المواقع الممولة وسلوك الإستعباد!!

الزمن المعاصر يمثل ثورة معلوماتية وتواصلية غير مسبوقة , وأضحت شبكات الإنترنيت تطغى على التفاعلات اليومية بين البشر , وصار النشر سهلا وسريعا , وإنتشرت المواقع بمسمياتها وتوجهاتها وأجنداتها , وما تدعيه وتصرح به.
لكن لمعظمها مَن يموله ويجنده لخدمة مصالحه وبرامجه , حتى تحولت بعضها إلى واجهات تسويق وتسويغ لطروحات منافية للقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية , ومَن يتابع العديد منها يجدها ذات إنتقائية واضحة فيما تنشره على صفحاتها.
فالبعض منها يؤكد على أنه ثقافي بحت , ومنبر للحرية والتعبير عن الرأي بموضوعية وحيادية , لكنك ما أن تجس نبضه بمقالة حتى تتكشف لك أوراقه وتعرف أنه لا يمكنه إلا أن يدين بدين مموله , وأن حياة موقعه مرتبطة بذلك الممول الذي لا يجوز لك أن تمسه بكلمة أو تشير إليه رمزا.
وتتعجب من هذه المواقف والسلوكيات وتتساءل: هل أصحاب المواقع الممولة يساهمون في صناعة المأساة القائمة؟!
هل أن المثقفين الذين جذبتهم قد جندتهم لصناعة التداعيات الحامية؟
ولماذا لا ينطقون بلسان الحق وكيف لهم التبرير والتسويغ والتجهيل والتضليل؟
يبدو من المتابعة المتواصلة أن الأقلام تساهم مباشرة أو غير مباشرة , عن قصد أو غيره بتفاقم الحالة القائمة , وتشارك في تدمير السلوك الديمقراطي والمحاباة والموالاة , والعمل الجاد على تضليل الناس وأخذهم إلى سوء الخيار والتقدير , بما يقدمونه من معلومات كاذبة وخداعات متكررة تجعلهم يصدقون بها , بل والبعض منها تنشر كلاما مشحونا بالعواطف والإنفعالات السلبية وبأساليب عدوانية وفئوية وطائفية مقيتة , وتدعي بأنها تمثل ما تمثله من قيم ثقافية وأخلاق سامية وتطلعات فكرية وأخوية راقية وضرورية لصناعة الحياة الزاهرة , لكن ما يسود على صفحاتها يتقاطع مع إدّعاءاتها , وبهذا فهي تساهم بالتشويش وخلط الوقائع والحقائق والإفتراءات , وتدفع بالقارئ إلى منحدرات إنزلاقية مشينة وذات خسائر وطنية وإنسانية وفكرية فادحة.
فلماذا يتم تسويق الكتابات الممولة , والإشادة بالمواقع الممولة , وعدم الإكتراث للمواقع الأصيلة التي تلتزم الحقيقة وتدافع عن الروح الوطنية والعزة والكرامة العربية؟!!
فهل أن أمثال هذه المواقع صارت منابر شقاق ونفاق وعدوان على حقوق الإنسان؟!!
وكأنها ينطبق عليها ” مصائب قوم عن قومٍ فوائدُ”!!
وتلك منبع العاهات النفسية والفكرية والسلوكية في مجتمع أضاع مصيره!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here