وقفة صراحة : حكومات متمدنة تدعم الكتاب أما حكومة حمير فتعرقل تداوله :

بقلم مهدي قاسم

تبذل دول و حكومات متمدنة و صديقة للمواطن جهدها الكبير ضمن مسعى جدي و مستمر على صعيد نشر الثقافة و دعم الكتاب بمختلف أنواعه ، وتقوم بعملية تسهيل ظروف وصوله إلى أوسع فئات و شرائح المجتمع الظامئة للثقافة وكسب المعارف ، و ذلك من خلال تخفيض الضرائب على الكتب نشرا و ، طباعة ، و بيعا ، و ترويجا ، بل و تقديم تسهيلات ومحفزات عديدة أخرى لمواصلة عمليات نشر وتدفق الثقافة التنويرية لعامة الناس ، بغية نشر الوعي الاجتماعي الحضاري والجمالي ذات ملامح إنسانية ، والتي بدون هذه الثقافة التنويرية لا يمكن انتظار حدوث أية نهضة اجتماعية بنّاءة أو نقلة حضارية كبرى التي تأخذ بيد هذا المجتمع أو ذاك نحو فضاءات ومستقبل التنمية البشرية و الاقتصادية والروحية و ضمان وترسيخ قيم الحرية و حقوق الإنسان و رفاهيته و حياته الكريمة و صون كرامته الآدمية ا ..

لذا فنجد تلك الحكومات و الدول العريقة و الحريصة على نشر مختلف أنواع الثقافة التنويرية والفنون الجميلة بين مجتمعاتها تنفق مليارات دولارات من أجل تسهيل عمليات وصول الكتاب إلى أوسع قطاعات المجتمع لاعتقادها بمدى أهمية الكتاب و ضرورته القصوى في حياة الفرد و المجتمع في آن ..

فإلى جانب ذلك توجد مكتبات ضخمة ــ و بعضها عبارة عن قصور جميلة من حيث طابع البناء الهندسي القديم و الجميل ــ تحتوى على مئات الآف ــ أن لم تكن على ملايين ــ من كتب مختلفة في شتى مجالات الثقافة و الفنون والعلوم والمعارف ، حيث بإمكان مَن لا يسمح له دخله الشهري شراء كتاب ما ، فبإمكانه الذهاب إلى هنالك و استعارة أي كتاب يعجبه بهدف القراءة و المطالعة ، طبعا ، تحت أجواء مريحة وهادئة و مشجعة على القراءة و المطالعة ، بل و حتى أخذ الكتاب إلى البيت ومن ثم إعادته إلى نفس المكتبة كشرط وحيد للاستعارة ..

أما في العراق فيحدث ما هو عكس من ذلك تماما أي :

ـــ تُتخذ بين وقت و آخر مجموعة إجراءات و أنواع أخرى من ممارسات و سلوكيات ممنهجة تهدف عمدا ليس إلى عرقلة عملية وصول الكتاب إلى القارئ العراقي فقط ، إنما تسعى و بكل بريرية تليق بجاهليين جدد من معممين دجالين و أصحاب لحى رثة إلى تطويق الثقافة والفنون بتلك الإجراءات و الممارسات الضاغطة ، بل و خنقها في مهدها بكل قسوة حاقدة ومتحاملة على الثقافة والفنون و الكتّاب التنويريين و الفنانين المميزين .

فهؤلاء الجاهليون الجدد من أصحاب الكهف الحاليين يرتعبون من كل ما اسمه الثقافة والفن كما ترتعب الجراثيم من المطهرات و المعقّمات !..

و أبسط دليل على ما نقول هو الخبر التالي الذي يتضمن إجراء ضريبيا مفاجئا و جائرا جديدا على الكتاب حتى تفاجئ أصحاب المكتبات بالدرجة الأولى و أصبحوا على حيرة من أمرهم وعلى نحو :

(ضريبة جديدة تثير سخط العراقيين واتهامات بفرض “مخطط خبيث”

يواصل أصحاب مكتبات ودور نشر في العراق مطالبة السلطات العراقية منذ نحو أسبوع، بالسماح لكتبهم التي استوردوها من الخارج أن تصل إلى مكتباتهم في عموم مدن البلاد.

وأشاروا إلى أن المسؤولين في المنافذ الحدودية العراقية مع الكويت، أوقفوا ما يقارب 13 حاوية تحمل كتباً ثقافية وعلمية، بعد الإعلان عن فرض ضريبة جديدة فاجأت أصحاب الدور والمثقفين، الذين عبروا عن امتعاضهم بشأن القوانين غير المعلن عنها مسبقاً.

وترى السلطات المعنية بالتعرفة الكمركية على السلع والكتب في جنوب العراق أن القانون وصل متأخراً من دوائر “ضريبية” في العاصمة بغداد.

في المقابل أعلن عدد من أصحاب المكتبات ودور النشر عزمهم على الاحتجاج والمطالبة بالكشف عن الجهة التي أقرّت القانون، وللسماح لكتبهم بالعبور إلى الأراضي العراقية ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق ) ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here