حقوق الإنسان بالدستور البحريني

بقلم الدكتورة / سعاد ياسين
نائب رئيس جمعية المحامين البحرينية
______________________________
احتلت قضية حقوق الإنسان أهمية عالمية وإقليمية ومحلية، سواء على صعيد الفكر والتنظير، أم على صعيد الفعل والممارسة؛ ولذلك فلا غرو أن تتصدر اهتمامات الباحثين والأكاديميين، والمنظمات الإقليمية الحكومية وغير الحكومية ونشطاء حقوق الإنسان، وكانت تلك القضية محلاً لاهتمام حكومة البحرين والحكومات العربية، سواء على المستوى الدستوري أم التشريعي وبما يتلاءم مع الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ولعل أهمها ويتقدمها – في العصر الحديث – الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948 والذي يعتبر وثيقة تاريخية هامة في تاريخ حقوق الإنسان و تستهدف كافة الشعوب والأمم ويحدد وللمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً، سواء كانت المدنية أم السياسية أم الاقتصادية أم الاجتماعية أم الثقافية فضلاً عن كون هذا الإعلان العالمي نقل حقوق الإنسان من مجرد كونها شعارات إلى كونها ذات قيمة قانونية والتزامات دولية في إطار القانون الدولي المعاصر تلتزم بها الدول. ولقد سبقت الشريعة الإسلامية الغراء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في رعاية الإنسان وحقوقه وصون حريته وكرامته في كل مناحي الحياة فتجسدت مقاصدها في حفظ النفس والعقل والعرض والدين والمال .
وقد اهتمت مملكة البحرين بملف حقوق الإنسان استناداً إلى المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد المفدي والتحول الديمقراطي في البلاد وما تضمنه من مواد في ميثاق العمل الوطني والدستور الصادر في عام 2002 واللذان يعدان المرجعية الأساسية التي يستند عليها الشعب في حقوقه وأيضاً إلى أن تكون البحرين نموذجاً رائداً على المستوى الحقوقي محلياً وإقليمياً ودولياً،
ولقد حرصت مملكة البحرين في دستورها وتشريعاتها على احترام مبادئ النظام الدولي وخصوصاً فيما يتعلق بالمبادئ المرتبطة بحقوق الإنسان فضمنها دستورها ، ومن ثم لا يجوز لأي قانون أن يخالف الدستور وما نص عليه وإلا عد غير دستوري وكان مآله الإلغاء.
وفي هذا الصدد فقد نظمالدستور البحرينيلعام 2002 العديد من المواد المتعلقة بالحقوق والحريات العامة للشعب في البابين الثاني والثالث من المادة 4 إلى المادة 31 من مواد الدستور مؤكداً على المبدأ الدستوري الخاص بشـرعية الجـرائم والعقوبـات ونص على ذلكتحديداً في المواد (م /20 أ) و مبدأ قرينة البراءة (م/20ج) و مبدأ شخصية العقوبة (م/20ب) و مبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية( م/20أ).
وقد أكد دستور المملكة على حفظ كرامة الإنسان وحظر بنص دستوري التعذيب المادي أو المعنوي أو المعاملة الحاطة من الكرامة ، بل أكثر من الحظر قرر المشرع الدستوري البحريني عقاباً لمن يقوم بهذا الفعل فضلاً عن انه قرر اهدار أية قيمة للاعتراف المتحصل عليه تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء ، وكذلك كفل الدستور حق التقاضي باعتباره من حقوق الإنسان في المادة (م/20و) و حق الدفاع بالاصالة أوبالاستعانة بمحام و امتد نطاق الحماية الدستورية لتشمل المقيد حريته فأكد في نص (م/19ج) من الدستور، على حق المحبوس والمسجون في بيئة مناسبة مشمولة بالرعاية الصحية والاجتماعية والخاضعة لرقابة السلطة القضائية، وكما ان هناك ثمة حقوق أخرى جاءت في الدستور البحريني في هذا الصدد لا يتسع المقام لسردها ولكن نخرج من هذا الاستعراض لبحث حقوق الإنسان في مملكة البحرين، أن المشرع الدستوري البحرينيحرص على حقوق الإنسان دون تمييز لأى سبب وان المواطنون متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات ، ونستشهد في هذا الشأنبالأمر الملكي رقم (28) لسنة 2011 بإنشاء اللجنة الملكية المستقلة للتحقيق في الأحداث المؤسفة التي وقعت في مملكة البحرين خلال شهري فبراير و مارس الماضيين، وقد حدد الأمر الملكي طبيعة القضية التي أنشأت اللجنة من أجلها وهي التحقيق في مجريات الأحداث التي وقعت، ووفرت لها الضمانات والاستقلالية في إداء عملها.و قبل تقريرها فور صدوره، واصدرت توجيهات من جلالة الملك، الى الجهات الحكومية بالتنفيذ الفوري لتوصيات التقرير الذي أصدرته اللجنة تعهداً واحتراماً لتجربتها في حقوق الإنسان. وهو ما أعقبه خطوات فورية أبرزها إجراء تعديلات تشريعية سريعة، وتشكيل اللجنة الوطنية المكلفة بمتابعة توصيات اللجنة الواردة في تقريرها.وختاماً فان حقوق الإنسان مصانة سواءفي مجال التعليم والهوية الثقافية و الأمن والسلام واللاعنف إلى بناء الأسرة وحق العمل واحترام الكرامة للجميع، فضلاً عن الحريات والحقوق السياسية والمدنية. وأصبحت في معانيها الأوسع والأشمل، فإنها تحقق جوهر وهدف التنمية، ألا وهو المواطن البحرينى وبما تضمن له الأمن والتمكين والاستدامة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here