عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (١٨)

نـــــــــــزار حيدر
عرِفنا معنى القَتل بالأَيدي، فكيفَ يَكُونُ القتلُ بالأَلسُنِ؟! كما وردَ في زيارةِ المعصُوم (ع) لأَبي الفضل العبَّاس بن علي عليهِمُ السَّلام {لَعَنَ اللهُ اُمَّةً قَتَلَتْكُمْ بِالاَيْدي وَ الاَلْسُنِ}؟!.
هُوَ القتلُ بالجهلِ والتجهيل والتَّضليل ونشرِ الأَكاذيب والدَّعايات المُغرضة، وبالتَّقسيط والبُهتانِ والإِغتيال السِّياسي [إِغتيال الشَّخصيَّة]!.
هو القتلُ بالتَّحريضِ والدَّفعِ نحو الظُّلم والتَّشجيع على الباطل والتَّجييش على الحقِّ!.
هو القتلُ بالتَّشكيكِ والإِستهزاءِ والإِستخفافِ والتَّقليلِ من الشَّأنِ، شخصاً كان أَو عملاً أَو إِنجازاً!.
هو القتلُ بالدَّجلِ عندما قَالَ قائدُ الجيشِ الأَموي في كربلاء صبيحةَ يَوْمِ العاشرِ من المُحرَّمِ [يا خيلَ الله اركبِي وبالجنَّةِ أَبشرِي]!.
هذا كلُّهُ ينطبقُ عليهِ المفهومِ القرآني {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ}.
والقتلُ بالأَلسُنِ كالقتلِ بالأَيدي يَكُونُ على يدِ وبفعلِ وتدبيرِ وتنفيذِ [جماعةٍ] عندما تتعاهد على الظُّلم والعُدوان كما نرى الْيَوْم ما تفعلهُ الجيوش الإِليكترونيَّة من تدميرٍ للبُنى المعرفيَّة والعقليَّة لمجتمعاتِنا والتي تُواصل اللَّيل بالنَّهار لنشرِ الأَكاذيب والأَضاليل! يُساعدهم في ذلك من حيثِ يشعرُون أَو لا يشعرون، [ضحاياهُم] من جيوش المُضلَّلين والمخدُوعين الذين يتناقلون أَكاذيبهُم كالببغاواتِ بِلا علمٍ ولا معرفةٍ ولا تثبُّتٍ ولا سُؤَالٍ ولا أَيِّ شَيْءٍ! فكلُّ ما يفعلونهُ عند إِعادة النَّشر هو إِضافة عِبارة [كما وصلني] ظنّاً منهُم أَنَّها تشفع لهُم فتسقط عنهمُ المسؤُوليَّة!.
وصدقَ العليُّ الأَعلى الذي يصِفُ حالهُم بقولهِ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.
وفِي أَغلبِ الأَحيان يأتي المنشورُ مذيَّلاً بالعبارةِ حتى لا يحمِّلُون أَنفسهم عناء إِضافتها أَو قد ينسَونها! فيقعُوا بالمحذورِ ورُبَّما بالحرامِ!.
إِنَّ القتلَ بالأَيدي مرَّةً واحدةًً عادةً أَمَّا القتلُ بالأَلسُن فمرَّاتٍ عديدةٍ! لأَنَّهُ يخلقُ فتنةً وقد وصفها القرآن الكريم بقولهِ {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}.
فالكلمةُ القاتلةُ يظلُّ أَثرها على مدى أَجيالٍ وقد يبقى على مرِّ القرُون!.
أُنظرُوا إِلى كلمةٍ قالها طاغوتٌ قبل عشراتِ القرُون أَو [إِجتهدَ] بها ودوَّنها أَحد فُقهاء السُّلطان قبل مِئات السِّنين كيفَ ظلَّ أَثرها قائماً وفاعلاً إِلى الْيَوْم تحرِّض على الإِرهابِ باسمِ الدِّين!.
أُنظرُوا إِلى حديثٍ مكذوبٍ على رَسُولِ الله (ص) قالهُ أَو دوَّنهُ أَحد فُقهاء البِلاط كيف أَنَّهُ يحرِّض إِلى الآن على الذَّبح وتقطيع أَوصال الضَّحايا وحرقِ جثثهِم وانتهاكِ الأَعراض وسبي الحرائرِ وتدميرِ التُّراث والتَّاريخ!.
إِنَّ أَثر القتل بالأَيدي يذهب رُبما في وقتهِ وفِي ساعتهِ وهو يُمكنُ معالجتهِ وتجاوزِ آثارهِ! أَمَّا القتلُ بالأَلسُنِ فلا ولن!.
لذلكَ يَجِبُ أَن نحذرَ دائماً خشيةَ أَن نكونَ ممَّن يقتل الحُسين السِّبط (ع) بالأَلسن فنراقبَ أَلسنتِنا من كلمةِ تشكيكٍ ونراقبَ أَناملَنا من ضغطةٍ على زرِّ الهاتف تُساهمُ في نشرِ كِذبةٍ أَو دَعايةٍ غير صحيحةٍ أَو معلومةٍ مكذوبةٍ تنتهك حُرمةَ إِنسانٍ!.
لنحذرَ النِّفاق الذي يتمثَّل في التَّناقض بين القلبِ واللِّسان {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} و {سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ}.
٣ تشرِينُ الثَّاني ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here