التفاؤل ..والتشاؤم..وكيف يبقى نصف الكأس مملوءا !!

إقبال الرشيد

من محاسن أقدارنا أن الله أودع الأمل في النفس البشرية ، حين تكفل سبحانه وتعالى بإعادة الحياة الى مسارها الصحيح عندما يواجه الانسان أية عراقيل او انتكاسات خلال مسيرةحياته ، لكي لا (ينكسر) الإنسان أو (تضعف) عزيمته أو ( تخور) .. ويتذكر أن رب العزة يبقى معه في كل الأحوال..وقد قال الله في محكم كتابه (إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون) .. وقال رسول الله أكرم الخلق محمد (ص) : تفاءلوا بالخير تجدوه..

وهناك أقرب مثل الى مشهد التفاؤل والتشاؤم ، يقرب من صورة البشر ونظرتهم الى الأشياء.. فلو أن أحدا أعطاك كأس ماء وأردت التعبير عن حالتك فتقول : انه أعطاني نصف الكأسمملوءا، وجزاه الله خيرا..أما حين تقول بطريقة الاستغراب : أعطاني نصف الكاس فارغا ، فيعني أنك تركت النصف المملوء ولم تستشهد به، لكنك ركزت على النصف الفارغ كجزء من حالة التشاؤم التي تختلج بين اجنحة ونفوس البعض ، ممن لايرى في العطاء القليل ان يكون وسيلة لتجاوزمحنة او مصيبة ، وهناك من يرى في أي عطاء يحصل عليه حتى وان كان قليلا ما يعد فرصة منحها له القدر لكي يتجاوز محنته ..

والنظرة الى الأشياء والى المصاعب والأزمات ، تكاد تكون تفقد بعض البشر قدرتهم على الثبات ، ولهذا ترى علامات الخور واليأس تدب في بعض النفوس ، وكأن الدنيا (أنقلبت) عاليها على سافلها ، ولم يعد هناك في الامكان ان (تنفرج) الأزمات ، أو يتم إيجاد (مخرج) لها..وهنا يذكرنا رب العزة بقوله : “واذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداع اذا دعاني”:..

وتختلف النظرة لدى البشر الى عموم مشاكل الحياة والى مايواجهونه طوال مسيرة حياتهم من عراقيل او معوقات ، فالبعض لديه القدرة على الصبر والتحمل ، وان لديهم يقينا انما من عاصفة ريح هوجاء الا ان تمر وتأتي الليالي الصافية بعدها ، وهناك من يرى في أية غيمة تمر وكأنها ليل دامس، ليس بمقدور المرء ان يرى ضوء الشمس الا بشق الأنفس..وما مرت أيام أو اسابيع او شهور قليلة الا وجاء الفرج وانفتحت أساريره..

حتى النظرة المرعبة للانسان الى الموت وهو يرى أجله ربما قد قرب ، وبخاصة لمن كانت اعمارهم قد تجاوزت الخمسين أو الستين عاما.. فلا يمكن ان ننظر اليها على أن حياتناقد انتهت وما علينا إلا أن نستسلم للاقدار ونبقى نراوح مكاننا، وكأن لاقدرة لدينا على مواصلة الحياة..وهنا علينا أن نتذكر مقولة الامام علي للحياة علي (ع) : “إعمل لدنياك كانك تعيش أبدا وإعمل لآخرتك وكأنك تموت غدا.”. للدلالة على أن الموت وإن كان قدرا آلهيا، فعليناأن لانرى فيه أنه نهاية الحياة..الا عندما يأتي ملك الموت وينتزع وديعة الله في خلقه ، عندها لن يتذكر الانسان انه انتهى بل انه في مواجهة رب العزة في الآخرة..وهو الكفيل به ، بأن يمن عليه من رحمته ما يزيد من علو شأنه ، وهو من يبحث له عن أية (مكرمة) لكي يدخله بهاجناته ، كل حسب عمله و (السيرة الذاتية) التي هي عبارة عن شريط فيلمي يصور كل حركة وكلمة ونوايا ويقدمها للباري ، وهو الكفيل برحمة الله، فقد وسعت رحمته كل شيء..

وعن التفاؤل والتشاؤم أيضا يجدر بنا ان نتذكر قول الشاعر في ذلك :

أَيُّهَذَا الشَّاكِي! وَمَا بِكَ دَاءٌ * * * كَيْفَ تَغْدُو إِذَا غَدَوْتَ عَلِيلا!

إِنَّ شَرَّ الْجُنَاةِ فِي الْأَرْضِ نَفْسٌ * * * تَتَوَخَّى قَبْلَ الرَّحِيلِ الرَّحِيلا

وَتَرَى الشَّوْكَ فِي الْوُرُودِ وَتَعْمَى * * * أَنْ تَرَى فَوْقَهَا النَّدَى إِكْلِيلا

وَالّذِي نَفْسُهُ بِغَيْرِ جَمَالٍ * * * لايَرَى فِي الْحَيَاةِ شَيْئاً جَمِيلا

وعلينا في النهاية أن نضع نصب أعيننا, أن يكون شعارنا قول الله عز وجل في محكم كتابه الكريم : ” وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحبُّواشَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) سورة البقرة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here