الفاعل المعلوم والمتهم المجهول

لا يمر علينا يوم أو شهر لنشهد حدث مؤلم أصعب من سابقه ، والكل يحمل الآخر سبب حدوث الكارثة ، ويتهمهم بالتقصير ، والبعض يبرر ، لكن في حقيقية الأمر الفاعل معلوم .
حديث اغلب الشارع اليوم حول قضية نفوق الأسماك ، ولعل الأسباب كثيرة ، وبحسب بيان وزارة الزراعة من أهم الأسباب هو انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وقلة الإيرادات المائية من تركيا، وبالتالي ركود وتوقف جريان المياه في بعض مناطق تربية الأسماك بالأقفاص العائمة، إضافة إلى ما يلقى في نهري دجلة والفرات من ملوثات صناعية ومنزلية بدون عمليات معالجة وتدوير للمياه هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، عدم الالتزام بالضوابط والمحددات البيئية من خلال وجود أعداد كبيرة من المتجاوزين من مربي الأسماك بالأقفاص العائمة” .
لماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد ؟، ومن المسؤول عن تفاقم المشكلة ، والاهم من هم المتجاوزين( بيت القصيد ) لماذا لا يتم محاسبتهم ؟ .
المتهم الأولى والأخيرة في القضية الجهات الرسمية ، فحسب البيان الرسمي أن الجهات كانت على علم بحدوث هذه الكارثة ، لكن بسبب أجراءتها الروتينية ، وبقاء الأمور بين كتابنا وكتابكم ورفع التوصيات لحين حدوث الكارثة ( تحاط الفأس برأس ) كما جرت العادة في اغلب مشاكلنا تتحرك الجهات ذات العلاقة ،لكنها لن تستطيع حل جذور الأزمة .
فإذا كانت الحجة المياه فعلا البلد يمر في أزمة مياه منذ سنوات طويلة ، و قد تكون حلول الحكومة في معالجة المشكلة حلول ليست بمستوى حجم المشكلة ، والتوقعات تشير إلى تفاقم القضية أذا ما رحمت السماء برحمته ، وقيام تركيا بزيادة حجم الطلاقات المائية في المستقبل العاجل .
أما ما يرمي في الأنهار من مياه المجاري وغيرها هي حقيقية مؤلمة تتحملها الجهات الرسمية وغير الرسمية ، وليست وليدة اليوم ، بل هي ازمة منذ سنوات طويلة وبدون حلول رغم تخصيص الأموال في أوقات السابقة ، لكن بسبب سوء التخطيط وآفة الفساد .
أما المشكلة الأخرى هي قضية المتجاوزين ( المتهم المجهول ) الذي لا يتم محاسبتهم ولا كشفهم للرأي العام بحجة تقف ورائهم جهات متنفذه يصعب مواجهتها ليبقى البلد وأهله يدفعون الثمن الباهظ جدا .
الفاعل معلوم ومعروف منا ، لكن المتهم المجهول لن يبقى مدى الدهر مجهول .

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here