدم التفاؤل ليس بسبب التاريخ السياسي لرئيس الحكومة (المهدي) المتقلب والمثير للجدل فحسب، بل لكونه هو أصلا جزء من منظومة الأحزاب السياسية التي قادت البلاد بعد الأحتلال الأمريكي للعراق وسقوط النظام السابق عام 2003 والتي أورثت كل هذا الخراب والدمار للعراق. السؤال هنا: هل تستطيع هكذا وزارة وبهكذا وزراء ترأسوا وزارات بعيدة عن أختصاصاتهم العلمية والأكاديمية! بمعنى (وضع الشخص غير المناسب بالمكان غير المناسب)!، يمكنهم التصدي لمشاكل العراق التي لا حصر لها وفي مقدمتها الفساد!؟، لا سيما وأن العراق مقبل على أحداث سياسية أقليمية صعبة ومعقدة سيتأثر بها حتما شاء أم أبى!؟، والمتمثلة بالعقوبات التي ستفرضها أمريكا على أيران في شهرتشرين الثاني / نوفمبرالقادم ، والتي يراها البعض بأنها ستكون أشبه (بتسونامي) سيضرب أيران تحديدا والمنطقة والعالم عموما!. أن تأثر العراق بالعقوبات الأمريكية على أيران هو لكونه سيكون في وسط عاصفة (التسونامي) حيث يقف مسلوب الأرادة! بين صديقين له!! ولكنهم متخاصمين على أرضه!؟، وفي حقيقة الأمر أن ( العراق لم يناله شيء من الخير والأستقرار السياسي والأمني والأقتصادي سواء تصالحت أمريكا مع أيران أم تخاصمت، فهو في كلا الحالتين متضرر سياسيا وأقتصاديا وأمنيا وتلك كارثتنا منذ عام 2003 ولحد الان)!. أن صورة المشهد العراقي السياسي الداخلي على هذا النحو وعلى ضوء المتقلبات المحتملة على المستوى الأقليمي، لا تنبأ بأن القادم سيكون خيرا على العراق!. أخيرا نقول: ما دامت البداية السياسية لرئيس الحكومة وكابينته الوزارية بهذه الطريقة وهذه الصورة التي أثارت لغطا وجدلا كبيرا وأنتقادات كثيرة لكونها لم تكن بمستوى الطموح والأمل فعلينا ان نتوقع أن تكون السنوات الأربع القادمة من حكم (المهدي) سنوات عجاف!. ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here