في مَفهُومِ المُواطَنَةِ! [القِسمُ الثَّاني]

نـــــــــــــــــــــزار حيدر
ثالثاً؛ العدلُ والمُساواة؛
١/ والذي يتبيَّن من خلالِ وجود القضاء المُستقل غير المُنحاز والنَّزيه غَير الفاسد والمُرتشي.
٢/ عندما تكون المُواطنة والإِنتماء والولاء للوطن هو المعيار الوحيد في القانون والقضاء، ولذلكَ وردت كلمة النَّاس في آية القضاء لأَنَّ العدل للجميعِ بلا تمييز {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} أَمَّا معايير الإِنتماء الدِّيني والمذهبيوالإِثني والعشائري والمناطقي والحزبي فلا يمكنُ أَن تحقِّق العدل والمُساواة في الدَّولةِ والمُجتمع أَبداً!.
لا يمكنُ أَن يحقِّقَ القضاءُ العدلَ إِذا كان القانون غير عادلٍ كأَن يقسِّم النَّاس على أَساس إِنتماءاتهِم وأُصولهِم أَو مدى قربهِم أَو بُعدهِم عن الحاكم والزَّعيم والحزب وما إِلى ذلكَ!.
إِنَّ فلسفة البِعثة تقومُ على أَساس تحقيق العدل والمُساواة كما في قولهِ تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُلِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} فإِذا كان جَوهر البعثة وقيمتها هوَ تحقيقُ العدل والمُساواة، فماذا ستكونُ قيمة الدَّولة وكلَّ أَنظمتها وقوانينها وتشريعاتها إذا لم تحقِّق ذلكَ في المُجتمع؟!.
كما أَنَّ هذا المِعيار يتَّضح في؛
١/ الحقُوق والواجبات، بينَ الحاكِم والمحكوم وبين النَّاسِ أَنفسهُم، فلا يتضخَّم حقٌّ ويضمحلَّ واجبٌ، أَو بالعكس!.
فهل هي ساريةٌ للجميعِ وعلى الجميعِ؟! أَم يتمتَّع بالحقُوق المسؤُول ويتحمَّل المُواطن عبء الواجبات فقط؟!.
هل يتمتَّع المُواطن بحقِّ الأَمن والتَّعليم والصحَّة والسَّكن وتأمين لُقمة العَيش [العمل أَو الإِعانة الإِجتماعيَّة] قبل أَن يُطالَب بواجباتهِ؟!.
هل يتميَّز إِبن الزَّعيم عن أَبناء الغلابة؟! وإِذا مرِضَ فهل يرقُدُ إِلى جانبِ إِبن الفقير في نفسِ المُستشفى؟! وهل يجلسُ على نفس الرَّحلة التي يجلس عليها أَولاد الفُقراء والمعوزين؟!.
هل هو محميٌّ في المنطقةِ الخضراء وإِبنُ الفقيرِ في المنطقةِ الحمراء؟! وهل أَنَّهُ يعاني من فوضى المرور عندما يمرُّ بسيَّارتهِ كبقيَّة النَّاس؟!.
إذا أَردنا أَن نستوعبَ جَوهر الحقُوق والواجبات بشكلٍ صحيحٍ وحقيقيٍّ من دونِ خداعٍ تعالُوا نقرأَ سويَّةً هذا النصِّ العظيم الوارد عن أَميرِ المُؤمنينَ (ع) {أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً بِوِلاَيَةِ أَمْرِكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ مِنَالْحَقِّ مثْلُ الَّذِي لِي عَلَيْكُمْ، فَالْحَقُّ أَوْسَعُ الاَْشْيَاءِ فِي التَّوَاصُفِ، وَأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ، لاَيَجْرِي لاَِحَد إِلاَّ جَرَى عَلَيْهِ، وَلاَ يَجْرِي عَلَيْهِ إِلاَّ جَرَى لَهُ، وَلَوْ كَانَ لاَِحَد أَنْ يَجْرِيَ لَهُ وَلاَ يَجْرِيَعَلَيْهِ، لَكَانَ ذلِكَ خَالِصاً لله سُبْحَانَهُ دُونَ خَلْقِهِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَلِعَدْلِهِ فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْهِ صُرُوفُ قَضَائِهِ، وَلكِنَّهُ جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَالثَّوَابِ تَفَضُّلاً مِنْهُ، وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ}.
ويضيفُ (ع) {وَأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ ـ سُبْحَانَهُ ـ مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَحَقُّ الرَّعِيَّةِ، عَلَى الْوَالِي، فَرِيضةً فَرَضَهَا اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ لِكُلّ عَلَى كُلّ، فَجَعَلَهَا نِظَاماً لاُِلْفَتِهِمْ، وَعِزّاًلِدِينِهِمْ، فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلاَّ بِصَلاَحِ الْوُلاَةِ، وَلاَ تَصْلُحُ الْوُلاَةُ إِلاَّ بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ.
فَإِذا أَدَّتِ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّهُ، وَأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا، عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ، وَقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ، وَاعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ، وَجَرَتْ عَلَى أَذْلاَلِهَا السُّنَنُ، فَصَلَحَ بِذلِكَ الزَّمَانُ، وَطُمِعَفِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ، وَيَئِسَتْ مَطَامِعُ الاَْعْدَاءِ.
وَإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِهِ، اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الْكَلِمَةُ، وَظَهَرَتْ مَعَالِمُ الْجَوْرِ، وَكَثُرَ الاِْدْغَالُ فِي الدِّينِ، وَتُرِكَتْ مَحَاجُّ السُّنَنِ، فَعُمِلَ بِالْهَوَى، وَعُطِّلَتِ الاَْحْكَامُ،وَكَثُرَتْ عِلَلُ النُّفُوسِ، فَلاَ يُسْتَوْحَشُ لِعَظِيمِ حَقٍّ عُطِّلَ، وَلاَ لِعَظِيمِ بَاطِل فُعِلَ! فَهُنَالِكَ تَذِلُّ الاَْبْرَارُ، وَتَعِزُّ الاَْشْرَارُ، وَتَعْظُمُ تَبِعَاتُ اللهِ عِنْدَ الْعِبَادِ}.
هذا يعني أَنَّ أَيَّ خللٍ في ميزانِ الحقُوق والواجبات المُتبادَلة يختلُّ بسببهِ النِّظام فلا يُرتجى منه العدل ولا يأمل منهُ الإِستمرار!.
وهذا هوَ الواقعُ المر الذي نعيشهُ؛ حقوقٌ متنمِّرةٌ ومتغوِّلةٌ للمسؤُول وواجباتٌ مضخَّمةٌ على المُواطن!.
٢٠ تشرِينُ الثَّاني ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here