الكورد و مئوية الحرب العالمية الاولى

عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي
[email protected]
11/11/2018

شهد الانسان في حياته منذ وجوده على البسيطة العديد من الحروب و الصراعات من اجل البقاء او التوسع و فرض السلطة و كُتب التاريخ مليئة بالاحداث بين النصر او الاندحار و اسماء الابطال و اصحاب المواقف باختصار الكل يبحث عن الذات المجهول ليثبت جدارته و قدرته .
اضرس تلك الحروب و اشدها فتكاً هي الحرب العالمية الاولى عام 1914 من القرن الماضي حيث بدأت من 29/يوليو/1914 و انتهت في 11/11/2018 حيث يحتفل العالم الغربي بالذكرى المئوية لانتهاءها فرحاً و استنكاراً لما سجله اجدادهم من بطولات وما ضحوا من اجله ،و من جانب اخر يجرون اذان الخيبة لما تركته هذه الحرب من اثار و دمار تعاني منها العالم و خاصة الاوربي حتى الان و لضراوتها سميت بالحرب العظمى او الحرب التي ستنهي كل الحرب حيث شارك فيها اكثر من (70) سبعين مليون عسكري منهم (60) مليون عسكري من اوروبا و استخدمت فيها انواع الاسلحة المدمرة ذهبت ضحيتها اكثر من (9) تسع ملايين عسكري و سبع ملايين مدني ناهيك عن الابادات الجماعية و التشرد و الاثار الاقتصادية الفاحشة و بعدها افرزت هذه الحرب العديد من التغيرات السياسية و الثورات و الانقلابات و المعاهدات و الاتفاقيات الدولية التي انتهت بتغيير الحدود السياسية بنهاية الدولة العثمانية و تقسيم تركة الرجل المريض بين المنتصرين و فرض نظام الانتداب و كان الشعب الكوردي ضحية هذا التقسيم البعيد عن القيم الانسانية و الديمقراطية المزعومة و حرمته من صفوفه المشروعة .
و لكن مربط الفرس هنا و ما نريد ان نقول هو ان اوربا و خاصة فرنسا باعتبارها احدى الدول المنتصرة في هذه الحرب باتت منشغلة باحياء هذه الذكرى لأكثر من اسبوع حيث نظمت العديد من الفعاليات و النشاطات و الزيارات الى المتاحف الخاصة بالحرب و مقابر الجنود الذين لقوا حتفهم فيها ، و ان هذه النشاطات تدل على مدى اهتمامها بالتاريخ و حفظ الادوات و الوثائق القديمة التي تجعل منها دولة عريقة و هذا جزء من عراقتها ، و كذلك نظمت فعالية كبيرة جمعت العديد من الرؤساء و الوزراء ليقول لهم (ها انا صنعت التاريخ و انا باقية …)
بشكل عام الدول و الاقوام تستفيد من الاحداث و الحروب التي تمر بها فتحتفظ بكل ما ترتبط بتلك الاحداث و الحروب بافضل شكل ليطلع الاجيال الحالية ما قدمه اباءهم و اجدادهم لهذه البلدان و الاقوام و نفتخر بذلك التاريخ لانهم هم من قاموا بها و هم يقومون بتوثيقها دون تزيف و تغير .
لكن الشعب الكوردي و نقولها بكل الاسف ان تاريخهم يسجلها الاخرين و كيفما يشاؤون بالتغيير و اخفاء الحقائق و لحد زمن قريب و ان كانت هناك افلام بدأت و لكنها متأخرة بعض الشيئ .
فاحداث الثورات الكوردية و ما تعرض له الشعب الكوردي برمته لم يتم تحليلها بالشكل المطلوب و من جانب اخر فانهم ايضاً لا يعيرون حفظ الاحداث الاهمية الكافية .
فمثلاً ثورات ايلول و كولان و الانتفاضة الشعبية لم تسجل احداثها إلا على المستوى الشخصي لا تخرج من اطار مذكرات إلا القليل .
و لكن الادهى و الامر فان اقليم كوردستان تعرض قبل اربع سنوات لأبشع هجوم من قبل الجماعة الارهابية داعش و قدمت قوات البيشمركه اروع الامثلة من التضحية و الفداء اذهلوا العالم و استطاعوا كسر اسطورتها و ايقاف تمددها و لكن لم توثق هذه الاحداث و ما مر به الاقليم بالشكل الجيد حيث لم تخرج ايضاً من اصدار كتب عن حياة عدد من البيشمركه الابطال تنضمن حياتهم و صورهم و لكنه لم تنشأ مقبرة خاصة بهؤلاء الشهداء او نصب تذكارى لهم في محل عام بحيث يكون رمزاً لبطولة هذا الشعب و تضحياته.
لذا فان حكومة الاقليم و كافة القوى السياسية مطالبة بجمع الارشيف الخاص بتلك الايام السوداء و توثيقها بالشكل اللائق و بناء نصب تذكاري لهم لكي نستطيع الافتخار بها و يفتخر بها الاجيال القادمة و نستذكرها بعد سنوات و إلا سيطويها النسيان مثل غيرها .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close