نعم نحن المدافعون عن الديمقراطية

ما بعد عام 2003 ظهرت بقع الخلافات السياسية على سطح العلاقات بين مختلف الاطراف حيث ثبُت بما لا يثير الشكوك ان التحالفات السياسية قبل وحتى بعد سقوط نظام صدام وحزبه الفاشي, كانت اكثر من سطحية وهشة بدليل اصبح الصراع على السلطة في اعلى مستوياته ووصل الى حد التصفية الجسدية في بعض الاحيان خوفاً من أصوات تطالب بحرية التعبير الحقيقية وليس صوريا واعلامياً, وقد تجلّت هذه التصرفات أكثر بعد سقوط نظام الطاغية بين الاحزاب السياسية الاسلامية من جهة ومن الجهة الثانية بين بعض هذه الاحزاب وبين القوى التي تدعو حقا لديمقراطية الحكم والتنافس الشريف في ادارة الدولة وليس احتكارها لحزب او كتلة والتهديد بقطع الرؤوس لكل من يريد ان يتعرض لمسيرتهم( الديمقراطية).
هذا مدخل لمناقشة مقالة السيد مهدي المولى المنشورة على صفحة صوت العراق الالكترونية في 16 تشرين الثاني.المقالة تبدأ بكيل التهم للقوى العلمانية والمدنية الديمقراطية ويضع (اليسارية) اولاً بين قوسين باعتبار انها سبب البلاء في عدم تقدم العملية السياسية في العراق باعتبارها تجربة فريدة بعد حكم الحزب الواحد.
يبدأ السيد المولى مقالته بتبيان سبب انهيار الاتحاد السوفيتي وما (يمسى المنظومة الاشتراكية)هو الفكر الواحد والحزب الحاكم الاوحد ويبدو انه اراد القول بان هذه الامور انعكست على القوى التي هو (يحاكمها) وهو يعنيها دون ان يسميها اليوم بانها لم تترك تلك الافكار ولذلك تعثرت العملية الديمقراطية في العراق.
يقول السيد المولى ان سبب انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية هو(انها متآكلة من داخلها) ولكن لم طرح هذه الامور على الوضع العراقي ان لم يقصد الحزب الشيوعي العراقي عمداً وليس غمزاً دون تسميته؟وشرح باسهاب اسباب ذلك وهو قمع الحريات والديمقراطية وان الشعوب تلك(تواقة للحرية والتخلص من تلك الانظمة),ويقول ان اسباب فشل الدول(ولم يقل الشعوب ) التواقة للديمقراطية ودخولها في حالة فوضى يرجعها الى سببين,أولهما تمكن عبيد وخدم الحزب الحاكم الاوحد من اختراق العملية السياسية…)لكنه يتحاشى ذكر من هو المسؤول الاول عن ارجاع هؤلاء من خدم وعبيد الحزب الحاكم وثانيهما(الشعوب #يذكر الشعوب الان#التي اختارت الديمقراطية لا تملك تجربة ولا ممارسة في التعددية وفي اختيارحكامها),واذا صحّ تقيميه لماذا لم تترك السلطة أو في اقلها ان تتشاور مع دول تحررت شعوبها من (الحزب الواحد) أو مع المحتل الذي أتى بهم ان لم يكن هو من نصبّهم في السلطة لتدمير كل احلام العراقيين؟يشرح السيد المولى الديمقراطية (لاطفال الابتدائية) ويصل الى ان خدم الطغاة هو (خلق العراقيل والعثرات امام اختيار العراقيين….)ولكنه يبتعد متعمداً لماذا وكيف استطاع خدم الطغاة من خلق العراقيل امام التجربة الاسلامية الفريدة من نوعها والتي قال عنها احدهم(منو گلكم بعد نطيها) وآخر قال(نقطع رؤوسهم) وثالث قال(يريدون العلمانيون اسقاط نجاح التجربة الاسلامية) فهل هذه الجُمل التي قالها كبار من يمسكون بالسلطة كان قلة تجربة في التعددية او ممارستها؟
وهنا يصل المولى الى بيت القصيد(ان الكثير من القوى والمنظمات التي تُطلق على نفسها البسارية والعلمانية المدنية الديمقراطية الوقوف سلبيا من المسيرة الديمقراطية والتعددية الفكرية التي اختارتها الشعوب”عن اية شعوب يتكلم ؟”بعد تحريرها بل وقفت موقفاً معادياً وكانت سببا ثالثا في تعثر المسيرة الديمقراطية الجديدة)أقول للسيد مولى عليك ان تكون ديمقراطيا وعلميا وموضوعيا في طرح هذه الامور المغلوطة لان لن يصدقك اكثر الناس أُمية وجهلاً بالسياسة لان من طالب ويطالب بالتعدية الفكرية والديمقراطية ومنذ 2011هي تلك القوى التي قصدها بعد ان اضفت لها قوى اخرى تجميلاً لمقالتك حتى لا تأخذ بمحمل الشك.أن التظاهرات التي قمعها رئيس الوزراء الاسبق بالضرب والتهديد واعتقال البعض وصولاً الى اغتيال الشهيد هادي المهدي وقتل بعض المتظاهرين في البصرة وبابل واعتقال الكثير من الناشطين المدنيين والذي استمر الى عهد سلفه ,وتكميم الافواه ونزول الملثمين مع هراواتهم وعدم تدخل القوى الامنية في منعهم في ضرب المتظاهرين السلميين كل هذا وذاك ادى الى فشل التجربة السياسية الحالية ووصولها الى مستنقع المحاصصة الطائفية والقومية المقيتة وبيع وشراء الذمم والوزارات بملايين الدولارات.يعتقد المولى ان القوى تلك عليها ان(ترمي تلك الملابس القديمة الثورية والانقلاب وعبارات الفكر الواحد…)ليقل للقارئ الكريم اية قوى عراقي علمانية ويسارية(قل شيوعية) تريد ارجاع الفكر الانقلابي وعبارات الفكر الواحد؟ومتى كانت هذه القوى تنوي اخذ الامور من ابطال التجربة الاسلامية بالقوة وبالانقلابات؟لقد كانت فترة عام 1959 افضل واكبر فترة لاستلام السلطة من قبل الشيوعيين في عهد الشهيد عبدالكريم قاسم , وكان الافضل لو فعلت,لكنها لم تفعل, اذا يتذكر المولى هذا الامر فكيف تفعل بافكارها *الانقلابية* الان والسلاح المنتشر بايادي من يتقاتل من اجل السلطة وامتيازاتها باعتبارها تجربة اسلامية بحتة؟ كيف يفعل مثل هذا الحزب انقلابا وهو لا يقبل فكرة الانقلابات لابل لا يملك سلاحا وبشهادة احد الطائفيين بقوله( بان الحزب الشيوعي العراق الوحيد الذي لا يملك ميليشيات), وقد اغفل المولى امرا مهما وهو ان التظاهر السلمي المطلبي ليس انقلابا ولا يحمل افكارا انقلابيا خاصة بالحزب الاوحد واستمرا هذه التظاهرات وانضمام شرائح واسعة من الشعب والمنظمان المدنية والمهنية للتظاهرات السلمية هو احد اسباب اتساع الهوة الكبيرة بين السلطة والشعب وما تراكض القوى الفاسدة في السلطة لتبني شعارات ومطالب الشعب في التظاهرات ايام التحضير للانتخابات الا دليلً واضحا على صحة ما ذهبت اليه تلك الجماهير في التظاهرات المستمرة وفي كل المحافظات مما ادى الى سقوط العشرات والجرحى دون ان تتخذ السلطة اية اجراءات ضد القتلة.ولكن هل القوى اليسارية الديمقراطية المدنية هي من ادت الى احتلال ثلث العراق وسقوط عشرات الاف الشهداء نتيجة دخول داعش الارهابية وتدمير مدن باكملها؟هل تهريب النفط عبر مافيات تابعة لاحزاب في السلطة وبشهادة موالين لها سواء في الاقليم ام في الجنوب اضافة الى الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة واحتلال المنافذ الحدودية من قبل بعض احزاب ما تسمي نفسها اسلامية والحصول على اموال طائلة وبارقام خرافية؟هل بعد كل هذا تدافع, السيد المولى, عن تجربة فشلت بامتياز في توفير ابسط الخدمات وترمي السبب الى القوى التي كررتها اعلاه؟والان يصل السيد المولى الى ان كل هذا ادى بتلك القوى(اليسارية العلمانية والمدنية الديمقراطية) ان تفقد قواها وتأييد الجماهير لها وكان على هذه القوى ان (تكون اول القوى تأييدأ ومناصرة للديمقراطية والتعددية..) وهنا يُغالط نفسه بنفسه حيث ان هذه القوى هى الاكثر ايمانا بالديمقراطية والتعديية الفكرية وهذا ما ادى الى احد اسباب التظاهرات منذ اول انطلاقتها وليومنا هذا وأُضيف ان الحزب الشيوعي العراقي ومنذ العهد الملكي طالب بالحريات والتعددية الحزبية ومروراً باقام حقبة الشهيد عبدالكريم قاسم عندما رفع شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان وقدم آلاف الشهداء وزج بعشرات الآف من الشيوعيين والديمقراطين في السجون من اجل مبادئه وليومنا هذا يُزج بالنشطاء المدنيين الديمقراطيين بالمعتقلات بسبب مطالبتهم بالديمقراطية الحقيقية وحرية التفكير وحرية الصحفيين وهذا قليل من كثير بحق الشيوعيين( اسماهم اليساريين) المدنيين الديمقراطيين العلمانيين كما يوصفهم بسلة واحدة. ولكي لا يكونون فضائيين, القوى التي يكررها, وان يجدوا لهم( حيز في الارض ويكون لهم تأثير مساهما في بناء الوطن) وكأنهم أتوا من كوكب آخر ولم يدعموا خطط بناء الوطن ولكن السيد المولى عليه ان يتذكر من دمر العراق وشعبه وغدا اكثر من 30% من الشعب تحت خط الفقر وترك الاطفال خارج مدراسهم المهلهلة ودون مستوى اكثر الدول فقراً وانتشار الامية بشكل مُفجع وتردي التعليم في ادنى مستوياته وانعدام الكثير من الخدمات مما حدى باحد المعلقين بقوله(الله يخزيكم فقد بيضتم وجه صدام),واخيرا يُعيد السيد المولى كلماته بسؤال(اين موقع القوى العلمانية في الارض أم في الفضاء) اقول له اننا في الارض وتظاهراتنا لن تتوقف مادام هناك تعسف وفساد واختصار الدولة ببضعة عوائل استولت على السلطة بكل مفاصلها وانتشر الفساد المالي والاداري وانظر الى تقرير وزارة الداخلية الاخير كم شهادة تزوير وكم مليار دينار أُختلست ,وليس آخرها فضيحة فاحت رائحتها الكريهة هذا الايام حيث (غرقت) 7 مليارات دينار في 2013 ولم يعلن عنها الا الان…ولولا التزوير الشنيع الذي يرافق الانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات وباعتراف حتى الاحزاب المُزوّرة نفسها لما خسرت الاحزاب الوطنية اليسارية والديمقراطية والمدنية مواقعها في الارض …
د.محمود القبطان
20181116
……………..
الكلمات بين الاقواس والمزدوجين منقولة من مقالة مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here