فرسان المعبد الالكتروني

عباس راضي العزاوي

في اوج قوة البعث وسطوته وتحديدا في اوائل الثمانينيات كان هناك رفيق حزبي بدرجة “عضو عامل” معروف في منطقتنا يذوب عشقا في البعث ومبادءه السافلة , كان يتابع بنفسه جميع الاجتماعات الحزبية التي كانت تقام في المدارس ويحرص على حضور الجميع او احضارهم بالقوة والتهديد ومتابعة كل الغائبين ومحاسبتهم, وذلك من فرط حرص الرفيق عبدالله على اتمام مراسيم جميع الاجتماعات وتعيين الاشخاص لحراسة المدارس والمقار الحزبية التي كانت تسمى ” خفارة ” , احد شباب قطاعنا وفي خلوة خاصة سأل هذا الرفيق المناضل والمخلص الذي كنا نعتقد من شدة تعلقه بالحزب وحرصه الشديد بان صدام كان ابيه واما عفلق فامه البايلوجية.

ماذا ستفعل رفيقي ان دخل الايرانيون واحتلوا العراق؟

فاجاب الرفيق بدون تردد ” سألقي الزيتوني ـ اي بدلة الرفاق الرسمية ـ في التنور وارتدي الدشداشة واحمل السبحه واجلس في باب بيتي.

هذا هو الجواب الحقيقي وبدون رتوش , ففكرة الحفاظ على النفس وتجنيبها الضرر تعيش داخل جميع من كان يصفق ويهتف ويطبل للبعث وجرائمة البشعة, ومن حاول ان يرتبط او ارتبط عضويا بالنظام السابق كان تفكيره ايضا يقع ضمن سياق البحث عن منطقة امنه وحماية من الاخر سواء كان الحكومة او المعارض لها وفق نظرية من يمتلك القوة فهو الاولى بالولاء. وكما يقول المثل الشعبي ” الي ياخذ امي ايصير عمي ”

لهذا نجد عموم العراقيين يتوجسون خيفة من سلطة البعث وسلطانه السابق حتى هذه اللحظة لانه يعشعش في نفوسهم وقد تجلى ذلك في الكثير من المواقف والاوقات ونادرا ما نرى ان هناك رجل حر بالمعنى الدقيق للكلمة فالغالبية العظمى عبيد للخوف واسرى الرعب الذي مارسة البعث لاربعين سنة ولكن بنسب متفاوته وان ادعى البعض تمرده بالكلام وبعض التصرفات وماحدث صيف 2014 وكمية الرعب التي غزت نفوس الكثير دليل على كلامي,حتى جاء الحشد ورجالاته الاشداء وازاحوا غيمة البعث الداعشي السوداء بنور اطلالتهم وبريق رصاصهم الذي مزق حجب الخوف والظلام.

فالعراقي في الاعلام والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي غيره في الواقع , فانا هنا على سبيل المثال استطيع ان احارب العالم بمفردي واحرر فلسطين وبيت الله من الوهابية واطارد الشياطين في كل مكان وانتصر من على منصة كيبوردي , واستطيع ان اقدم نفسي فداء للشعب والوطن في مقالة منمقة وجميلة.

اذن من يتبجحون الان ويطلقون الريح النتنة ضد المقاتلين الحقيقين ويسفهون مواقفهم وتضحياتهم الكبيرة بعد ان وضعت الحرب اوزارها او كادت ـ اي ساعة النفاهه ـ هم الفئة التي اقصدها هنا, وبما ان هؤلاء المتشدقون يقبعون خلف اجهزتهم او في فضائياتهم المأجورة فلن نستطيع ان نميز ان كانوا حقا ينطلقون من وطنية فاخرة غصت بها نفوسهم لتخرج متوهجة ومقدامة لتحرير العراق والعالم من ربقة العبودية والذل الازلي. ام انهم مجرد مجموعة رخيصة من المرتزقة يعملون لاجندات خاصة؟.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here