ومضات خاطفة : فضيحة بيع و شراء على هامش الانتخابات العراقية الأخيرة

بقلم مهدي قاسم

يبدو أن الانطباع السلبي الشارع العراقي عن الانتخابات العراقية السابقة و الأخيرة لا زال قائما ، و كأنه أضحى ــ أي عملية بيع و شراء ذمم ومقاعد و مناصب ــ أمرا مسلّما به كواقع موجود لا مهرب من الإقرار به و الاستسلام له ، و تاليا أنها لا تستحق مزيدا من الاهتمام والاكتراث و حرق الأعصاب وصداع الرأس !، و ذلك انطلاقا من اعتقاد بات راسخا في أذهان غالبية العراقيين و مفاده : أن عمليات التزوير و الغش و شراء ذمم ومقاعد ومناصب قد صاحبت و رافقت كل الانتخابات العراقية ومن ضمنها الانتخابات الأخيرة أيضا ، وأنها ستبقى هكذا طالما أن الطغمة السياسية الفاسدة التي أتت بها عملية الاحتلال هي المهيمنة و صاحبة القرار السياسي في تنظيم وترتيب هذه الانتخابات ..

على الأقل هذا ما لحظته في أعقاب انفجار الفضيحة المدوية التي فجرتها المحادثة التلفونية التي جرت بين كل من النائبة السابقة في الحزب الإسلامي ــ الأخوانجي ــ العراقي و مستشارة رئيس مجلس النواب السابق سليم الجبوري شذى العبوسي و بين الأمين العام لتجمع العزة الوطني وضاح الصديد لغرض التحايل و الغش للحصول على مقعد نيابي لهذا الأخير مقابل مبالغ كبيرة من المال ، إذ أن رد فعل الشارع العراقي ــ سيما منه الإعلامي ــ قد اتسم بلا مبالاة إلى حد كبير، أو بالأحرى لم يكن بالمستوى المطلوب بالمقارنة مع حجم فضيحة الغش والاحتيال المدوية تلك ، بالرغم من وجود أدلة شبه أكيدة تسند على الصوت المسجّل الذي بإمكان خبراء الهندسة الصوتية التأكد من صحته بوسائل تقنية متقدمة ، إذا ما كلفتهم الجهات الجنائية بذلك ، طبعا بعد تحريك قضية جنائية و قيام بعمليات إجراء استجواب جنائي للحصول على مزيد من أدلة وبراهين من خلال اعترافات وإحراز وسائل جنائية أخرى بهدف رفع لائحة اتهام بذلك إلى الجهة القضائية ذات الاختصاص و الصلاحية بالأمر..

بينما يجب على الشارع العراقي الاهتمام الجدي بهذه المسألة الخطيرة ، ليس فقط لكونها فضيحة من طراز ثقيل و تستند على أدلة و براهين التي بموجبها يمكن معاقبة المتهمين المفترضين بالجناية ، إنما قد يُزاح الستار عن عمليات تزوير و غش أخرى في انتخابات سابقة أيضا ..

نقول و نشدد على كل هذا ، لأننا نعتقد بأن أحد أسباب مصائب العراق وكوارثه المدمرة لحياة البلاد والعباد قد تجسدت بنتائج الانتخابات التي جرت منذ البداية و حتى والأن ، سيما على ضوء نتائجها المتسمة بالفوز الزائف و الكاذب في أغلب الأحوال ، وحيث كرست نتائج هذه الانتخابات المتتالية الطغمة السياسية المتنفذة والفاسدة في مواقع السلطة والنفوذ السياسي و المال العام / تلك الطغمة السياسية الفاسدة والمتميزة أصلا و على طول الخط : فشلا في الإدارة و إهمالا في التعمير و عجزا في تقديم الخدمات و نهبا منظما للمال العام ..

و يبقى أن نقول أن الأمر الوحيد الذي لم أفهمه حتى الآن هو :

ــ عندما تنفجر فضيحة سياسية ما و التي تتعلق بساسة ينتمون لأحزاب ” شيعية ” فتقوم القيامة ولا تقعد لأيام طويلة حيث تشتعل الصفحات و المواقع ولكن عندما يتعلق الأمر بفساد ساسة ينتمون لأحزاب ” سنية ” فلا نلاحظ تلك الضجة المطلوبة باستثناء بعض إشارات يتيمة و خجولة فحسب .

و كذلك الأمر بالنسبة للأحزاب الكوردية أيضا من ناحية فساد و حيث الصمت واللامبالاة أيضا ..

فيا ترى لماذا بعض منا شديد عقاب مع ساسة إذا كانوا شيعة و غفور رحيم مع ساسة سنة أو كورد ؟؟

سأكون شاكرا لمن يقوم بتوضيح أو بفك هذا اللغز الملغز بالنسبة لي ؟ !! ..

هامش ذات صلة :

تسجيل مسرب يكشف محاولة شراء مقعد نيابي بوساطة بريطانية

كشف تسجيل صوتي ينسب للأمين العام لتجمع العزة الوطني وضاح الصديد، مع النائبة السابقة شذى العبوسي، عن لجوء الصديد إلى شركة بريطانية بوساطة العبوسي ليضمن فوزه بمقعد نيابي، في الانتخابات البرلمانية التي جرت في ايار الماضي.

ويظهر التسجيل، قيام العبوسي بتقديم نفسها على أنها وسيطة مع شركة بريطانية يمكنها توفير 5 آلاف صوت انتخابي مقابل مبلغ مالي يتجاوز الـ 350 ألف دولار. فيما أكد الصديد استعداده لدفع المبلغ، إذا ضمنت العبوسي فوزه بمقعد نيابي، ورفع فيتو أبومهدي المهندس عليه.

وأكدت العبوسي، خلال التسجيل، عن صلتها الوثيقة بشركة “كامبريدج اناليتكا”، التي قالت إنها “اسهمت في فوز خمسة نواب في البرلمان الحالي”.

وحاول الصديد، أن يضمن فوزه بالمقعد، عند دفع المبلغ اللازم، لكن العبوسي قالت له “إن الشركة فعلت ما عليها”.

من جانبها نفت مفوضية الانتخابات اليوم الجمعة، إبرام أي تعاقد مع شركة “كامبريدج اناليتكا”، التي ورد اسمها في التسجيل.

الجدير بالذكر ان شركة “كامبريدج اناليتكا”، التي ورد اسمها في التسجيل في سياق الحديث عن التلاعب بنتائج الانتخابات، هي شركة خاصة تعمل على استخراج البينات وتحليلها ثم الوصول لاستنتاجات عند العمليات الانتخابية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here