الداخلية بين الأعرجي الناجح والفياض الفاشل!

ساهر عريبي

[email protected]

أثار إصرار كتلة البناء التي يتزعمها هادي العامري زعيم منظمة بدر على ترشيح فالح الفياض وزيرا للداخلية, أثار استغراب مختلف القوى السياسية العراقية فضلا عن المراقبين السياسيين! ويعود هذا الإستغراب الى ان الفياض إداري فاشل بامتياز بالإضافة لكونه يتميز بخاصية تغيير بوصلته السياسية بحسب مصالحه الخاصة. وأما الأمر الأكثر إثارة للإستغراب فهو تخلي كتلة البناء عن إعادة ترشيح السيد قاسم الأعرجي للوزارة بالرغم من نجاحه في إدارتها وفي توطيد أركان الأمن في العراق طوال السنوات القليلة التي تولى فيها منصبه خلفا للوزير السابق محمد الغبان.

فالفياض وخلال إدارته لمستشارية الأمن الوطني فشل فشلا ذريعا في وقف العديد من المجازر التي وقعت في العراق ومنها مجزرة الكرادة التي ذهب ضحيتها أكثر من 500 مواطن , حيث تميزت السنوات الماضية بغياب دور جهاز الأمن الوطني الذي لم يكن بمستوى التحديات الأمنية التي يتعرض لها العراق , مما دعا ببعض نواب دولة القانون الى إصدار بيان تساءلوا فيه عن جدوى جهاز الأمن الوطني وأسباب هذا التراخي والضعف في عمله مع ان الدولة العراقية تنفق عليه من خزينتها مبالغ طائلة على أمل أن يقوم بواجبه في الكشف عن الخلايا الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار البلد ورصد التحركات والاتصالات المشبوهة وعمليات التخابر والتجسس وغيرها.

وأما السبب الرئيس الذي يقف وراء فشل الفياض في إدارة مستشارية الأمن الوطني فهي عقليته العشائرية المجانبة لمفهوم بناء الدولة الحضارية حيث زج بأبناء عشيرته في المستشارية دون مراعاة للكفاءة مما ادى الى تحويلها الى مضيف عشائري يعشعش فيه الفساد بعيدا عن تحقيق هدفها في محاربة الإرهاب وتوطيد الأمن. كما ان هناك العديد من التساؤلات حول مصدر الثراء الفاحش الذي يتمتع به الفياض وهو الذي خرج من المعتقل في زمن النظام السابق بعفو من صدام حسين في الوقت الذي كان يعدم فيه آلاف المعارضين!

هذا من ناحية, ومن ناحية اخرى فإن الفياض عرف بلا مبدئيته وبراغمايته في التنقل بين الكتل والأحزاب فهو تارة ينتمي لتيار الجعفري وأخرى لدولة القانون وثالثة مع الدكتور العبادي ولكنه وحال تحقيق أهدافه الشخصية فإنه يترك القائمة التي ترشح على اكتافها الى مجلس النواب, وكما حصل في آخر انتخابات عندما تخلى عن تحالف النصر وانضم الى دولة القانون حال فوزه بمقعد في مجلس النواب! لكن كتلة البناء وبرغم كل ذلك لا تزال مصرة على ترشيح الفياض لشغل منصب وزير الداخلية متحدية بذلك إرشادات المرجعية الدينية التي دعت الى عدم تسليم المجربين مناصب حكومية فكيف اذا كانوا فاشلين!

وبالمقابل فإن السيد قاسم الأعرجي عرف بكفائته ووطنيته وبوضعه مصلحة العراق اولا نصب عينيه خلال عمله ومنذ ان كان رئيسا للجنة الأمن والدفاع البرلمانية, وطوال مدة عمله في وزارة الداخلية وقد حقق إنجازات كبيرة وخاصة في مجال الأمن وفي وضع خطط ناجحة لمواجهة الإرهاب حتى اشادت بكفائته معظم القيادات السياسية العراقية , فيما جدد رئيس الوزراء السابق الدكتور حيدر العبادي ثقته به عبر إعطائه مهمة إضافية وهي الإشراف على جهاز الأمن الوطني خلفا للفياض. كما وعرف الأعرجي بملاحقته للمجرمين بغض النظر عن إنتمائاتهم السياسية والحزبية سعيا منه لتوطيد الأمن في البلاد, واظهر أنه رجل فوق الإنتماءات الحزبية الضيقه. وشهدت دوائر الجنسية والجوازات المرتبطة بالوزارة تطورا ملموسا في عملها على صعيد السرعة في إنجاز معاملات العراقيين لإصدار الجوازات وهوية الأحوال المدنية وغيرها.

ولذا فلايوجد هناك أي مبرر لإستبدال الأعرجي الناجح بالفياض الفاشل , وإن اصرار كتلة البناء على ترشيح الفياض هي خطوة الى الوراء في عراق اليوم وعودة للإضطراب وغياب الأمن وشيوع الفوضى , كمثل تلك التي نقضت غزلها من بعد قوة إنكاثا!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here